ما أساليب علاج إدمان مشاهدة الإباحية؟ وكم يستغرق التعافي منه؟

5 دقائق
إدمان مشاهدة الإباحية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يتمحور مفهوم "إدمان مشاهدة الإباحية" حول الاعتماد العاطفي على مشاهدتها إلى درجة تعارُضها مع الحياة اليومية والعلاقات العاطفية والقدرة على العمل، وهذا النوع من الإدمان شائع جداً، وأحد أهم أسباب انتشاره هو سهولة الوصول إليه، وسنتحدث في هذا المقال عن أهم الطرائق للتعافي من إدمان مشاهدة الإباحية.

ارتفع معدل إدمان مشاهدة المواد الإباحية في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى، فخلال عام 2019، سجل أحد المواقع الإباحية الشهيرة متوسط 115 مليون زيارة في اليوم، ويرجع ذلك غالباً إلى سهولة الوصول إلى تلك المواد؛ حيث تُمكن مشاهدة الإباحية بضغطة زر واحدة على هاتفك الذكي!

وقد تؤدي مشاهدة المواد الإباحية إلى سلوكيات شبيهة بالإدمان، وبخاصة حين يستمر الأشخاص المدمنون على الأفلام الإباحية في مشاهدتها حتى لو كان ذلك يضر بحياتهم المهنية وحالتهم الصحية وعلاقاتهم الاجتماعية. ومن خلال هذا المقال، سنتعرف إلى الأساليب العلاجية لإدمان الإباحية والمدة الزمنية اللازمة للتعافي منه.

ما المقصود بإدمان مشاهدة الإباحية؟

يُعرف إدمان مشاهدة المواد الإباحية بأنه الحاجة القهرية إلى مشاهدة تلك المواد؛ حيث لا يمكنك التوقف حتى لو أردت ذلك، وغالباً ما يؤدي استهلاك تلك المواد إلى عواقب سلبية وخيمة مثل فقدان السيطرة على السلوكيات الجنسية وتدني احترام الذات.

وعلى الرغم من أن إدمان مشاهدة المواد الإباحية غير مدرَج حالياً في النسخة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، فإن منظمة الصحة العالمية أضافت السلوك الجنسي القهري إلى قاعدة بياناتها خلال عام 2018 باعتباره اضطراباً في الصحة العقلية.

اقرأ أيضاً: ما تأثير إدمان الإباحية على العلاقة الزوجية؟ وكيف يمكن التعافي منه؟

ما أسباب إدمان مشاهدة الإباحية؟

لا يوجد إجماع واضح على أسباب إدمان مشاهدة الإباحية؛ ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم اتفاق الأطباء والباحثين على أن مشاهدة الأفلام الإباحية يمكن أن تؤدي إلى الإدمان. ومع ذلك، هناك بعض الأسباب التي من الممكن أن تعمل على تورُّط البعض في إدمان مشاهدة الإباحية؛ وأهمها:

  1. اختلاف بنية الدماغ: يمكن للاختلافات البيولوجية في كيمياء الدماغ أو بنيته أن تجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيره لممارسة السلوكيات الإدمانية؛ ومنها إدمان مشاهدة الإباحية.
  2. المشكلات النفسية والضغوط الحياتية: قد تكون مشاهدة الأفلام الإباحية بكثرة أحد أشكال الهروب أو إحدى آليات التأقلم لإدارة ضغوط الحياة أو مشكلات الصحة النفسية الأخرى.
  3. مشكلات العلاقة الزوجية: قد تؤدي الصعوبات في العلاقة الحميمية إلى إدمان البعض مشاهدة المواد الإباحية من أجل تلبية رغباته الجنسية.
  4. سهولة الوصول إلى المواد الإباحية: يمكن للناس معظمهم الوصول إلى المواد الإباحية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع؛ ما يوفر لهم إشباعاً فورياً. وكذلك، تقدم الإباحية مجموعة لا حصر لها من السيناريوهات الجنسية التي لا تتطلب موافقة شخص آخر.

