تؤثرّ الغيرة على العلاقات كافة ما يعني أن علاقات العمل ليست اسثناءاً. ربما تظهر الغيرة في علاقات العمل على شكل "زميل العمل الغيور" أو بأشكال مختلفة عن تلك التي تُختَبَر في العلاقات الشخصية، لكنها تؤدي أيضاً إلى عواقب غير محمودة على الصحة النفسية، بالإضافة إلى التأثير على الكفاءة في العمل والرضا الوظيفي.
عادةً ما يتم الخلط بين الغيرة والحسد، فكلاهما مرتبط بالآخر؛ فالحسد غالباً ما ينبع من الشعور بالغيرة في المقام الأول لامتلاك أحد المنافسين صفات أو امتيازات أو إنجازات نريدها لأنفسنا.
في بعض الأحيان، قد تكون تلك الغيرة خادعة، فعلى الرغم من أن آثار مثل هذه الأوهام حقيقية بالنسبة للطرف الغيور، وغالباً ما تكون استباقية، فإنها قد تكون مُبالَغاً فيها وغير واقعية.
في دراسة صينية قام بها باحثون من جامعة "تونغجي" ومدرسة الأعمال الدولية الصينية الأوروبية (CEIBS)، بشنغهاي، لتقييم آثار الغيرة على الفرد الغيور والطرف الآخر، أشارت النتائج إلى أن ذلك الشعور بالغيرة يمكن أن يقلل من احترام الذات ويضر بالثقة بالنفس. كذلك، فهي يمكن أن تعيق التواصل الفعّال مع زملاء العمل، وتؤدي إلى تفسيرات سلوكية خاطئة، وتحرّض على السلوكيات السلبية.
أسباب الغيرة في بيئة العمل
تُعتبر الغيرة عاطفة معقدة، تتراوح في شدتها بين شخص وآخر وعلاقة وأخرى. تشتعل الغيرة عندما يكون هناك تهديد حقيقي أو مُتصوَّر، ويصاحبها مشاعر سلبية أخرى كالاستياء والغضب والعداء.
يمكن أن تحدث الغيرة في مكان العمل عندما يشعر أحد أفراد فريق العمل بالقلق بشأن قدرات موظف آخر. ليس من الضروري أن يكون الموظف صاحب تلك القدرات يتعامل بفوقية، لكن الغيرة قد تنبع لدى الآخر لأنه يجد هذا الموظف مصدراً للتهديد.
كذلك، فهناك عدد من الأسباب الأخرى التي تجعل موظف ما يشعر بالغيرة والاستياء تجاه عضو آخر في الفريق، وفقاً لروبرت جونز، المتخصص في مجال الاقتصاد والأعمال، وهي:
1- الحصول على ترقيات: إذا تلقى أعضاء الفريق الذين لديهم نفس الأداء الوظيفي والمتطلبات ترقية أو زيادة على الآخر، فقد يتسبب ذلك في الشعور بالظلم أو الاستياء أو الغيرة.
2- تلقي القليل من مدح أداء العمل: قد يتلقى بعض الموظفين تقديراً أكثر من غيرهم للتعامل مع المهام أو حل المشكلات. يمكن أن يؤدي ذلك الثناء إلى شعور الموظف الآخر بالتقليل من تقدير عمله الذي خُصص له.
3- الحصول على مهام عمل مفضلة: قد يشعر الموظفون أنهم لا يتلقون معاملة عادلة إذا تلقى الآخرون مهام عمل أكثر إمتاعاً أو تحتوي على مهام تتشارك مع تفضيلاتهم أو اهتماماتهم الشخصية.
8 نصائح للتعامل مع زميل العمل الغيور
في بعض الأحيان، قد يكون وجود زميل العمل الغيور أمراً لا مفر منه. للتعامل باحترافية ومهنية مع هذا الزميل والحفاظ على بيئة عمل إيجابية وتعاونية، إليك هذه النصائح وفقاً لموقع "تايمز أوف إنديا" (Times of India):
1- قم بأداء عملك جيداً: عندما يرى زميل عملك الغيور أنك تقوم بعملك جيداً وتحصل على تقدير مديريك واحترام الآخرين، سيتراجع في النهاية عن محاولة مضايقتك بكلامه وأفعاله. ربما يحتاج ذلك إلى بعض الوقت، لكنه سيكون مجدياً على المدى الطويل.
2- التجاهل: إن مواجهة وإخبار زميل العمل الغيور بمدى تأثير سلوكه على عملك قد يأتي بنتائج عكسية لأن هؤلاء الأشخاص يميلون لافتعال المشكلات، وعندما يحصلون على تأكيد واضح أن سلوكهم يزعجك، فإن ذلك سيجعلهم أكثر سعادة وعزماً على مواصلة ما يفعلونه.
3- توثيق عملك: وثِّق كل شيء لأن ذلك الشخص الغيور دائماً ما يريد أن تبدو سيئاً أمام الآخرين، وخاصة رئيسك في العمل. حتى لو فعلت كل شيء بشكل مثالي، فيمكنه دائماً التلاعب بالحقيقة. لذلك، يعد توثيق عملك أمراً مهماً للغاية.
4- كوِّن صداقات مع زملاء آخرين وابحث عن حليف: أحد الدوافع الرئيسة للزملاء الغيورين هو تنفيرك من الآخرين وتنفير الآخرين منك حتى لا تحصل على مساعدة أو دعم منهم وقت الحاجة. لذلك، من المهم أن يكون لديك أصدقاء في مكان العمل من فريقك، وكذلك حاول تكوين صداقات من فرق العمل الأخرى.
5- ضع أهدافاً احترافية: قد يكون من الأسهل عليك تجاهل الأفعال السلبية لزملاء العمل الغيورين إذا تمكّنت من تحديد أهداف مهنية خاصة بك والتركيز عليها.
6- احصل على دعم واحترام الآخرين: كن إيجابياً في جميع الأوقات حتى حول زملاء العمل الغيورين. حاول إيجاد طرق لتحويل المواقف السلبية إلى مواقف إيجابية عندما تبدو تلك المواقف مُحبِطة.
7- الاستماع إلى الآخرين: قد يشعر بعض زملاء العمل بالغيرة لأنهم يشعرون أنهم لا يحققون إنجازاً أو لا يتلقون التقدير الكافي من الإدارة أو أعضاء الفريق. فالاستماع الجيد لهم يمنحهم شعوراً بالمساعدة والدعم ويمنحك الفرصة لفهم سبب تصرفاتهم.
8- شاركهم إنجازاتهم: إذا لاحظت أن موظفاً يحقق إنجازات بارزة وأهدافاً جيدة، حاول أن تذكر ذلك أمام الآخرين. هذا يجعلهم يشعرون بالفخر والتقدير لإنجازاتهم.
إن علاقات بيئة العمل من الممكن أن تكون داعمة أو ذات تأثير سلبي؛ في كلتا الحالتين، عليك أن تظل إيجابياً وتتعامل بمهنية لمنع أو تقليل آثارها السلبية. كذلك، فالتعامل مع الغيرة في مكان العمل بشكل إيجابي هو أمر مهم حقاً، يبدأ بفهم مصدر تلك الغيرة وأسبابها لمعرفة الطريقة المثلى للتعامل معها.