كيف تؤدي صدمات الطفولة إلى الإصابة بالألم المزمن؟ دراسة علمية تجيب

2 دقيقة
صدمات الطفولة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

تترك صدمات الطفولة جروحاً كامنة يمكن أن تظهر بعد سنوات في شكل آلام مزمنة. في هذا السياق، كشفت دراسة نشرَتها المجلة الأوروبية لعلم الصدمات النفسية (European Journal of Psychotraumatology)، عن وجود صلة بين تجارب الطفولة السلبية (الصدمات النفسية وسوء المعاملة والعنف إلى غير ذلك) والآلام المزمنة في مرحلة البلوغ.

تُبرز هذه الملاحظة ضرورة فهم هذه الآثار الطويلة الأمد على نحو أفضل للوقاية منها، فما هي إذاً الآلام المزمنة الشائعة التي تصيب هؤلاء الأشخاص؟

ما هي النتيجة التي توصلت إليها الدراسة؟

اعتمدت نتائج هذه الدراسة على تحليل بيانات جمعها الباحثون على مدار 75 عاماً، وشملت 826,452 بالغاً. وأظهرت هذه البيانات أن الأشخاص الذين تعرّضوا إلى الاعتداء الجنسي أو العنف الجسدي أو النفسي أو الإهمال خلال طفولتهم معرّضون أكثر من غيرهم إلى الآلام المزمنة خلال مرحلة البلوغ بنسبة 45%. وأوضحت النتائج أن هذه الاحتمالية تزيد تراكمياً؛ إذ كلّما تعرّض الشخص إلى تجارب سلبية، زادت إمكانية إصابته بالآلام المزمنة.

وقد تتجلى هذه الآلام المزمنة في عدة أعراض؛ مثل آلام العظام والعضلات والألم العضلي الليفي، ومتلازمة القولون العصبي وآلام الحوض والصداع والصداع النصفي. ومن المهم أن نشير إلى أن الدراسة ركزت على الآلام التي لا يمكن تشخيصها بدقة دائماً، باستثناء حالات مثل الكسور والسرطان.

اختلاف وظائف الدماغ

أكدت نتائج الدراسة التي أجراها الأستاذ بكلية العلاج الطبيعي والوظيفي في جامعة ماكغيل (School of Physical & Occupational Therapy - McGill University)، أندريه بوسيير (André Bussières)، أهمية فهم الآليات الكامنة في الصلة بين صدمات الطفولة وهذه الآلام.

وعلى الرغم من أن العلاقة السببية تظل في حاجة إلى توضيح، فإن الباحثين يدرسون بعض الفرضيات مثل التعديلات اللاجينية وتغيرات وظائف الدماغ المرتبطة بالألم المزمن، ويتساءلون إذ ما كانت الصدمات هي التي تضرّ بالدماغ أم أن الآلام المزمنة هي التي تؤثر في وظائفه.

ويلحّ الأستاذ بوسيير على ضرورة تدريب المختصين التدريب المناسب لمساعدة المرضى الذين عانوا الآلام المزمنة، وكانوا عرضة إلى الاعتداء أو الإساءة خلال الطفولة، علاوة على أنه يدعو الحكومات إلى أداء الدور المنوط بها في عملية الوقاية من هذه المشكلات.

محاربة التابوهات

من الضروري أيضاً محاربة التابوهات التي تحيط بمشكلة الألم المزمن والاعتداءات التي تعرّض إليها المرضى خلال الطفولة، ومن المهم مرافقتهم ومساعدة أُسرهم التي تواجه في أغلب الحالات ظروفاً صعبة. ويتطلب ذلك إدارة أفضل وعلاجات مناسبة، سواء خلال الطفولة أو لاحقاً بعد سنّ البلوغ، عندما تظهر انعكاسات هذه الصدمات في شكل آلام مزمنة.

باختصار، تؤكد هذه الدراسة الحاجة الملحة إلى كشف الألم المزمن وعلاجه باعتباره نتيجة محتملة لصدمات الطفولة. ويمكننا من خلال فهم الصلة بين الظاهرتين، أن نأمل في تقديم دعم أكثر فعالية للمتضررين، وحمايتهم من المعاناة المحتملة في المستقبل.

اقرأ أيضاً: