7 طرق فعّالة لتكسر دائرة القلق المفرَغة التي تستنزفك

دورة القلق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل شعرت يوماً ما أن حياتك مزودة بجهاز إنذار يملؤك بالخوف؟ تأتي الساعة السادسة صباحاً فتشعر بالهلع لأنك لم تتمكن من النوم ليلة أمس ومن ثَمّ ستكون أقل إنتاجاً، فتقرر التغيب عن العمل. تهدأ قليلاً ثم يداهمك القلق من الجديد في الليل؛ يُطلق على هذه الحالة اسم “دورة القلق”، وإليك في هذا المقال طرائقَ فعّالة لإيقاف تلك الدورة القاتلة.

يؤثر القلق في سلوك الشخص وطريقة ممارسته لحياته اليومية على نحو كبير؛ فمثلاً حين يحاول الأشخاص القلقون تجنُّب الشعور بالقلق والهروب من التجارب المؤلمة، ينخرطون في سلوكيات التجنُّب، وبطريقة ما، يشعرون بالراحة المؤقتة، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الشعور بالمزيد من القلق. يمكن أن نُطلق على هذه الحالة اسم “دورة القلق”؛ وهي حلقة مفرَغة لا تنتهي من الشعور بالقلق ومحاولة تجنُّب المشاعر السلبية ثم المزيد من القلق، وإليكم في هذا المقال طرائق فعّالة حتى توقف دورة القلق بداخلك.

ما هي دورة القلق؟ وما علاقتها بعقل القرد؟ 

تشرح المعالجة النفسية جينيفر شانون (Jennifer Shannon) في كتابها “لا تغذِّ عقل القرد” (Don’t Feed the Monkey Mind)، دورة القلق قائلة إن عقل الإنسان أشبه بعقل القرد الذي يقفز في الهواء دون كلل أو ملل. ولكي نفهم كيف تبدأ دورة القلق من الأساس، تأخذنا شانون في رحلة قصيرة إلى مركز الخوف في الدماغ، فهناك توجد نواتان على شكل حبتَيّ لوز تُسمَّيان “اللوزتين الدماغيتين”، تقعان داخل جمجمتك وتمر فيهما التجارب جميعها، فكل ما تراه وتفكر فيه وتسمعه تمسحه اللوزتان بحثاً عن أي تهديد.

وعندما يُدرَك التهديد، تطلق اللوزتان إنذاراً ينبّه الوطاء والغدة الكظرية، فيرسلان بدورهما إشارات هرمونية عصبية إلى الجهاز العصبي تأمرانه بزيادة سرعة دقات القلب والتعرق. وفي حالة الأشخاص الذين يعانون القلق، فإن جهاز الإنذار هذا يُستخدم على نحو مفرط، وتعتمد ردة فعلك عادة على الطريقة التي تعلمت أن تقوم بها في الماضي مثل الوقوف مجمداً أو تجنُّب المواقف السلبية. وفي هذه الحالة، يفرح عقل القرد الذي بداخلك لأنه حصل على مكافأته بتحذيرك؛ حيث يُعد ذلك إنجازاً عظيماً بالنسبة إليه.

وحين يستولي عليك عقل القرد وتدخل دورة القلق، ترتكب عدة أخطاء أولها أنك تبالغ في تقدير التهديد، وثانيها أنك تستهين بقدرتك على مواجهة المشاعر السلبية؛ ومن ثَمّ تعيش حياة مقيدة عاجزاً عن السعي نحو تحقيق أحلامك لأنك تقضي الأيام في تجنُّب الأخطاء وتجترّ المخاوف السابقة وتحاول السيطرة على كل شيء من حولك. أما الخطأ الثالث فهو استمرار دورة القلق دون توقف، ففي كل مرة تواجه تهديداً ثم تستجيب لإنذار عقل القرد وتتجنب الخطر الوهمي فتشعر بالمزيد من القلق وهكذا.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر القلق في جودة نومك؟ وماذا تفعل لتتخلص منه؟

كيف تغذي دورة القلق في داخلك؟

تؤكد الطبيبة النفسية جاكلين غولوتا (Jaclyn Gulotta) إن التجنُّب يلعب دوراً محورياً في تغذية دورة القلق في داخلك. وتضيف غولوتا إنك بينما تحاول تجنُّب قلقك، تصبح أكثر قلقاً. ويوضح المعالج النفسي جاك شتاين (Jack Stein) إن ثمة 4 مراحل تغذي دورة القلق في داخلك ويشرحها عبر المثال التالي:

  1. المرحلة الأولى: التفكير في الوقوف أمام مجموعة من الأشخاص في العمل وتقديم عرض تقديمي يجعل ضربات قلبك تزيد بقوة، وهنا ينطلق الإنذار.
  2. المرحلة الثانية: ميولك إلى الهروب؛ لذا فأنت ستدّعي المرض من أجل الهروب من العرض التقديمي.
  3. المرحلة الثالثة: تشعر فوراً بالارتياح لأنك لست مضطراً للقيام بالمهمة التي تُشعرك بالقلق الشديد.
  4. المرحلة الرابعة: هذا الارتياح قصير الأمد ويختفي عندما تعلم أنه أُعيدت جدولة العرض التقديمي للأسبوع التالي؛ ما يُشعرك بالقلق من جديد.

اقرأ أيضاً: ما الأطعمة التي تحارب الخوف والقلق؟

ما استراتيجيات الأمان لمواجهة دورة القلق؟

تتحدث المعالجة النفسية جينيفر شانون في كتابها “لا تغذِّ عقل القرد” عن استراتيجيات الأمان؛ وهي ببساطة السلوكيات التي تلجأ إليها في أثناء تأجيل القرارات وتقنع نفسك بأنها أهم من القرار الذي يسبب لك القلق والخوف. على سبيل المثال؛ حين تختار تنظيف المنزل بدلاً من إنجاز العمل، ففي هذه الحالة يُعدّ تنظيف المنزل استراتيجية أمان سلوكية.

