ملخص: ترسم سمات معينة كالمرح واللطف والغضب والحساسية ملامح شخصية المرء وتحدد هذه السمات الشخصية سلوكياته وطريقة تعامله مع نفسه ومن حوله؛ ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط إذ إنها قد تسبب شيخوخة الدماغ أيضاً. تقول توميكو يونيدا: "قد يسهم تراكم التجارب خلال الحياة في قابلية الإصابة بأمراض أو اضطرابات معينة مثل الضعف الإدراكي البسيط، أو يزيد الاختلافات الفردية التي تحدد مدى القدرة على مقاومة التغيّرات العصبية المرتبطة بالعمر، أو حتى يسبب آلزهايمر"!
يمكن أن يكون لشخصية المرء تأثير في شيخوخة الدماغ وإصابته بالضعف الإدراكي، فكيف ذلك؟ ترسم سمات كالمرح واللطف والغضب والحساسية ملامح شخصية المرء، وتحدد هذه السمات الشخصية سلوكياته وطريقة تعامله مع نفسه ومن حوله؛ ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط إذ إن لها تأثيراً في صحته أيضاً.
العلاقة بين السمات الشخصية ونمط التفكير
يقول جان بول سارتر في مسرحيته "لا مَخْرَج" (Huis Clos): "الجحيم هو الآخرون"؛ لكن عيوب المرء لا تؤذي من حوله فقط بل تؤذيه هو شخصياً أيضاً، نفسياً وجسدياً. ووفقاً لدراسة نُشرت في أبريل/ نيسان 2022 في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology) وأوردها موقع سي إن إن (CNN)، فإن هناك سمات شخصية يمكن أن تحمي أصحابها من الضعف الإدراكي وشيخوخة الدماغ الخلوية أكثر مقارنةً بسمات أخرى.
تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة والطالبة في مرحلة الدكتوراة في علم النفس بجامعة فيكتوريا في كندا، توميكو يونيدا (Tomiko Yoneda): "تعكس سمات الشخصية أنماطاً ثابتة نسبياً من التفكير والسلوك التي يمكن أن تؤثر في ممارسة الأفراد السلوكيات الصحية أو غير الصحية طوال حياتهم".
وقد حللت الدراسة شخصيات نحو 2,000 شخص شاركوا في مشروع راش ميموري آند إيجينغ بروجيكت (Rush Memory and Aging Project)، وهو دراسة بدأت عام 1997 في مدينة شيكاغو. وعاينت الدراسة دور 3 صفات شخصية رئيسية وهي: الضمير الواعي والانفتاح على الآخر والعصابية، وقارنت أبعاد الشخصية هذه بمدى مقاومة الناس للتدهور المعرفي في وقت لاحق من الحياة.
وفي حديثه مع سي إن إن، أوضح مدير عيادة الوقاية من آلزهايمر في مركز صحة الدماغ بكلية شميدت للطب في جامعة فلوريدا أتلانتيك في أمريكا، ريتشارد إيزاكسون (Richard Isaacson) بالتفصيل السمات التي يكون أصحابها أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الجهاز العصبي؛ ومنها العصابية وهي الاستعداد للشعور بالعواطف السلبية. ووفقاً لعالم النفس البريطاني هانز إيسنك (Hans Eysenck) الذي اشتهر بأبحاثه حول الشخصية، ترتبط هذه السمة ارتباطاً وثيقاً بالقلق والتقلقل العاطفي.
يقول الدكتور إيزاكسون: "ربطت الدراسة القلق واجترارا الأفكار بأحجام الدماغ الأصغر؛ لكن من غير الواضح إذا كان الإجهاد والالتهاب العصبي يسببان ذلك، ولا وجود فعلياً لعلامة بيولوجية خاصة بهذا الأمر لذا يصعب إثباته".
وقد أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين كانت لدى أدمغتهم القدرة على تجديد خلاياها كانوا أكثر وعياً وانفتاحاً، ويمكن لهذه السمات أن تحميهم من الضعف الإدراكي البسيط لفترة أطول.
بعض سمات الشخصية يزيد خطر شيخوخة الدماغ
قد تسهم سمات الشخصية المشار إليها في زيادة خطر الإصابة بتنكس الدماغ وتدهور أنسجة المنظومة الدماغية وخلاياها. وتقول توميكو يونيدا: "قد يسهم تراكم التجارب خلال الحياة في قابلية الإصابة بأمراض أو اضطرابات معينة مثل الضعف الإدراكي البسيط، أو يزيد الاختلافات الفردية التي تحدد مدى القدرة على مقاومة التغيّرات العصبية المرتبطة بالعمر، أو حتى يسبب آلزهايمر".
وأخيراً، يوضح الدكتور ريتشارد إيزاكسون إنه إذا كان بالإمكان ملاحظة الرابط بين السمات الشخصية والقابلية للإصابة باضطرابات معينة أو شيخوخة الدماغ فإنه يبقى من الصعب تحديد ما إذا كانت الأولى تسبب الثانية أو العكس.
اقرأ أيضاً: رياضة الدماغ: كيف يمكنك تعزيز كفاءة قدراتك الذهنية؟