التحقق من درجة الالتزام بعلاقة عاطفية أو زوجية أو ودية يعتمد على معايير كثيرة؛ لكن هناك معياراً أساسياً أضحى في نظر الخبراء النفسيين حاسماً في تقييم نوعية الحميمية التي تجمع بين طرفي العلاقة؛ إنه عنصر الجدال، وإليك التفاصيل.
كيف نقيس مدى التزام شخص ما بعلاقته الزوجية؟ قد يتساءل الكثيرون منّا عن وجود وسيلة معينة لتقييم درجة انخراط شخص ما في علاقته. هناك مؤشرات عدة تكشف رغبة المرء في هذا الانخراط مثل المشروعات المستقبلية أو الوقت المخصص للعلاقة أو الالتزام الرسمي أو التواصل الواضح؛ لكن هناك وسائل أقل وضوحاً تسمح أيضاً بفهم درجة هذا الانخراط. يعود المعالج النفسي، بول دونيون (Paul Dunion)، في مقال نشره موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today)، إلى تحليل مفهوم العلاقة الحميمية والتمييز بين صورها المختلفة وما تعنيه على مستوى الالتزام.
أهمية التمييز بين الحميمية العَرضية والحميمية الملتزمة
الحميمية بعد أساسي في أيّ علاقة سواء كانت مادية أو عاطفية أو فكرية أو روحية؛ إذ تسهم في التقريب بين شخصين وتعزّز الارتباط بينهما وتعمّقه. ولكن هل تعني مشاركة إحدى صور الحميمية مع شخص ما ظهور نوع من الالتزام بالضرورة؟ وفقاً لبول دونيون؛ من الأفضل التمييز بين الحميمية العرضية والحميمية الملتزمة، فإذا كانت الحميمية العرضية شائعة أكثر بين الأصدقاء، فقد تظهر أحياناً في العلاقات الزوجية.
في العلاقة الحميمية العرَضية، يلتقي الشريكان من حين لآخر، علاوة على أن أوقات الفراق والتباعد تتحول إلى حاجز يفصل بينهما، ولا تظهر لديهما أيّ إرادة لبناء شيء مشترك. "لا يتحدث الشريكان معاً أو يتحدثان قليلاً حول توقعاتهما المتبادلة، ولا تشكل العلاقة بينهما في معظم الأحيان إطاراً للنمو الفردي أو الجماعي؛ إذ يركزان على أحداث الماضي وذكرياته بدلاً من تجارب الحياة الحالية".
في المقابل، عندما يتعلق الأمر بالعلاقة الحميمية الملتزمة، فإن كلاً من الطرفين يُظهر "اهتماماً مستمراً بالمشاركة الفعالة في حياة الآخر على المستوى العاطفي والفكري والجسدي". والعنصر الأكثر دلالة في التمييز بين هاتين الصورتين من صور الحميمية هو عامل إدارة النزاعات.
كيف تعكس النزاعات مدى التزام الشريك؟
إذا لم تقترن العلاقة الحميمية بالالتزام، فإن الشريكين لا ينخرطان عموماً في النزاعات وفقاً لما ذكره المعالج النفسي. يوضح ذلك قائلاً: "إذا حدث نزاع بينهما يبدأ أحدهما بتجنب الآخر"؛ بينما يميل الشخصان اللذان تربطهما علاقة حميمية ملتزمة إلى عدم التهرب من النزاع؛ بل يواجهانه ويبذلان أقصى ما في جهدهما لتجنب "ديناميات الفوز والخسارة أو الصواب والخطأ، مع مواصلة تعلم صقل كفاءاتهما في النقاش".
خلافاً لما قد نظنه، فإن الاستعداد أو عدم الاستعداد للانخراط في النزاع يشكل مؤشراً دالاً على مستوى الالتزام. قد يشير النفور من النزاعات إلى أنّ أحد الشريكين أو هما معاً غير ملتزمين بخوض محادثات غير مريحة وحل مشكلاتها، أو أنهما يجدان صعوبة في الانخراط في العلاقة بأكملها، وفقاً لما صرحت به المختصة النفسية سوزان ماكلاناهان (Susan McClanahan) لموقع بزنس إنسايدر (Business Insider). إن الاستعداد للالتزام بالعلاقة مع الآخر يعني أيضاً تقبل نشوب الخلافات وظهور المعوقات والنزاعات. لذا؛ فإن إظهار الاستعداد لخوض الجدال من أجل التوصل إلى حل شامل وتحقيق بعض التقدم والسير قُدماً قد يشكل علامة التزام.