كل ما تود معرفته عن متلازمة ريت

3 دقيقة
متلازمة ريت
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ظهرت متلازمة ريت للمرة الأولى عندما وصفها الطبيب النمساوي أندرياس ريت (Andreas Rett) في مقال كتبه عام 1966؛ لكن لم يُعترف بها رسمياً إلا بعد مقال ثانٍ نشره عام 1983، وتُعد هذه المتلازمة أحد الاضطرابات المرتبطة بالطفرات الجينية.

وتصيب متلازمة ريت الفتيات غالباً، وتبدأ أعراضها بظهور نمو وتطور مبكر للطفلة يعقبه بطء النمو وفقدان القدرة على استخدام اليدين وعدم السيطرة على حركاتها اللاإرادية، إلى جانب مشكلات المشي والإعاقة الذهنية وغيرها من الأعراض.

وبحسب المعهد الوطني الأميركي للاضطرابات العصبية؛ لا يوجد ترتيب ثابت تسير عليه متلازمة ريت من حيث سن ظهور الأعراض أو شدتها فهي تختلف من طفل لآخر؛ لكن يمكن التنبؤ بالإصابة بها من خلال ملاحظة وجود صعوبات التغذية وارتعاش الأطراف وتوتر العضلات، وحتى تكون أكثر فهماً لهذا الاضطراب سنستعرض في هذا المقال أعراضه وأسبابه وطرق علاجه.

أسباب متلازمة ريت

تحدث حالات الإصابة بمتلازمة ريت بمعظمها نتيجة تغير جيني، وغالباً لا يكون هناك تاريخ عائلي للإصابة بها؛ ما يعني أنها لا تتنقل من جيل إلى آخر. وبحسب هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية؛ تحدث الطفرة لدى 99% من المصابين بشكل عشوائي تماماً.

ما أعراض متلازمة ريت؟

بما أن المرحلة العمرية التي تظهر بها متلازمة ريت ليست واحدة؛ تختلف الأعراض باختلاف السن التي تظهر فيها. لكن بشكل عام فالسن الأكثر شيوعاً لظهور متلازمة ريت هي بين 12-18 شهراً، ومن أهم أعراضها وفقاً للطبيب ماثيو هوفمان (Matthew Hoffman):

  1. بطء النمو: وبخاصة عند ملاحظة عدم نمو الدماغ بشكل صحيح، فعادة يكون صغير الحجم ويلاحَظ هذا العرَض أكثر كلما تقدم الطفل في السن.
  2. مشكلات في حركة اليدين: إذ يفقد الطفل المصاب بمتلازمة ريت القدرة على التحكم في يديه وقد يميل إلى فركهما أحياناً.
  3. غياب المهارات اللغوية: تظهر المهارات اللغوية عند الأطفال عادة من سن عام إلى أربعة أعوام؛ لكن في هذه المرحلة يلاحَظ عدم قدرة المصابين بمتلازمة ريت على الكلام، إلى جانب إصابتهم بالقلق الاجتماعي الشديد الذي يجعلهم يبتعدون عن الأطفال الآخرين ولا يهتمون بمشاركتهم الأنشطة.
  4. تغيُّر السلوك: يتحول سلوك الأطفال المصابين بمتلازمة ريت ليصبحوا أكثر ميلاً إلى التوتر وسرعة الانفعال كلما تقدموا في السن؛ ما يجعلهم أحياناً يبكون أو يصرخون لفترات طويلة، وقد يعانون من نوبات الضحك أحياناً.
  5. الجنف: ويعني التقوس الجانبي للعمود الفقري، ويبدأ عادة عندما يكون سن الطفل بين 8-11 عاماً ويزداد سوءاً مع التقدم في العمر وقد يحتاج أحياناً إلى التدخل الجراحي.
  6. عدم انتظام ضربات القلب: وهو عرَض يعاني منه العديد من الأطفال المصابين بمتلازمة ريت، وللأسف لا يوجد له علاج ما يجعله يهدد حياتهم.
  7. حركات العين غير العادية: مثل التحديق بشكل زائد عن الطبيعي أو إغلاق عين واحدة في كل رمشة، أو تقاطع العينين (الحوَل).
  8. نوبات الصرَع: تظهر عند معظم المصابين بمتلازمة ريت في مرحلة من مراحل مرضهم.
  9. مشكلات التنفس: أبرزها سرعة التنفس ووجود زفير قوي وبلع الهواء.

