ملخص: لا يعني الشعور بالملل في العلاقة الزوجية أن مصيرها الفشل؛ إذ يمكن من خلال فهم أسباب الملل الزوجي واتباع بعض الاستراتيجيات الفعالة، تجديد العاطفة وإعادة الحياة إلى علاقة رتيبة، وإليك كيفية تحقيق ذلك.
محتويات المقال
يُقال إن الزواج في البداية عسل وفي النهاية ملل! بغض النظر عن صحة ما يُقال، فمن المرجح أن تكون الفترة الأولى من الزواج أو من أي علاقة رومانسية مؤججة بالحب والشغف والإثارة والرغبة في قضاء الوقت معاً، ثم تتضاءل حدة هذه المشاعر بمرور الأيام، فالعمل وتعبه وهمومه، والالتزامات المالية والاجتماعية، والأطفال ومشكلاتهم، وغيرها من القصص اليومية الروتينية والرتيبة، تفعل فعلها في تخفيف وهج تلك المشاعر، إلى أن يأتي يوم قد تشعر فيه بعدم الرضا أو عدم الاكتراث أو بالملل الشديد في علاقتك الزوجية، فما العمل الآن؟ هل يمكن إصلاح علاقة زوجية مملة، أم ينبغي قبول هذا الوضع والتكيف معه والعيش في ظل علاقة غير مُرضية، أم الانفصال؟ لننظر في هذا المقال إلى الأسباب التي تسمح للملل بالتسلل إلى العلاقة الزوجية وكيف يمكن التعامل معه.
علامات تدل على الملل الزوجي
قبل أن نتعرف إلى أسباب الملل الزوجي وطرائق التعامل معه، كيف تتأكد من أن الملل مسيطر على علاقتك الزوجية؟ إليك بعض العلامات:
- عدم الاهتمام بحياة شريكك أو مشاعره أو اهتماماته.
- انخفاض المودة والاهتمام ببعضكما بعضاً مقارنة بالمراحل الأولى من العلاقة.
- عدم الارتياح أو التعاسة عند التفكير في مستقبل العلاقة.
- الشعور بأن قضاء الوقت مع الآخرين أكثر متعة وإثارة.
- الشعور بعدم وجود قواسم مشتركة مع الشريك.
- قلة المحادثات أو صعوبة إيجاد أي موضوع للحديث عنه.
- عدم الاستمتاع بقضاء الوقت معاً.
- الشعور المتكرر بالغصب أو الانزعاج من شريكك.
- انخفاض الشعور بالانجذاب نحو الشريك.
- ضعف التقدير بينكما.
- الشعور بالاستياء وسرعة الانفعال من أبسط الأمور.
- انخفاض الرغبة في ممارسة العلاقة الحميمية وغياب كبير للرومانسية.
- الرغبة في الانفصال.
ما أسباب تسلل الملل إلى العلاقة الزوجية؟
بدايةً، عليك أن تعلم أن بعض الملل شيء طبيعي في علاقة طويل الأمد، وقد يكون من المستحيل تجنبه تماماً، والأمر لا يتعلق بك أو بشريكك او بعلاقتكما؛ الأمر وما فيه أننا كائنات تطورنا للتكيف مع المواقف المختلفة. لذلك؛ فإن الحماس أو الإثارة اللذين نشعر بهما في بداية الزواج أو أي علاقة رومانسية يتبددان مع مرور الوقت. نحن نعتاد، وكلما تعلمنا المزيد عن شريك الحياة وفهمناه أكثر، قلّت فرصنا لتعلم أمور جديدة، فنقع في الروتين ونشعر بالملل.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التفريق هنا ما بين الشعور بالملل والشعور بالألفة أو الراحة، فالحب العاطفي (Passionate Love) الذي تسوده العواطف الجياشة من افتتان وإعجاب وشوق في بداية العلاقة أو الزواج، سيقل مع الأيام.
في الواقع، يُقدَّر أن هذه المرحلة غالباً ما تستمر نحو 12-18 شهراً بعد بدء العلاقة الزوجية، ثم تنخفض حدة هذه المشاعر ويتحول الحب إلى حب رأفة (Compassionate Love)؛ وهو الحب الذي يجعلنا تشعر بالحميمية والالتزام والثقة والمودة والاستقرار. لذلك؛ إذا كنت وشريكك سعيدين ومرتاحين وراضيين عن علاقتكما، فإن الفترات العرضية الأقل إثارة أو المملة بعض الشيء تُعد فترات طبيعية وربما غير مضرة.
في المقابل، الشعور بالملل المفرط الذي يتجلى بمشاعر سلبية مستمرة مثل عدم الاهتمام أو عدم الاكتراث أو قلة المودة أو عدم الرغبة في قضاء الوقت معاً، فهو ملل مؤذٍ ولا بُد من علاجه؛ لأنه قد يتطور إلى عدم رضا وتعاسة. وإليك لمَ قد يحدث هذا الملل:
- عدم التوافق: قد يؤدي امتلاك الزوجين اهتمامات أو أهدافاً أو قيماً مختلفة إلى الشعور الملل؛ إذ قد يجدان نفسيهما يكافحان من أجل إيجاد أرضية مشتركة والحفاظ على التواصل.
- قلة التواصل: المحادثات الهادفة ضرورية لعلاقة صحية. عندما يفشل الزوجان في الانخراط في مناقشات عميقة حول مشاعرهما أو أهدافهما أو آرائهما، فقد يتباعدان عن بعضهما بعضاً مع مرور الأيام.