وتشرح شانون إنك تستخدم استراتيجيات الأمان من دون وعي في الكثير من الأحيان بوصفها ردود أفعال على القلق، أو حتى تستدعي عقل القرد للتحرك عن طريق إخباره إن ثمة شيئاً ليس على ما يُرام وعليك التصرف فوراً. وعندما تفعل شيئاً يكافئك عقل القرد ووقتها تشعر بالارتياح المؤقت، ومن أشهر استراتيجيات الأمان المستخدَمة: التسويف واجترار الماضي.

وعادة ما تهدف استراتيجيات الأمان إلى استبعاد المجازفة؛ لكن من دون المجازفة تصبح الخبرات الجديدة والمعارف مستحيلة؛ حيث تتجاهل رغباتك كلها وتستجيب فقط لرغبات القلق والخوف، وبذلك تدخل في الحلقة المفرغة للقلق وهي شبيهة بالحلقة المفرغة للاكتئاب، فتصبح أقل ثقة في قدراتك وتنخرط في تجنُّب خفيّ يجعلك تفقد متعة الحياة شيئاً فشيئاً.

كيف يمكن إيقاف دائرة القلق؟

يستغرق تغيير طريقة تفكيرك وشعورك وتصرفك وقتا والتزاماً، ولكن من الممكن كسر دائرة قلقك بنجاح، المهم أن تكون مدركاً لتلك الدائرة المفرغة وبعد ذلك تأتي الخطوات والطرائق التالية:

  1. اعكس المراحل: يمكن كسر دائرة القلق من خلال عكسها وذلك عبر 4 مراحل:
  • المرحلة الأولى: حاول مواجهة المواقف المخيفة دون الاستعانة باستراتيجيات الأمان.
  • المرحلة الثانية: اسمح لنفسك بتجربة زيادة جرعة القلق وحاول تجاهل الإنذار الداخلي.
  • المرحلة الثالثة: اتجه نحو مهارات التأقلم الصحية لمساعدتك على تقليل القلق إلى مستوىً يمكنك التحكم فيه.
  • المرحلة الرابعة: ضع في اعتبارك قدرتك على التحكم في ردود أفعالك.
  1. التصحيح المعرفي من خلال التدرُّب على النقاش العقلاني لأفكار القلق: يشير استشاري طب الأسرة والعلاج النفسي، خالد بن حامد الجابر إلى أن التصحيح المعرفي لأفكار القلق يكون عبر تحويل أفكار القلق إلى حوار عقلاني مفيد إما عن طريق الخطاب الداخلي الذهني وإما عن طريق الكتابة، ويهدف التصحيح المعرفي إلى تغيير أفكار القلق والرد على الأفكار السلبية.
  2. مواجهة المواقف المخيفة تدريجياً: إذا قمت بهذا الأمر فسوف يؤدي ذلك إلى تحسين شعورك بالثقة؛ ما سيساعد على تقليل قلقك ويسمح لك بالدخول في مواقف أكبر بالنسبة إليك.
  3. البحث عن طرائق للتكيف والـتأقلم: بغض النظر عن مرحلة دورة القلق التي تمر بها، ثمة استراتيجيات يمكنك تجربتها لمساعدتك على التكيف؛ وأهمها:
  • تمارين التنفس العميق.
  • ممارسة تمارين اليقظة الذهنية.
  • إعطاء الأولوية دائماً للرعاية الذاتية.
  • ممارسة التأمل واليوغا.
  • تدوين الأفكار المزعجة عبر الكتابة أو التسجيل الصوتي.
  • إحاطة نفسك بنظام دعم قوي من الأصدقاء المقربين.
  • تذكير نفسك بأن ما تشعر به هو أمر مؤقت.
  • الاستعانة بالعلاج النفسي.
  1. التحقق من الواقع: تؤكد أستاذة الطب النفسي في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins University)، غولدا جينسبيرغ (Golda S. Ginsburg) إن التحقق من الواقع يُعد إحدى أسهل طرائق كسر دائرة القلق، وعادة ما يحدث ذلك التحقق عبر تعلُّم كيفية التعرف إلى الوقت الذي يكون فيه القلق صحياً وصادقاً ومبنياً على الواقع، أو غير واقعي ومتخيَّل.
  2. السماح لنفسك بالتجربة: بدلاً من تجنُّب التجارب الجديدة أو الخوف منها أو مقاومتها بشدة، جرب السماح لنفسك بالتجربة وحاول استكشاف الأمر، وحتى لو فشلت في التجربة فهذه ليست نهاية العالم.
  3. التواصل مع الطبيعة: ربما لن يساعدك التواصل مع الطبيعة على كسر دائرة القلق؛ ولكنه سوف يجعلك أكثر استرخاءً ويعزز حالتك المزاجية، وهذا الأمر سيساعدك كثيراً على التعامل مع قلقك.

في النهاية، إذا كنت تعاني القلق، فتأكد أنك لست وحدك، وإذا كان القلق يعوق مسار حياتك الطبيعي ويمنعك من تحقيق أهدافك، فيجب عليك التواصل مع الطبيب النفسي المختص. تعتمد علاجات القلق عادة على العلاج النفسي أو الدوائي، وأحياناً على مزيج من الاثنين؛ المهم هو أن تتحدث إلى طبيبك حول الأعراض التي تعانيها لتحديد أسلوب العلاج المناسب لك.