أما عن مدة استمرار الأعراض، فتوصف متلازمة ريت بأنها حالة صحية تستمر مدى الحياة، وعادةً لا تتحسن الأعراض بمرور الوقت ما يصعّب على المصابين بها العيش بمفردهم.

ما الفرق بين متلازمة ريت والتوحد؟

أحياناً تشخَّص متلازمة ريت باضطراب طيف التوحد نتيجة تشابه الأعراض بين الاضطرابين العصبيين، فكلاهما لا يظهران عند الولادة وتسبق فترة ظهورهما علامات مبكرة مثل انسحاب الطفل من التفاعل الاجتماعي وفقدانه القدرة على الكلام. وأيضاً يتشابه العديد من السلوكيات بين متلازمة ريت والتوحد مثل ظهور حركات اليد اللاإرادية وهز الجسم وطحن الأسنان، إلى جانب معاناة الأطفال المصابين من القلق ونوبات الصرع.

لكن رغم التشابهات السابقة توجد علامات يمكن الاستدلال بها للتفرقة بين متلازمة ريت والتوحد؛ أولها أن متلازمة ريت تظهر عند الإناث غالباً بينما التوحد يظهر عند كلا الجنسين. بالإضافة إلى أن التجنب الاجتماعي، رغم أنه يعد سمة مميزة للتوحد؛ إلا أنه عند المصابين بمتلازمة ريت يكون مؤقتاً وأحياناً يعود الأطفال المصابين بها إلى التواصل الاجتماعي مرة أخرى. وبينما يتجنب مرضى التوحد التواصل البصري، فغالباً يتواصل المصابون بمتلازمة ريت بأعينهم للتعبير عن رغباتهم.

وتُعد مشكلات الحركة أحد الفروقات المهمة، فهي تظهر عند المصابين بالتوحد بضعف تناسق الحركة أو المشية غير المنضبطة، بينما على الناحية الأخرى لا يستطيع المصابون بمتلازمة توريت المشي تماماً، وقد يصابون بتصلب المفاصل أو ارتعاش الجسم مع التقدم في السن.

وكذلك يوجد عرَض يظهر عند الإصابة بالتوحد فقط؛ وهو مشكلات الجهاز العصبي اللإرادي التي قد تتطور أحياناً لتصل إلى حد اضطرابات التنفس المميتة.

تشخيص متلازمة ريت

يشخص الأطباء حالة المصاب بمتلازمة ريت من خلال ملاحظة أعراض المتلازمة على الطفل وفحص سلوكياته إلى جانب سؤال والديه عن تاريخه المرَضي منذ ولادته. ونتيجة ندرة متلازمة ريت فيعمل الأطباء أولاً على استبعاد الاضطرابات الأخرى مثل التوحد والشلل الدماغي واضطرابات التمثيل الغذائي والاستسقاء الدماغي، وقد تساعد الاختبارات الجينية على تأكيد الإصابة بالمتلازمة في كثير من الحالات.

علاج متلازمة ريت

لا يوجد علاج نهائي لمتلازمة ريت؛ إنما هناك مسارات علاجية تُستخدم لإدارة الأعراض وأهمها:

  1. العلاج الدوائي: بتناول أدوية مخصصة لتخفيف حدة كل عرَض من الأعراض؛ مثل الاضطرابات الحركية ونوبات الصرع.
  2. الرعاية الطبية المنتظَمة: من خلال مراقبة الحالة وتطورها بهدف الاستجابة باكراً لأي مشكلات صحية مستجدة.
  3. العلاج الطبيعي: إذ يساعد بالترافق مع استخدام الدعامات أو الجبائر في الحفاظ على الحركة، وتحسين وضعية الجلوس وتطوير مهارات المشي والتوازن.
  4. علاج مشكلات النطق واللغة: يحسّن هذا النوع من العلاج حياة الطفل الاجتماعية ويجعله أكثر قدرة على التواصل.
  5. التغذية السليمة: أحد أهم العوامل التي تجعل حالة المصاب بمتلازمة ريت مستقرة، فاستراتيجيات التغذية الصحيحة تقيه من الاختناق أو التقيؤ أثناء تناول الطعام.

يؤكد الأطباء إن العنصر الأساسي في استقرار حالة الأطفال المصابين بمتلازمة ريت هو دعم والديهم وتفهمهم لحالتهم، لذا ستظل التوعية هي السبيل الأول لتحقيق ذلك، ونتمنى أن يكون هذا المقال إسهاماً مؤثراً من منصة نفسيتي في هذا الاتجاه.

المحتوى محمي