كيف تتعامل المرأة مع آلام الولادة؟

آلام الولادة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لا شك في أن الولادة تأتي مصحوبة ببعض الآلام؛ ولكن لا بد أن نعي أن هذه الآلام تختلف من امرأة إلى أخرى لأن الألم أمر نسبي، وما يستطيع البعض تحمُّله قد لا يطيقه البعض الآخر. فهناك نساء يلدن أطفالهن دون معاناة ودون الحاجة إلى أي أدوية. تتعرّض المرأة في أثناء الولادة لآلام مبرحة وشديدة العنف قد تكون مصحوبة بمشاعر غير عادية. فكيف تتعاملين مع هذا الموقف؟ وعندما تبدأ آلام الولادة كيف تتقبلين الأمر؟

تشعر الحوامل بتقلصات ملحوظة عند انقباض عضلات الرحم مُؤذنةً ببداية المخاض واستعداداً لفتح عنق الرحم. علاوة على ذلك، إذا لم تشعر الأم الحامل بتقلص رحمها، فلن تعرف أن المخاض قد بدأ بعد. لكن هذه التقلصات والانقباضات لا تولِّد عادة آلاماً مبرحة على النحو المُتصوَّر لدى البعض، وعندما تزداد حدة الانقباضات فإن كيس الماء قد ينفجر في بعض الأحيان، وقد تظهر آلام الولادة في وقت مبكر نسبياً، مع اختلاف مستوى حدتها.

لا شك في أن الولادة تأتي مصحوبة ببعض الآلام؛ ولكن لا بد أن نعي أن هذه الآلام تختلف من امرأة إلى أخرى لأن الألم أمر نسبي، وما يستطيع البعض تحمُّله قد لا يطيقه البعض الآخر. كما أن إحساس المرأة بألم الولادة يعتمد على المتاعب التي تعرّضت لها ومدى شعورها بالخوف والتوتر وتجاربها السابقة، وما إلى ذلك. ونجد نساء يلدن أطفالهن دون معاناة ودون الحاجة إلى أي أدوية، في حين أنكِ قد تجدين نساء أخريات يعانين آلاماً مبرحة ويشعرن بأن الألم يعذّبهن وبأنهن يحتجن إلى التخدير لإتمام عملية الولادة، وتتفاوت درجات الألم ما بين هذا وذاك.

اختلاف مستويات الألم طوال فترة المخاض

يختلف الإحساس بالألم من امرأة إلى أخرى على نحو ما أشرنا إليه سالفاً؛ كما أنه يختلف لدى المرأة نفسها حسب وقت الولادة. وفي أثناء تمدد عنق الرحم، تشعر المرأة الحامل بآلام متقطعة تتوافق مع انقباضات الرحم لحظة بلحظة، وعند توقُّف الانقباضات فإن الألم قد يختفي تماماً أو يقل؛ ما يجعل المرأة الحامل تلتقط أنفاسها وتشعر ببعض الراحة. وفي أثناء الطلق، لا يكون الألم ناتجاً من انقباضات عنق الرحم؛ ولكنه يحدث بسبب تمدد منطقة العجان (المنطقة الواقعة بين فتحة الشرج والمهبل عند المرأة) والفرج، ويستمر هذا الألم بعد ذلك بشكل أو بآخر حتى ولادة الطفل؛ ولكنه يستمر لفترة وجيزة لأن هذه المرحلة قصيرة بطبيعتها. ويجد بعض النساء أن آلام هذا التمدد لا تُطاق بينما يجدها البعض الآخر “مثل تفتُّح الزهرة”؛ هذا ما قالته لنا عدة أمهات كنا قد أجرينا معهن مقابلات شخصية لوصف لحظة ولادة أطفالهن لكن نعود ونؤكد أن ثمة فوارق دقيقة بين هذين النقيضين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الجسم يفرز خلال الولادة هرمونات إندورفين بيتا التي تقلل الإحساس بالألم لكن التوتر والشعور بالخوف والتعب يُفسدون أثر هذه الهرمونات. وعلى العكس من ذلك، فإن أي شيء يبعث على الشعور بالطمأنينة لدى المرأة الحامل ويجعلها تشعر بالراحة سيعزّز مفعول هذه الهرمونات، وإذا شعرت المرأة بالثقة في الفريق الطبي الذي يعتني بأمرها فسيكون الألم أقل حدة.

