ما هو العلاج النفسي الجسمي؟

العلاج النفسي الجسمي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يعمل العلاج النفسي الجسمي على علاج النفس وتحرير العواطف العميقة من خلال الجسد، ويستند هذا النهج العلاجي إلى المبدأ الذي وضعه الطبيب النمساوي وعالم النفس فيلهلم رايش؛ الذي يرى أن الذكريات المؤلمة التي نكبتها في اللاوعي تُسجَّل في أجسادنا، وتشكل ما سمّاه “الدرع العضلي” لدينا.
ويتضمن العلاج النفسي الجسمي التناوب بين التعبير اللفظي عن المشاعر، والعلاجات الجسدية؛ كممارسة الاسترخاء، والتنفيس العاطفي، والتدليك العلاجي، ومن خلال هذه التقنيات يمكننا معرفة أهمية إعادة الاتصال مع الجسد، وفهم معاني الأعراض الجسدية التي قد نعاني منها.

تاريخ العلاج النفسي الجسمي

يضع النهج اللفظي للتحليل النفسي دور الجسد جانباً. وعلى الرغم من ذلك، فقد أدرك بعض تلاميذ المدرسة الفرويدية؛ مثل رايش، وجروديك، وأوتو رانك؛ والذين أثاروا الجدل في ذلك الوقت، أهمية دور الجسد في العلاج النفسي، وهو مفهوم لم يتم التطرق إليه حتى أوائل ستينيات القرن الماضي؛ خلال موجة الهيبيز الكبيرة، وحركة التحرر الجنسي التي رافقتها.

وخلال ذلك الوقت؛ قرر عدد من المعالجين النفسيين في الولايات المتحدة الأميركية، الابتعاد عن أسلوب التحليل النفسي الفرويدي من ناحية، وعلم النفس السلوكي -الذي يركز أكثر من اللازم على دراسة السلوك- من ناحية أخرى.

على الساحل الغربي؛ تحديداً في معهد “إيسالين” (Essalen)، وضع الرواد أسس علاجات جديدة للجسم والعقل، تقوم على الاتصال بالأسس البيولوجية للحياة، ومتعة الوجود الجسدي، وهكذا طوّر ألكسندر لوين أسلوب العلاج بالطاقة الحيوية.

مبدأ العلاج النفسي الجسمي

على عكس الأساليب القائمة على التبادل اللفظي بين المعالج والمريض؛ يعتبر نهج العلاج النفسي الجسمي الجسد ولغته، بوابة الإنسان نحو التمتع بالرفاهة النفسية.

وتستند العلاجات النفسية الجسمية بمجملها إلى نظرية فيلهلم رايش؛ والتي بموجبها تكون المشاعر المكبوتة مصحوبةً دائماً بتوتر في عضلات الجسم؛ وهو ما سمّاه “الدرع العضلي الجسدي”.

وبينما اعتدنا على إساءة معاملة جسدنا والتحكم فيه بغية تكوين صورة نختبئ وراءها، فإن جسدنا هذا نفسه يعبر عن آلامنا العاطفية. وتعمل العديد من العلاجات النفسية الجسمية على دمج هذه الفكرة في ممارساتها؛ التي تتمحور حول علاج المشكلات النفسية من خلال تخفيف التوترات الجسدية.

تستخدم بعض العلاجات النفسية الجسمية أسلوب الكلام، ويعمل بعضها الآخر على تحفيز وعي المريض من خلال الحركة، أو الاسترخاء، أو حتى التدليك.

مسار جلسة العلاج النفسي الجسمي

يختلف مسار جلسات العلاج النفسي الجسمي من تيار إلى آخر، وفيما يلي أبرز الاتجاهات الرئيسة المتبعة:

الطريقة اللفظية

تشمل هذه الطريقة استخدام أساليب علاجية مثل التحليل السفرولوجي، وعلاج الغشطالت، والعلاج بالطاقة الحيوية، وغيرها، وهي تُمثل طريقةً لفظيةً بديلةً للتعبير عن المشاعر، وتهدف إلى علاج الجسم باستخدام تقنيات متنوعة مثل الاسترخاء، وتقمص الأدوار أو التنفيس العاطفي، وتعمل على تحديث تجارب المريض التي قد لا تظهر في أسلوب التحليل النفسي التقليدي، إضافةً إلى تصحيح علاقة النفس بالجسد.

تمارين الجمباز العام

يُظهر الجسد الكثير حول علاقتنا بأنفسنا ونظرة الآخرين لنا، وتتيح لنا ممارسة تمارين الجمباز العام؛ بما في ذلك العلاج بالرقص، وطريقة فليدينكريس، وإيتوني، وغيرها، إدراك أحاسيسنا من خلال الوضعيات والإيماءات التي تتخلل هذه التمارين؛ ما يتيح التخلص من التوترات الجسدية وصولاً إلى إزالة العوائق النفسية في الوقت ذاته.

الاسترخاء

سواء كنت تمارس الاسترخاء بطريقة التحفيز الذاتي لشولتز، أو طريقة استرخاء العضلات التدريجي لجاكوبسون، فإن كلاً من هذه التقنيات تتيح لك الوصول بسرعة إلى حالة الاسترخاء الجسدي والذهني معاً؛ من خلال العمل على إرخاء العضلات والأوعية الدموية.

تتمحور هذه الآلية حول تركيز المرء انتباهه على صورة ذهنية (مكان هادئ)، وأحاسيس جسدية (كالسخونة والتوتر)، ثم اتخاذ مسافة من المشاعر المزعجة.

التدليك النفسي

لم يتم التعرف إلى التأثيرات العلاجية للّمس إلا بعد ظهور تقنية “رولفينغ”؛ أول تقنية تدليك “نفسي”، في خمسينيات القرن الماضي. تعتمد هذه التقنية على العمل المتعمق على اللفافات؛ هذه الأغشية الدقيقة التي تغلف العضلات والأعضاء، وتسمح باستكشاف العلاقة بين الأعراض الجسدية والنفسية، والعمل على تجاوز العوائق العاطفية من خلال ذلك.

مَن يستخدم هذه العلاجات؟

تُعتبر العلاجات النفسية الجسمية؛ بما فيها تلك التي تعتمد على التبادل اللفظي، مناسِبةً للأشخاص المعرضين للاكتئاب، أو الذين يتطلعون ببساطة إلى استعادة توازنهم العاطفي.

يُنصح بتقنيات الاسترخاء للأشخاص الحساسين للتوتر، والذين يبحثون عن شعور فوري بالراحة، كما أن هذه التقنيات فعّالة أيضاً في حالة الرهاب.

أما علاجات الحركة فهي فعّالة في حال وجود أعراض جسدية؛ بما في ذلك آلام الظهر والصداع النصفي، وكذلك نقص الرغبة الجنسية. وتتميز تقنيات التدليك بتأثيرها في ناحية وعي المرء بوحدة جسده، وتناغمه معه بطريقة أفضل.

تكلفة الجلسات ومدتها

تستغرق جلسة العلاج النفسي الجسمي حوالي 50 دقيقة، وتُعد معظم الطرق علاجات قصيرة المدة؛ إذ يستغرق الأمر ما بين 5 و20 جلسة حتى تكون فعّالة، وتبلغ تكلفة الجلسة ما بين 50 و100 يورو حسب الطريقة المستخدمة.

المحتوى محمي !!