كيف نتغلب على مخاوفنا من البحر؟

4 دقائق
البحر

هل عملية الغطس في البحر أو السباحة "دون أن يغمر الماء الرأس" من الأمور المحببة والبسيطة التي يقوم بها المصطاف في البحر أم دليل على شيء آخر؟ غالباً ما تخفي هذه المواقف تخوفاً واعياً إلى حد ما تجاه البحر. فيما يلي بعض التجارب المستوحاة من العلاج المائي للشعور بالسعادة في الماء.
تقول أسماء ذات الـ 43 عاماً: "أنا الوحيدة التي أسبح وأستمتع بالسباحة على الصدر والقيام ببعض التمارين كل صيف عندما أنضم إلى عائلتي في مرسيليا". أصيبت والدة أميرة بصدمة وهي في عمر الـ 11 عاماً؛ حيث ألقى بها أحد رجال الإنقاذ في المسبح صارخاً أن ابنها ذا الإعاقة أصبح قادراً على السباحة! ولقد فقد والدها السبّاح طعم السباحة منذ أن كان يبلغ من العمر 20 عاماً. أما بالنسبة لأخيها فدائماً ما يكون الماء بارداً جداً بالنسبة له؛ تماماً مثل غالبية المصطافين الذين يتخبطون على الشاطئ لتلمس المياه الباردة أطرافهم أو يشاهدون الأطفال وهم يدخلون الماء بأقدامهم الصغيرة.

استراتيجيات تجنّب الخطر

لا تؤمن مختصة العلاج المائي كاثرين بوكيه-بروتو بالكسل الصيفي. وتقول في هذا السياق: "هذه استراتيجيات تجنب. وعلى الرغم من أن الناس لا يتعرفون على هذا الرهاب فإن أجسادهم تتيبس بمجرد أن تضربهم الموجة، ثم سرعان ما يشعرون بالإحباط".

ووفقاً لها؛ حتى السباحون الماهرون تزعجهم ضخامة المحيط وأعماق الماء غير المرئية، فهم لا يشعرون بالراحة بنسبة 100%. إن الخطر الكامن في هذه الكتلة المائية القوية التي لا يمكن السيطرة عليها (تسونامي، حطام السفن، وحوش البحر) والمحفورة في اللاوعي الجماعي، تضعفنا جميعاً".

يصاحب رهاب البحر خوف ممل وهو انعكاس لرمزيّة التنقل بين الحياة والموت. حسب المحللة النفسية شانتال ميليت: "أولئك الذين يرفضون وضع رؤوسهم تحت الماء أو تنفرهم فكرة لمس الأعشاب البحرية ما زالوا يشعرون وكأنهم داخل رحم أمهاتهم. لكن ماذا يوجد في الرحم؛ أطفال آخرون وعضو الأب كما حددته المحللة النفسية ميلاني كلاين؟ كيف دخلنا إلى رحم أمهاتنا وكيف خرجنا منه؟

هؤلاء الكبار يتعايشون مع الطفل المذعور الذي نسوا أنه لم يكن موجوداً. بالنسبة لهم فالغوص في البحر (الأم) يعني الموت. يمكن أن يأتي ترددنا أيضاً من أول اتصال مائي غير سار، لا سيما إذا كانت أمهاتنا تحممنا وكأنها تقوم بمهمة يجب إنجازها بدلاً عن مشاركة عملية متبادلة بين الأم وابنها أو نصائح أحد الوالدين "المصاب برهاب الماء" الذي تجعلنا توصياته السلبية (لا تذهب بعيداً جداً، ستغرق) خائفين. ولكن لا ننسى أيضاً الذكريات المؤلمة: القفز على عمود المنقذ وحادث الماء المغلي والاستحمام البارد التأديبي.

الخوف من الخوف!

إذا كان الشعور بالذعر من سمات الرهاب، فإن الإحراج البسيط يمكن أن يسبب "الخوف من الخوف". إذاً كيف يمكن استعادة الثقة الكافية للاستحمام بسرور؟ أولاً من خلال مراقبة عواطفك للتعرف إلى عوائق التي تعترضك، ثم من خلال تجربة نهج إيجابي على غرار التمارين المرحة. تنصح كاثرين بوكيه-بروتو: "تخلَّ عما لا يمكنك تحقيقه وافعل ما يجعلك تشعر بالراحة وإلا فإن أفكارك المقيدة سوف تقيدك".

الاسترخاء في الصيف هو نقطة انطلاق مثالية لإعادة استثمار جسمك في المياه. إن مسايرة الأمواج تهدئ وتزيد من الشهوانية وتسمح لك بمشاركة لحظات الفرح مع أحبائك. لكن "إعادة" تعلم السباحة تتعلق أيضاً بقبول ماضيك والتقدم.

توضح شانتال ماييه: "ليس بالضرورة أن يكون الذين يحبون السباحة متعلقين بأحضان أمهاتهم ولكنهم يبحثون عن متعة استكشاف البيئات الأخرى، وهذا من أعظم مباهج الطفولة. علاوةً على ذلك تأتي كلمة "السباحة" من الكلمة اللاتينية "نافيغار" (Navigare) التي تعني "السفر من خلال البحر".

نصائح لدخول الماء

1. تعلّم التنفس تحت الماء

يكره بعض الناس ملامسة الماء لوجوههم أو وجود الماء في أنوفهم وآذانهم أو يخشون شرب مياه البحر، لا سيما إذا كانوا لا يعرفون كيفية الزفير تحت الماء. وفقاً للمعالجين؛ تشير هذه المخاوف إلى عملية الولادة؛ الحبل السري حول الرقبة واستنشاق السائل الأمنيوسي.

