ملخص: توصل استقصاء للرأي أجرته المؤسسة الفرنسية للرأي العام (Ifop) تحت عنوان: "الرغبة والحواس الخمس" إلى نتيجة مفادها أن فقدان الرغبة الجنسية لدى الزوجين هو من أكثر الاضطرابات الجنسية شيوعاً بنسبة بلغت نحو 50%، متجاوزاً مشكلات الانتصاب أو سرعة القذف أو اصطناع الوصول إلى النشوة. ليس من السهل على الرجل أن يتحدث عن مشكلاته الجنسية مع الآخرين، وعلى رأسهم زوجته. فكيف يشجّع نفسه على الحديث عن الصعوبات التي يواجهها دون الإساءة إلى زوجته أو إصابتها بحالة من الإحباط؟
"لم يعد يريدني، لم يعد يحبني"، "إنها لا تفهم أن عدم رغبتي في ممارسة الحب لا يعني بأي حال من الأحوال أنني لم أعد أحبها". يتمحور معظم هذه الشكاوى حول تراجع الانجذاب الجسدي بين الرجل وزوجته، واعتباره أخطر التابوهات التي لا يصح الخوض فيها عند الحديث عن العلاقة الجنسية بين الزوجين، وإن كان الواقع يؤكد أنه بات أكثر المشكلات الجنسية شيوعاً بين الأزواج. كانت تلك نتيجة استقصاء للرأي أجرته المؤسسة الفرنسية للرأي العام (Ifop) تحت عنوان: "الرغبة والحواس الخمس". وتوصّل الاستقصاء إلى نتيجة مفادها أن فقدان الرغبة الجنسية لدى الزوجين هو من أكثر الاضطرابات الجنسية شيوعاً بنسبة بلغت نحو 50%، متجاوزاً مشكلات الانتصاب أو سرعة القذف أو اصطناع الوصول إلى النشوة.
الحب والرغبة
لم تُفاجئ هذه النتائج طبيب أمراض النساء وأمراض الذكورة، سيلفان ميمون (Sylvain Mimoun) الذي يوضح موقفه قائلاً: "يُسيء الكثيرون تفسير فقدان الرغبة الجنسية ويعتبرونه دليلاً على فقدان الحب بين الزوجين، حتى إنني ألاحظ أن الكثير من النساء اللاتي يأتين إلى عيادتي طلباً للمشورة يتساءلن: ’لم أعد أريده، هل ما زال يحبني؟‘. وهنا مكمن الخطر، لأننا نخلط بين الحب والرغبة الجنسية في حين أنهما أمران مختلفان. فوفقاً للدراسة الاستقصائية، قال 53% من المشاركين إنهم عانوا اضطراب فقدان الرغبة".
الرغبة الجنسية والانتصاب
ثمة مشكلة أخرى تُضاف إلى مشكلة فقدان الرغبة الجنسية، وهي مشكلة ضعف الانتصاب عند الرجال. ويعتقد الكثيرون أن هاتين المشكلتين ترتبطان ببعضهما بعضاً؛ ولكنه اعتقاد مغلوط ليس له أساس من الصحة حيث يقول سيلفان ميمون مؤكداً: "أعود وأكرر أن هذين الأمرين مختلفان تماماً، ففقدان الرغبة يعني عدم القدرة على الجماع على الرغم من حدوث الانتصاب. المقلق في الأمر أن يواجه الرجل مشكلات في الانتصاب، فينطوي على نفسه ويمتنع عن التواصل العاطفي مع زوجته على الرغم من احتياجها للشعور بأنها مرغوبة، وعندئذٍ يمكن القول إن الزوجين يواجهان مشكلة حقيقية".
تجدر الإشارة إلى أن مشكلات الانتصاب مرض شائع يصيب 1 من كل 4 رجال على وجه العموم في مختلف الشرائح العمرية، و1 من كل 3 رجال بعد سن الأربعين، و1 من كل رجلين بعد سن الستين. وتستطرد ماري هيلين كولسون، قائلةً: "لكنه ليس مرضاً عُضالاً؛ بل يمكن علاجه شريطة أن يوافق المريض على طلب العلاج". وتضيف اختصاصية علم الجنس: "لم يعد هذا الموضوع من التابوهات التي يجد المرء حرجاً في الحديث عنها؛ لكن ما زال الكثيرون يشعرون بنوع من الخزي عند الإقدام على استشارة الأطباء المختصين. وأرى أشخاصاً ظلوا يعانون هذه المشكلة في صمت لمدة 10 سنوات، في حين أن حلها كان ميسوراً". وعلى الرغم من ذلك، فإن الفرنسيين يعتبرون طبيبهم ملاذاً آمناً يمكن اللجوء إليه في حالة حدوث مشكلة جنسية وفقاً للدراسة؛ حيث يقول 55% من الرجال إنهم أكثر استعداداً من النساء لاستشارة الأطباء المختصين ولكن الواقع يقول إن الدعم الطبي يُقدَّم لحالة واحدة فقط من بين كل 10 حالات من مشكلات الانتصاب.
الحديث عن الأمر
ليس من السهل على الرجل أن يتحدث عن مشكلاته الجنسية مع الآخرين، وعلى رأسهم زوجته. فكيف يشجّع نفسه على الحديث عن الصعوبات التي يواجهها دون الإساءة إلى زوجته أو إصابتها بحالة من الإحباط؟ يقول سيلفان ميمون: "لا توجد وصفة محدَّدة؛ ولكن عند مواجهة موضوعات صعبة كهذه فإن السلوك الصحيح يقتضي تجنُّب تصفية الحسابات، لذا لا بد من تحاشي قول شيء على غرار: ’كان موقفاً سيئاً‘، ومن الأفضل أن نقول شيئاً يوضّح الموقف بطريقة غير مباشرة مثل: ’أشعر بالسعادة أكثر عندما نجلس معاً‘، أو ’أستمتع أكثر عندما نتحدث معاً‘ لدى مناقشة أمور عامة خارج إطار العلاقة الجنسية، وبذلك نمهّد الطريق للتغيير".
"عيشا حياتكما الزوجية والجنسية معاً، وتحدثا عنها ببساطة!"، كان هذا عنوان الحملة الإعلامية والتوعوية حول الاضطرابات الجنسية التي انطلقت يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول. وكانت فكرة الحملة تقوم على مقابلة أفراد الجمهور في شاحنة تجوب مدن فرنسا وبلداتها حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول، وكان على متنها عدد من المتخصصين في علم النفس وعلم الجنس بجمعية التطوير والمعلومات والأبحاث حول النشاط الجنسي (ADIRS). وكانت تلك فرصة ثمينة بحسب سيلفان ميمون: "للتخلُّص من التعقيدات المصاحبة للخطاب الجنسي بين الزوجين".
ممارسة الحب لا تتقيّد بسن معينة
أثبتت الدراسات أن 8 من كل 10 فرنسيين لا يتقيدون بسن معينة في ممارسة الحب، ويعلّق سيلفان ميمون على هذه النقطة قائلاً: "لحسن الحظ أن ممارسة الحب لا تتقيد بسن معينة! وما زلت أتذكر أكبر مريض زار عيادتي؛ كان رجلاً مُسناً يبلغ من العمر 99 عاماً بدأ حديثه بقول: ’لا تقل لي إن المشكلة في كِبَر السن!‘، فقد كان لديه صديق يفوق عمره الـ 100 عام وكان كل شيء يسير معه على ما يرام"!