اقرأ أيضاً: كيف تتصرف إذا كان ابنك المراهق يشاهد مواد إباحية؟

9 علامات تشير إلى إدمان مشاهدة الإباحية

إذا كنت قلقاً بشأن مشاهدتك للإباحية، فهناك بعض العلامات التحذيرية التي تخبرك إن الأمر قد وصل إلى مرحلة الإدمان؛ ومن أهمها:

  1. قضاء الوقت معظمه في مشاهدة الإباحية.
  2. الشعور بالحزن والاكتئاب عند التوقف عن مشاهدة الإباحية.
  3. الاستمرار في مشاهدة الإباحية على الرغم من التفكير في العواقب السلبية كلها مثل الطلاق أو فقدان الوظيفة.
  4. محاولة التوقف أو تقليل مشاهدة الإباحية لكن دون جدوى.
  5. انخفاض الرضا الجنسي في أثناء ممارسة الجنس.
  6. الانعزال عن المجتمع من أجل الانخراط في مشاهدة الإباحية.
  7. إهمال العناية الشخصية.
  8. فقدان الاهتمام بأنشطة الحياة الأخرى كافةً.
  9. تجاهل مسؤوليات الحياة كافةً من أجل مشاهدة الإباحية.

كيف يؤثر إدمان مشاهدة الإباحية في الصحة النفسية؟

أجرى قسم علم النفس بجامعة جنوب كاليفورنيا (University of Southern California) عام 2018، دراسة بحثية حول الإباحية، وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن نحو 85% من المشاركين يشاهدون الأفلام الإباحية مرة على الأقل كل أسبوع، وسجلت الدراسة أن نسبة الرجال الذين يشاهدون الأفلام الإباحية بلغت 80% في حين بلغت نسبة النساء 26%.

وعلى الرغم من أن مشاهدة الإباحية قد تبدو وسيلة ترفيه للتخلص من الكبت الجنسي وتمضية الوقت، فإن لها تأثيرات شديدة الخطورة في الصحة الجسدية والنفسية؛ ومن أهم تلك التأثيرات:

  1. الإدمان على المتعة المرتبطة بالإباحية: يؤكد الاستشاري النفسي محمد المقهوي إن الجسم يفرز هرمون الدوبامين عند مشاهدة الأفلام الإباحية، وهو مادة كيميائية تسبب الشعور بالسعادة والرضا؛ ما يمنح المشاهد إحساساً بالمتعة. وعندما يؤدي مركز المكافأة في دماغك إلى إطلاق الدوبامين فإنه يطلق أيضاً بروتيناً يُدعى "دلتا فوس بي" (DeltaFosB) ويعمل مثل معزز ويخلق مسارات عصبية لربط ما يفعله شخص ما بما يشعر به، وفي هذه الحالة يربط المتعة بفعل مشاهدة المواد الإباحية.
  2. تدني احترام الذات: تروج الأفلام الإباحية لصورة غير واقعية عن الجنس، وتجسد المرأة بشكل شديد الجمال والرجل بالكثير من القوة والفحولة؛ وهذا يترك لدى مشاهد تلك الأفلام انطباعاً سيئاً بأنه أقل من هؤلاء الأبطال ومن ثَمّ لا يستحق الحصول على تجربة جنسية ممتعة!
  3. زيادة الإحساس بالعزلة: قد يشعر بعض الأفراد بعد مشاهدة الإباحية بكراهية الذات، ولأن تجربة مشاهدة تلك الأفلام ليست من التجارب التي يمكن للفرد مشاركتها مع الأصدقاء؛ فإن البعض يلجأ إلى العزلة عند مشاهدة الإباحية ما يؤثر في صحته النفسية سلباً.
  4. تضرر العلاقات الحقيقية: يفضّل البعض مشاهدة الأفلام الإباحية على تحسين علاقته الجنسية الحقيقية، ويستمد بمرور الوقت إحساسه بالمتعة والسعادة من تلك الأفلام عوضاً عن شريكه الحقيقي؛ الأمر الذي يُلحق الضرر بعلاقتهما.