- التضحية بالأهداف الشخصية: إذا تخلى أحد الشريكين أو كليهما عن تطلعاته الفردية من أجل إعطاء الأولوية للعلاقة الزوجية، فقد يؤدي ذلك إلى مشاعر ضجر وملل.
- إهمال الهوايات الشخصية: قد يسهم إهمال الاهتمامات والهوايات الشخصية خارج العلاقة الزوجية إلى الشعور بالرتابة.
- الإهمال: تتطلب العلاقات جهداً متواصلاً؛ بما فيه إظهار الاهتمام والانتباه والمودة، وإهمال هذه الاحتياجات يمكن أن يؤدي إلى الملل.
- قلة التقدير وإظهار الامتنان: قد يؤدي الفشل في تقدير صفات بعضكما بعضاً إلى قلة الشعور بالرضا والإصابة بالملل.
- عدم بذل الجهد لمحاربة الملل: قد يؤدي تجاهل علامات الملل وعدم اتخاذ الخطوات اللازمة للتخفيف منه أو القضاء عليه إلى تفاقم المشكلة.
يساعد فهم هذه الأسباب على تحديد مصادر الملل واتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجتها؛ ما قد يؤدي إلى بث الحياة مجدداً في علاقة زوجية خاملة.
كيف تتعامل مع الملل الزوجي؟
للتغلب على الملل في الزواج، عليك أولاً التعرف إلى العلامات من قبيل قلة الاهتمام أو التواصل أو الانجذاب؛ أي تحديد المجالات التي ترغب في التركيز عليها. وأيضاً، من المهم التمييز بين الراحة والملل كما ذُكر سابقاً، فإذا كنت مرتاحاً، فهذه علامة جيدة، أما الملل فينبئ بالحاجة إلى التغيير. عموماً، ثمة العديد من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد على تنشيط العلاقة المملة:
- غيِّر طريقة تفكيرك: استخدم إعادة التقييم المعرفي للتركيز على الصفات الإيجابية لشريكك وتقديرها. تذكّر ما الذي جعله مثيراً للاهتمام ومميزاً في نظرك عندما التقيته للمرة الأولى، وفكر في نموه الشخصي وعبِّر بانتظام عن امتنانك لصفاته.
- غيِّر روتينك: غيِّر عاداتك اليومية، وجرب أنشطة جديدة وإيجابية مع الشريك؛ إذ يمكن للأنشطة المشتركة أن تكون وسيلة فعالة لمكافحة الملل في العلاقات. ويؤكد استشاري العلاقات الأسرية، الدكتور جاسم المطوع، إن الحل الأمثل للقضاء على الملل في العلاقة الزوجية هو في الإكثار من النزهات مع الشريك والإكثار من الهدايا ومفردات الحب. لذلك؛ فكّر في استكشاف أماكن جديدة، أو مشاهدة أفلام تلفزيونية جديدة، أو المشي معاً لمسافة طويلة، أو ممارسة رياضة جديدة، أو إضافة بعض الإثارة في غرفة النوم. بالإضافة إلى ذلك، فكِّر في ممارسة الأنشطة التي استمتعتما بها خلال المراحل الأولى من زواجكما.
- تقاسم المسؤوليات: فكِّر في تقسيم الواجبات المنزلية تقسيماً عادلاً لضمان حصول كليكما على الوقت الكافي لتنفيذ اهتماماتكما وتجنب مشاعر الملل.
- تجنب عوامل التشتيت: ضعا الهواتف والأجهزة اللوحية بعيداً وأجريا محادثات وجهاً لوجه، وذلك للتواصل على مستوىً أعمق وأكثر تركيزاً.
- فاجئا بعضكما بعضاً: اصنعا جواً من التشويق عبر إعداد بعض المفاجآت الصغيرة واللطيفة مثل رسائل الحب أو الهدايا غير المتوقعة.
- حددا الأهداف المستقبلية معاً: حددا معاً ماهية تطلعاتكما وأهدافكما المستقبلية من أجل تقوية إحساسكما بالشراكة والحماس بشأن المستقبل.
- متابعة الأهداف الفردية: شجعا النمو الشخصي من خلال متابعة المصالح والأهداف الفردية.
- العمل معاً: لا يكفي أن تناضل وحدك من أجل إعادة البهجة إلى علاقة رتيبة؛ وإنما يجب التعاون والعمل معاً للقضاء على الملل.
- استشر متخصصاً: قد يكون من المفيد أن تستشير معالجاً أو متخصصاً في العلاقات الزوجية لحل مشكلتك، خصوصاً إذا كان الملل مرتبطاً بمشكلات أعمق مثل مشكلات التواصل أو فقدان المودة.
ختاماً، فكِّر جيداً وقرر إذا كانت علاقتك تستحق الإنقاذ. إذا كان الأمر كذلك، استثمر فيها، وتواصل مع الشريك على نحو مفتوح، وابحثا عن تغييرات إيجابية معاً. إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد يكون إنهاء العلاقة هو الخيار الأفضل. تذكر أن العلاقات تتطلب جهداً، ولا يوجد حل واحد يناسب الجميع؛ لكن وأياً يكن الحل، فعلى الزوجين كليهما الالتزام بمحاربة الملل وبث الروح في العلاقة الزوجية.