ماذا تعرف عن طريقة العالمة بادوفان لعلاج اضطرابات الأطفال العصبية؟

3 دقائق
علاج بادوفان
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ابتكرت المعلمة ومختصة تقويم النطق البرازيلية بياتريز بادوفان هذا النوع من العلاج الذي يحمل اسمها في سنوات السبعينيات، وهو علاج يرتكز على إعادة التنظيم العصبي الوظيفي؛ حيث يعمل على معالجة المناطق المتضررة أو غير المحفَّزة من الجهاز العصبي عن طريق العودة إلى مراحل النضج والتعلمات كلّها.

ماذا لو كان بالإمكان إعادة تأهيل الجهاز العصبي في حالات الاضطرابات التي تصيب الأطفال مثل تأخر النمو أو عسر القراءة أو فقدان الشهية عند الرضع، أو في حالات الإعاقات مثل فرط النشاط والتوحد؟ هذا ما يقترحه علاج بادوفان الذي يرتكز على إعادة التنظيم العصبي الوظيفي؛ حيث يعمل على معالجة المناطق المتضررة أو غير المحفَّزة من الجهاز العصبي عن طريق العودة إلى مراحل النضج والتعلمات كلّها.

ابتكرت المعلمة ومختصة تقويم النطق البرازيلية بياتريز بادوفان (Béatriz Padovan) هذا النوع من العلاج الذي يحمل اسمها في سنوات السبعينيات، عندما كانت تبذل كل ما لديها في مواجهة صعوبات التعلّم (المشي أو الكلام أو الدراسة، إلى غير ذلك) والفهم والسلوك والعلاقة مع الآخرين التي كان مرضاها يعانونها.

ما هو علاج بادوفان؟

تقول المعالجة ومختصة تقويم النطق فلورانس فروماجو (Florence Fromageot): "يجمع مصطلح إعادة التنظيم العصبي الوظيفي الأفكار كلّها التي جاءت بها هذه الطريقة العلاجية، فنعْت "العصبي" يحيل على الجهاز العصبي، ونعت "الوظيفي" يحدد الوظائف التي يتحكم فيها هذا الأخير؛ مثل الوظائف الحركية والحسية والحوفية العاطفية والجسدية والكلامية والإدراكية. فعندما يحدث خلل في التنظيم مهما كانت الوظيفة التي طالها، فإن النظام كله يصبح مهدداً وفقاً لبادوفان".

وكأن الوظائف كلها عبارة عن فروع شجرة مستقلة عن بعضها لكنها مرتبطة بجذع مشترك: الجهاز العصبي، علماً أن نضج دماغ الإنسان يحدث دائماً بناءً على مسار متشابه، وهو ما تسميه طريقة بادوفان: مسار "المشي والكلام والتفكير". "لا يتعلق الأمر إذاً بمعالجة العرَض؛ بل بتتبّع السلسلة العصبية التطورية بأكملها من أجل معالجة المناطق المتضررة".

كيف تطبق طريقة بادوفان؟

يجتاز المريض في كل جلسة علاجية مراحل التعلّم كلها التي كان من المفروض أن يخضع لها في السنوات الثلاث الأولى من العمر، أو حتّى سن السابعة بالنسبة إلى بعض التعلّمات المتأخرة. و"تُجرى عملية العلاج الأولى في أرجوحة شبكية، وتمثل هَدهدة رحم الأم، ثم يقوم المعالج بإخضاع المريض للمراحل الضرورية كلها الخاصة باكتساب الحبو والتدحرج والمشي على أربع إلى غير ذلك".

ومن الضروري ألّا يجتاز المريض التداريب بطريقة واعية كي يكتسب المهارات الآلية: "فربط هذه الخيوط العصبية الأساسية وإعادة ذلك، هو الذي يمكّن المريض فيما بعد من القيام بحركات إرادية هادفة ودقيقة وملائمة". ويشرف المعالج على تطبيق المريض لهذه الحركات المختلفة،

وتدوم الجلسة العلاجية نحو 50 دقيقة وتكون فردية بمعدل جلستين في الأسبوع (وقد تصل إلى جلستين في اليوم في حالات العلاج المكثف). توضح فلورانس فروماجو: "خلال الجلسة، نكرر حركات السلسلة العصبية التطورية الخاصة بالجسد؛ أي حركات اليدين والعينين والوظائف ما قبل اللغوية أيضاً مثل التنفس والمصّ والمضغ والبلع، مع مصاحبة ذلك كله بقصائد شعرية أو أغاني أطفال يلقيها المعالج".

ويجب أن تكون الجلسات منتظمة "لأن علاج بادوفان يمثل نهج القواعد الثلاث التي تشمل التكرار؛ حيث يعيد الطفل الحركات نفسها عندما يتعلّمها، والانتظام من أجل تحقيق نوع من الانسجام مع الجهاز العصبي، والإيقاع لأن الإنسان ليس في حقيقته سوى مجموعة من النبضات القلبية".

ما هي الحالات التي يمكن علاجها بطريقة بادوفان؟

يمكن توظيف علاج بادوفان في حالات مرضية مختلفة. تقول فلورانس فروماجو: "يجب اللجوء إلى هذا العلاج بمجرد ظهور خلل ما، حتى ولو كان وراثياً، فنحن نتدخل أحياناً في حالات الأطفال المصابين بالأمراض الوراثية أو في حالات الولادة المتعسّرة أو المبكرة".

وغالباً ما يلجأ الناس إلى علاج بادوفان أيضاً في حالات الأطفال الصغار الذين يعانون مشكلات اضطرابات الأكل، ثم لاحقاً بسبب تأخر النمو والاضطرابات العصبية وصعوبات التعلّم وغيرها من الأعراض. تضيف فلورانس فروماجو: "أما عند البالغين، فيتعلق الأمر بمرضى مصابين بأمراض وراثية أو إعاقات ناتجة من صدمات (حوادث السير، أو جلطات دماغية أو غير ذلك). كما تتزايد الاستشارات في أوساط الأشخاص المسنين في حالات أمراض التنكس العصبي مثل آلزهايمر".

كيف تختار المعالج المناسب لحالة طفلك؟

يمارس العديد من المختصين في المجال الطبي العلاج بطريقة بادوفان؛ مثل المختصين في تقويم الكلام واللغة، والعلاج النفسي الحركي، والعلاج الطبيعي، والمعالجون النفسيون والمختصون في علاج الإعاقات الحركية والنفسية، وتجوز لنا تسميتهم جميعاً "المعالجين بطريقة بادوفان".

ومهما كانت التداريب التي خضع لها هؤلاء فإنهم يمارسون جميعاً هذا العلاج بالطريقة نفسها، ويظل التوجيه الوحيد الذي ينبغي أن ينتبهوا إليه هو سبب الاستشارة. وبناءً على ذلك، تتعين استشارة مختص تقويم الكلام واللغة عندما يتعلق الأمر بتأخر له علاقة بالفم أو الكلام، ونلجأ إلى مختص العلاج النفسي الحركي عندما يتعلّق الأمر بمشكلات حركية، بينما يُستشار المعالج النفسي عندما يتعلق الأمر باضطراب سلوكي، دون أن ننسى أن بعض هذه المهن العلاجية منظم قانونياً ويخضع للتأمين الصحي، بينما بعضها ليس كذلك.

المحتوى محمي