علم الفراسة الحديث: هل يكشف شكل وجهك نوع شخصيتك؟

علم الفراسة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد تنفجر ضحكاً لو أخبرك أحد ما إن بوسعه التكهن بنوع شخصيتك من خلال ملامح وجهك! في حين بوسع علم الفراسة وقراءة الوجوه أن يلقي الضوء على بعض الجوانب من شخصيتك لو وُظِّفَ بالشكل الصحيح. فهل أنت مستعدّ لخوض هذه للتجربة؟
 

طُرِد حسام مؤخراً من وظيفته التي يشغلها في مجال التسيير بإحدى كبريات الشركات العالمية، وبعد أن عقد العزم على العمل كبائع مستقل، ذهب لطلب رأي خبير في قراءة الوجوه والذي أشار عليه بأن يصرف النظر عن هذه المهنة. لكن ما المانع في ذلك؟ تركزت نقاط قوة حسام في خصال المثابرة واللطف والإتقان والفضول، أما نقاط ضعفه فتلخصت في الهشاشة العاطفية ونقص الشعور بالأمان والشك. هو مؤهَّل بهذه الصفات للعمل في مجال البيع، على ألا يكون في وحيداً بل يزاول عمله مدعوماً بشركة كبيرة دولية مثلاً، ذاك أن مزاولة نشاط مستقل سيتطلب منه مجهوداً جبّاراً في التكيف ليس بمقدوره بذله.

على ماذا ارتكز هذا المعالج النفسي المتخصص في قراءة الوجوه في تحليله هذا؟

يشرح الاستشاري المهني والاختصاصي في العلاج النفسي من خلال قراءة الوجوه جون-بول جييه (Jean-Paul Juès) بقوله: “تأسس علم الفراسة الحديث أو المورفوبسيكولوجي (Morphopsychologie) سنة 1937 من طرف طبيب نفس الأطفال لويس كورمان (Louis Corman) وبدأ باعتباره مخططاً توضيحياً تلخيصياً، ويغطي ثلاثة حقول: علم الأحياء (البيولوجيا) وعلم وظائف الأعضاء (الفيزيولوجيا) وعلم النفس”، حيث يخول هذا المخطط التوضيحي تحليلَ الشخصية.

تحليل الوجه

يُصب التركيز في أثناء تحليل الوجه على الهيكل الجمجمي الوجهي (Craniofacial) أي البنية الهيكلية والعضلية للوجه من الأمام وجانبياً؛ إذ يدلّ الهيكل العريض على المقاومة، أما الضيق فالهشاشة. كما ترتكز قراءة الوجه كذلك على المستقبلات الحسية (العينَين والأنف والفم) والتي تتم من خلالها التفاعلات الواعية. حيث يشيرُ الوجه الذي يتوفر على مستقبلات غليظة داخل هيكل ضيق إلى امتصاص الشخص قدراً هائلاً من المعلومات يفوق بكثير قدرته على المعالجة ما يجعله يُبدِي عن بعض الهشاشة. وعلى العكس من ذلك، فإن وجود مُستقبلات صغيرة داخل هيكل عريض قد يشير إلى شخصية أكثر تركيزاً. فيما ينبئ شكل الوجه على القدرة على التكيف، فالمدوّر يعني الروح الطفولية والمسطح الدفاع والمشدود الرغبة في التعبير عن الذات و المسترخي الترك.

ينقسم الوجه وفقاً لخبير قراءة الوجوه إلى ثلاثة مستويات:

1. المستوى العلوي: ويضمّ الجبهة والعينين ويعكس درجة فهمنا السليم للعالم.

2. المستوى المتوسط: ويضم الوجنتين والأنف ويعكس نظرتنا الحدسية للعالم.

3. المستوى السفلي: ويتكون من الفكين والفم ويشير إلى فهمنا العملي للعالم.