تلاحظ المحللة النفسية شانتال ماييه: "أن تغمر رأسك في الماء سيكون مثل القيام بهذه الرحلة الخانقة رأساً على عقب". يعكس الاستحمام الجزئي أيضاً الحاجة إلى تجنب الاندماج التام مع عنصر يُعتبر عدواً! الحل الوحيد: تعلّم التنفس المائي.

كيف يكون ذلك؟ من خلال الاستنشاق عبر الفم والزفير عن طريق الأنف. تدرب على أخذ الهواء من خلال فمك ثم تبنَّ تقنية التمساح. اغمر فمك وانفخ في الماء واصنع صوتاً. بإمكانك الغوص من خلال الأنف والزفير من خلال فتحتيّ الأنف (الفم مغلق). ثم ارتدِ نظارات السباحة واستنشق وقم بالزفير من أنفك وأنت تخفض نظرك تحت الماء.

2. تجرّأ على لمس قاع البحر

يتحدث الكثيرون عن خوفهم من الانجرار إلى القاع. كما أن التعرض للانتفاخ أو الانجراف دون معرفة كيفية إنقاذ الموقف يمثل حالة من الذعر أيضاً. ويشهد رد الفعل هذا على الحاجة إلى البقاء مسيطراً على النفس واللجوء إلى الإحساس المطمئن وكأنك في الحمام؛ حيث يكون للمرء أقدام بدلاً عن السباحة.

ومع ذلك، تؤكد شانتال ماييه أن: "مغادرة الأرض الثابتة تعني التخلي عن المشي. إنها حركة شبيهة بالخطوة الحقيقية الأولى في استقلالية الطفل". لكي تسبح يجب عليك إعادة الاتصال مع عدم التوازن وإدراك أنه من الممكن التحرك أثناء الاستلقاء.

كيف يكون ذلك؟ على عمق 20 سنتيمتراً من الماء، استند على يديك واستلقِ على بطنك. اترك يداً واحدة تطفو على الماء ثم دع يديك الاثنتين تطفوان. يمكنك أيضاً التشبث بصخرة أو شخص تثق به. حاول التقاط حصاة من قاع الماء، وإذا ارتفع الجسد فهذه علامة على أنه لا يتدفق أفقياً! لكن الاستغناء عن القيام بهذا التصرف ينطوي أيضاً على الرغبة في اللعب، فالرقص والقفز والكرة الطائرة المائية يزعزعون الاستقرار ويسمحون للجسم بتسجيل ردود الفعل لاستعادة التوازن.

3. تجنّب الغرق في البحر أثناء السباحة

يفقد البعض الثقة في قدراتهم خوفاً من التعب. لاحظ المنقذ ومؤلف كتاب "السباحة: لقاء مع الخيال" (Nager, une rencontre avec l’imaginaire) أود لوغراند-بيريو، الكثير من السباحين يستنفذون طاقتهم ولا يعرفون كيفية إعادة توازنهم في الماء". نحن أيضاً ضحايا تمثيل متناقض للسباحة وخطير ولكنه يجنبنا الغرق! يكفيك مستوى متوسط ​​في سباحة الصدر أو الظهر للابتعاد قليلا عن الشاطئ، لا سيما عند الحصول على التنفس المائي.

كيف يكون ذلك؟ اجعل السباحة لعبة مثيرة. أبطئ من حركاتك للانزلاق على الماء. اسبح بين نقطتين عن طريق عد ضرباتك للماء وخفضها مع كل رحلة ذهاباً وإياباً، أو ركز على ساقيك والتنفس. تدرب أيضاً على وضعية البقاء على قيد الحياة: ضع اللوح الخشبي على ظهرك أو الدواسة وأنت جالس بينما تستعيد توازنك من خلال يديك.

4. تقبّل أعشاب البحر

تسبب فكرة رعي الأسماك أو الأعشاب البحرية اشمئزازاً حقيقياً لدى بعض الناس، كما يصاب آخرون بالذعر. بالإضافة إلى ذلك؛ يشعر الشخص الذي يرتدي ملابس السباحة التي تجعله شبه عارٍ بالخوف من أن يكون فريسة لحيوان مفترس.

وفقاً لفرضية المحلل النفسي ساندور فيرينزي؛ يعيد الرجل اكتشاف أصول المحيطات البعيدة خلال حياته داخل الرحم. من خلال تردده على "أسلافه" من الأسماك سيكون عنده تراجع مزدوج. للتغلب على ردود الفعل السلبية هذه دعونا نتعرف إلى عالم الصمت.

كيف يكون ذلك؟ من خلال العمل على حواسه. مع استعمال نظارات السباحة ستتتتأمّل اللمعان والألوان وحركات الأسماك التي تهرب خوفاً من أدنى حركاتنا. استمع إلى الأصوات تحت الماء (صوت، موسيقى مكتومة). ارفع رأسك عن الماء لشم الروائح المعالجة باليود والمنشطة ثم تجرأ على لمس الصخور اللزجة أو الأعشاب البحرية تدريجياً. ستجد أن العملية لا تسبب الأذى!

اقرأ أيضاً: رهاب البحر أو الثلاسوفوبيا: أعراضه وطرق علاجه

المحتوى محمي