6 أساليب لعلاج إدمان مشاهدة الإباحية

تتشابه أساليب العلاج الموصى بها للإدمان على المواد الإباحية مع العلاج المستخدَم لعلاج السلوكيات الجنسية القهرية بصفة عام؛ وتشمل:

  1. العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يعمل هذا النوع من العلاج على تغيير أنماط التفكير ومن ثَمّ تغيير الاستجابة، ويساعدك العلاج المعرفي السلوكي أيضاً على استكشاف سبب إدمانك الإباحية وتغيير الأفكار الكامنة وراء ذلك الإدمان.
  2. علاج القبول والالتزام (ACT): يُعد علاج القبول والالتزام جزءاً من العلاج المعرفي السلوكي، ويهدف بصفة عامة إلى زيادة المرونة النفسية من خلال مواجهة المشكلة وإجراء التغييرات اللازمة في السلوك، وبعدها تأتي مرحلة استراتيجيات الالتزام.
  3. العلاج السلوكي الجَدَلي (DBT): يتعلم الشخص من خلال هذا النوع من العلاج تقبُّل مشاعره وأفكاره وتجاربه من دون إصدار الأحكام، ويساعد العلاج السلوكي الجَدَلي المرضى على تنظيم عواطفهم وتقوية تسامُحهم من أجل التخلي عن العار والشعور بالذنب وكراهية الذات.
  4. العلاج النفسي الديناميكي: يستخدم بعض برامج علاج إدمان مشاهدة المواد الإباحية، العلاجَ النفسي الديناميكي الذي يتعامل مع أفكارك وسلوكياتك اللاواعية، ويعمل العلاج النفسي الديناميكي على الكشف عن الدوافع الخفية لسلوكيات مثل مشاهدة المواد الإباحية. وفي حين أن هناك أشكالاً مختلفة من العلاج النفسي الديناميكي، فإن الأساليب معظمها تركز على تجارب الطفولة وكيف شكلت تلك التجارب شخصيتك.
  5. العلاج الفردي: الهدف من العلاج الفردي هو الانفتاح على مشاعرك ومخاوفك وأي شيء آخر يدور في ذهنك، ويمكن أن يساعدك المعالج على تحديد محفزاتك والكشف عن السبب المحتمل لإدمان مشاهدة المواد الإباحية.
  6. العلاج الجماعي: إذا كنت منفتحاً لمناقشة إدمانك على مشاهدة المواد الإباحية مع أشخاص آخرين، فيمكن للعلاج الجماعي أن يساعدك؛ حيث تقدم مجموعات الدعم العديد من المزايا الفريدة مثل التشجيع والمتابعة.

ما المدة اللازمة للتعافي من إدمان مشاهدة الإباحية؟

تختلف مدة التعافي من إدمان مشاهدة المواد الإباحية من شخص إلى آخر؛ لكنها عملية مستمرة تتطلب الكثير من التفاني والالتزام، وعادة ما تستغرق مدة التعافي أسابيعَ أو شهوراً، وتتوقف على عدد من العوامل مثل:

  • مدة مشاهدة المواد الإباحية خلال اليوم ونوع تلك المواد.
  • ممارسة العادة السرية في أثناء مشاهدة تلك المواد.
  • طول مدة الإدمان على المواد الإباحية.
  • طريقة مشاهدة تلك المواد، سواء أكانت على الكمبيوتر أم الهاتف المحمول أم وسائل التواصل الاجتماعي.
  • وجود خطة واضحة للتوقف.

في النهاية، قد تمر بمرحلة الانتكاس بعد بداية العلاج؛ ولكن الحقيقة أن الانتكاس لا يعني أبداً أنك فشلت وإنما يعني أنك حاولت، وتذكر دائماً أن لإدمان المواد الإباحية آثاراً سلبية في حياتك؛ لذلك تشجع وتحرر من قيوده.

المحتوى محمي