وتحليل هذه المستويات يتم بالمفاضلة بينها؛ حيث يعبر المستوى السائد يعبر عن ما يطغى على سلوكنا، فيما يعكس المستوى الأقل تطوراً الطريق التي ينبغي للشخص أن يسلكها ليتطور. بالإضافة إلى كل ما سبق؛ يقدّم جانبا الوجه الأيمن والأيسر لمحةً حول صراعاتنا الداخلية وتطوّرنا وبحثنا عن التوازن.

في أي عمْر يبدأ تطبيق علم قراءة الوجوه؟

تجيب اختصاصية العلاج النفسي عبر قراءة الوجوه ورئيسة الوكالة الفرنسية للعلاج النفسي عبر علم الفراسة الحديث، مارتين بولار (Martine Boulard) عن هذا السؤال قائلةً: “يمكن أن نبدأ تحليل الوجه طوال الفترة الممتدة بين الولادة والموت. ذلك أن الوجه، رغم أن بعض مكوّناته كالبنية الهيكلية تظل بمنأىً عن التغير؛ إلا أنه يظل يخضع لتطور مستمر لا يتوقف”.

يمر الرضيع في الفترة الواقعة بين ولادته وبلوغه عامه الثاني بتحوّلٍ على المستويَين الجسدي والعقلي؛ حيث يكتفي بأداء دور المُتلّقي لكل ما يدور في بيئته المحيطة إلى حدود شهره الثامن، والمُلاحَظ في هذا العمر أنه يملك وجهاً مستديراً مسترخياً غير مشدودٍ حيث العينان مفتوحتان على اتساعهما والأنف أفطس والفم نصف مفتوح. ومع بلوغه الشهر التاسع، وهو بداية مرحلة الخوف من الغرباء والتسنين والمشي والكلام، يصير وجهه مشدوداً أكثر فيما يُنحَت الأنف والفك ويشرع الفم في الانغلاق. ومع وصوله سنّ الثالثة؛ حيث سنّ المنطق واستخدام العقل، تبدأ عينا الطفل وأنفه وفمه بأخذ شكلٍ محدد كما تُرسَم الملامح بدقة أكبر. إنه تطوّر يمر به البشر جميعهم، غير أن العامل المؤثر فيه هو السمة السائدة عند كلّ منا.

فوائد تحليل الشخصية من شكل الوجه وحدوده

يخوّل لنا تحليل الوجه التوجيه المهني الصائب إذ يضع الإصبع على القدرات الكامنة داخل كل منا. بل إن بوسعه كذلك أن يدلنا على الطريقة الملائمة لتربية أطفالنا، فما إن يتم تحديد أسلوب تعاملهم وتعاملنا يصير من السهل مد جسور التواصل بيننا. الأمر نفسه بالنسبة إلى الزيجات التي تمر بأزمات؛ إذ فور أن نتعرف إلى مُحركات الشريك ودوافعه، يصير من السهل الوصول إلى أرضية مشتركة للحوار وفك العقد. غير أن مارتين بولار تُنبِّه قائلةً: “لا ينبغي للشركات استعمال هذا الاختصاص في معايير اختيارها للموظفين، وقد سبق لنا أن شطبنا عدداً من أعضاء الجمعية لإقدامهم على مثل هذا الشطط في استخدام هذه الأداة”.

هل يمكننا التعويل على اختصاص لا يندرج ضمن أيّ من العلوم ليوجه حياتنا وذواتنا؟ يرد جون- بول جوييه على مزاعم المنتقدين الذين يطعنون في نجاعة علم الفراسة الحديث قائلاً: “إنه علم أكلينيكي يقوم على ملاحظات لا حصر لها، والتي انطلاقاً منها لا نقدم قوانين جازمة بل نبني فرضيات تسمح بتأويل وفهم السلوكيات بشكل جزئي لا الإلمام بها بطريقة شاملة وحاسمة” .

المحتوى محمي !!