كل ما تريد معرفته عن متلازمة الموهوب

متلازمة الموهوب
متلازمة الموهوب
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من منّا لا يرغب في أن يكون موهوباً حقيقياً، يمتلك قدرات استثنائية تميّزه عن غيره وتجعله شخصاً فريداً في أداء بعض المهام التي يصعب أو يستحيل على الآخرين القيام بها؟ لكن على الرغم من أن كلمة “موهوب” بشكل عام تشير إلى أمر جيد، فمتلازمة الموهوب تختلف بعض الشيء.

فما هي متلازمة الموهوب؟ وما أهم أعراضها وأفضل طرق التعامل معها؟

متلازمة الموهوب

متلازمة الموهوب (Savant Syndrome) هي حالة نادرة كانت تُعرف سابقاً بـ “الموهوب الأحمق” (Idiot Savant)، وفقاً للطبيب في كلية الطب بجامعة ويسكونسن الأميركية (University of Wisconsin Medical School) دارولد تريفيرت (Darold Treffert). 

في هذه الحالة؛ يظهر لدى الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عقلية شديدة -مثل التوحد- درجة من العبقرية التي تظهر في تناقض واضح وغير متناسب مع إعاقتهم الذهنية العامة.

كذلك، على الرغم من أن معدل ذكاء الفرد الذي يعاني من هذه المتلازمة قد يكون منخفضاً جداً، فهو يُظهِر قوة خارقة في مجال محدد للغاية؛ مثل الموسيقى أو الفن أو الرياضيات أو المهارات الميكانيكية.

فئة مثيرة للاهتمام

وفقاً لتريفيرت، فعلى الرغم من أن ظهور هذه المتلازمة لأول مرة كان في مجلة علم النفس الألمانية (German Psychology Journal) في عام 1783؛ إلا أن أول وصف محدد لها قدّمه الدكتور جون داون (John Down) في عام 1887، عندما ألقى محاضرة في لندن تحدث فيها عن الثلاثين عاماً التي قضاها كطبيب في مستشفى إيرلسوود (Earlswood Hospital) بإنجلترا، ووصف وجود فئة مثيرة للاهتمام من الحالات التي أطلق عليها اسم “العباقرة الأغبياء”.

من ضمن هذه الحالات كان هناك مريض استطاع حفظ تاريخ صعود وسقوط الإمبراطورية الرومانية كاملاً.

كذلك، يشير موقع “دوكيومنتري تيوب” (Documentary Tube) لبعض المشاهير المصابين بهذه المتلازمة؛ مثل كيم بيك (Kim Peek) الذي تم تجسيد شخصيته في فيلم “رجل المطر” (Rain Man)، ويمتلك قدرات مذهلة مثل حفظ أكثر من 12,000 كتاب، وكان خبيراً في 15 مجالاً مختلفاً بما في ذلك الموسيقى والأدب والتاريخ والرياضة.

وليزلي ليمكي (Leslie Lemke)، وهو موسيقي أميركي كفيف كان مفتوناً بالموسيقى في سن مبكرة للغاية، وبفضل ذاكرته الرائعة يستطيع عزف وغناء الموسيقى ببراعة ودقة عالية بعد سماعها مرة واحدة فقط. 

التوحد ومتلازمة الموهوب

قد يتمتع بعض أطفال التوحد بقدرات جيدة في بعض المجالات؛ لكن لا يعني ذلك في كل الأحوال أنهم “أطفال التوحد الموهوبون”. 

وفقاً لتريفيرت؛ يتمتع شخص واحد من بين كل عشرة مصابين باضطراب التوحد بهذه القدرات الاستثنائية بدرجات متفاوتة. وعلى الرغم من أن متلازمة الموهوب تحدث مع إعاقات نمو أخرى أو في أنواع أخرى من إصابات أو أمراض الجهاز العصبي المركزي، فهي دائماً ما ترتبط بذاكرة شديدة القوة.

من المهم أيضاً التفريق بين المصابين بمتلازمة الموهوب والأشخاص المصابين بالتوحد الذين لديهم قدر جيد من الموهبة، فالأمر مختلف. يوجد العديد من الأشخاص المصابين بالتوحد ذوي المواهب العادية؛ ولكن متلازمة الموهوب نادرة. 

هل تجعل متلازمة الموهوب الحياة أسهل على مصابيها؟

على الرغم من أن امتلاك قدرات تفوق قدرات الأشخاص العاديين يبدو أمراً إيجابياً؛ إلا أنه في الحقيقة لا يجعل الحياة أسهل بالضرورة. وفي بعض الحالات، يمكن أن تكون حياة الفرد أكثر صعوبة.

يتمتع بعض الموهوبين بقدرات غير عادية يمكن توسيعها أو توجيهها في اتجاهات مفيدة؛ لكن في معظم الحالات تكون تلك المهارات الاستثنائية غير مفيدة أو مستَخدَمة في حياة الشخص اليومية، وفقاً لتريفيرت. 

فمثلاً في حين قد تبدو القدرة على استدعاء صفحات دفتر الهاتف من الذاكرة إنجازاً رائعاً؛ إلا أنها في الحقيقة لا تخدم أي هدف مفيد للشخص أو مهمة يجب عليه أداؤها.  

كذلك، وفقاً لدراسة من جامعة لندن (University of London)، فعلى الرغم من أن المهارات الناتجة عن متلازمة الموهوب استثنائية؛ إلا أن الأفراد الذين يعانون منها يتمتعون بمعدلات ذكاء منخفضة بشكل عام. 

وبسبب نقص القدرة على التفكير الجيد؛ يجد هؤلاء الأشخاص صعوبة في أداء مهام بسيطة مثل ربط أربطة الأحذية، أو العد حتى عشرة، أو حتى عد النقود؛ كما تعد المهارات الاجتماعية والتواصلية الضعيفة أمراً شائعاً لديهم. 

في مقاله “متلازمة الموهوب وعلاقتها المحتملة بالصرع” (The Savant Syndrome and Its Possible Relationship to Epilepsy)، يشير الطبيب جون هيوز (John Hughes) إلى أنه على الرغم من أن ذاكرة هؤلاء الأفراد تكون عميقة جداً في بعض المجالات، وأنهم يتمتعون بقدرات استثنائية في الموسيقى والفن والرياضيات؛ إلا أنها تكون ضيقة ويصعب عليهم فهم المعاني المجردة والرموز؛ كما يصعب عليهم التفكير النقدي ويفتقدون الإبداع والمرونة المعرفية.  

وأخيراً، فإن أفضل طريقة للتعامل مع متلازمة الموهوب هي “تدريب الموهبة” وتوجيه تلك القدرات لتكون أكثر فائدة للشخص، لتحقيق تنشئة اجتماعية أفضل للطفل دون مقايضة أو فقدان القدرات الخاصة لتلك المكاسب القيّمة التي يتميّز بها الفرد نتيجة امتلاكه مهارات استثنائية في بعض المجالات. 

المحتوى محمي !!