اختلاف أساليب التفاعل مع الألم بين امرأة وأخرى

قد يحدث الشعور بالألم أيضاً بسبب عوامل عضوية تشريحية، فقد يأخذ رأس الطفل في بعض الحالات اتجاهاً خاطئاً في الحوض بحيث يسبب ألماً في أسفل الظهر يصعب تحمُّله مقارنةً بالألم العادي (وهذا ما يُسمّى “ولادة الكُلى”). في الواقع، من الصعب جداً تحديد مقدار الألم ومدى شعور الأم به، فهناك نساء يلزمن الصمت التام ولا يقلن شيئاً في أثناء الولادة ولكنهن يشتكين في اليوم التالي من أنهن يعانين آلاماً مبرحة، في حين تأخذ نساء أخريات في الصراخ والعويل ويقسمن بأغلظ الأيمان أنهن لن يلدن ثانيةً؛ لكنهن يوضحن لاحقاً أنهن لم يعانين كثيراً في واقع الأمر وأنهن يرحبن بإنجاب طفل آخر.

علاوة على ذلك، فإن هناك أمهات كنّ يرغبن في الصراخ بأعلى أصواتهن ولكنهن لم يجرؤن على ذلك. صحيحٌ أن هذا قد يخيف أماً حاملاً أخرى على وشك الولادة لكنه قد يصيب الفريق الطبي أيضاً بالإرباك، وفي حين أن البكاء ليس بالضرورة تعبيراً عن الشعور بآلام مبرحة، فقد يكون أيضاً وسيلة للتخفيف من حدة الشعور بالتوتر المفرط.

وأخيراً، فهناك نساء يدعمن انقباضات عنق الرحم بقوة، فيواصلن الطلق دون ذعر ويلدن أطفالهن، ليس دون الشعور بأي شيء ولكن دون الشعور بآلام مبرحة ودون تخدير.

كيف تتعاملين مع آلام الولادة؟

تتعرّض المرأة في أثناء الولادة لآلام مبرحة وشديدة العنف قد تكون مصحوبة بمشاعر غير عادية. فكيف تتعاملين مع هذا الموقف؟ وعندما يبدأ الألم، سواء كان مبرحاً أو محتملاً، فكيف نتقبله أو نحد منه أو حتى نتخلص منه نهائياً؟

تعتمد النساء الحوامل في المقام الأول على الأدوية والتخدير فوق الجافية أو ما يُعرف باسم “إبرة الظهر عند الولادة”، حتى لو كانت هناك أدوية أخرى مسكنة للألم. وقد يعتمدن أيضاً على الاستعداد النفسي والجسدي، لأن درجة الألم تتحدد أيضاً وفق مستوى التخوف واحترافية الفريق الطبي المرافق ووضعية الجنين في رحم الأم قُبيل المخاض.

وهناك بعض أمهات المستقبل اللاتي يعتقدن أنهن لا يحتجن إلى أي استعدادات عند التخطيط للولادة القيصرية أو أن التخدير فوق الجافية سهل المنال في جناح الولادة الذي اخترنه بعناية، وإنه لأمر مخزٍ لأن الاستعدادات تعالج الكثير من النقاط الأخرى بخلاف تلك المتعلقة بالألم وكيفية التغلب عليه. علاوة على ذلك، فإننا نتحدث اليوم بكثرة عن الاستعداد للولادة والمسؤوليات التربوية، وتركز الجلسات بشكل كبير على استقبال المولود الجديد، والروابط الأولى بين الوالدين ومولودهما، وأي صعوبات في بناء هذه الروابط والمساعدة التي يمكن تقديمها بعد ذلك.

المحتوى محمي !!