من النادر أن ينفصل المرء عن شريكه ولا تخطر بباله أسئلةً مثل: ماذا الآن؟ هل نستطيع أن نصبح أصدقاء؟ كيف نبقى على تواصل بأسلوب راقٍ؟ هل يصحّ أن تحدث زوجك/زوجتك الحالي/ة عن زوجك/زوجتك السابق/ة؟ يضع العالم النفسي ومؤلف كتاب "إدارة علاقاتك مع شركائك السابقين" (Managing Your Exes) "إيف ألكسندر تالمان" بين يدينا مفاتيح بناء علاقة ناجحة مع الزوج/الزوجة السابق/ة.
هل نصبح أصدقاء؟
أضحى الشخص الذي كان يوماً اختيار قلبنا ومحبوبنا الذي تشاركنا معه لحظات كثيرةً من حياتنا زوجنا/زوجتنا السابق/ة، الشخص الذي يعد من بين أكثر الناس الذين يعرفوننا. لهذه الأسباب والكثير غيرها يرى "إيف ألكسندر تالمان" أن هذا الشخص مهم ومميز لذا "سيكون من المؤسف محوه من حياتنا لمجرد أن قصتنا معه لم تنتهِ النهاية التي كنا نرجوها".
الفخ الذي قد نقع فيه
"هل نبقى أصدقاء؟" تتكرر هذه العبارة أثناء الانفصال وتكون برضى الطرفين؛ "إلا أنها تخفي بين أحرفها خوفنا من الفراغ الذي سيتركه غياب الطرف الآخر في حياتنا، فيملأ البعض هذا الفراغ بالمحافظة على علاقة ود وصداقة بينه وبين الطرف الآخر حتى يتجاوز فترة المعاناة من ألم الانفصال. تكمن المشكلة في هذا التصرف أنه قد يزيد معاناتنا، وذلك لسبب وجيه: "فسابقاً كنا أهم شخص في حياة الآخر، أما الآن وقد أصبحنا أصدقاءَ فقط، صرنا بنفس منزلة الآخرين لديه.
مسار التصرف الصحيح
قبل أن نقرر أن "نبقى أصدقاء" لنسأل أنفسنا أولاً هل نستطيع تقبل أن نكون في منزلة الصديق لدى الطرف الآخر؟ لذا "قبل كل شيء، تمهّل ولا تتسرع. أولاً أعط مشاعر حزنك وفترة ألمك حقها. بعد ذلك يمكننا أن نتحقق هل لا تزال روابط الألفة قائمةً بينكما أو لا". خاصةً أن هذا الشخص لن يكون صديقاً كغيره من الأصدقاء. "فعندما نكون مع زوجنا السابق نكون في منطقة رمادية بين مشاعر الحب التي سكنت قلبنا يوماً وعلاقة الصداقة التي نبنيها اليوم"، فما سر نجاح هذه الصداقة؟ يكمن السر في الوضوح؛ "قد نؤذي أنفسنا إن لم نوضح كل الأمور منذ البداية، فعندما تكون تفاصيل العلاقة مبهمة يفترض كل شخص التفاصيل حسب منظوره لها".
لا تحقد على الزوج/ة السابق/ة
عندما تكون معاناة المرء شديدةً عند الانفصال، أو عندما يشعر أن شريكه خانه أو تلاعب بمشاعره، تبقى نار غضبه منه مشتعلةً لسنوات. ووفقاً لـ "إيف ألكسندر تالمان" ما السخط على الشريك والاستخفاف الدائم به وما إلى ذلك إلا استراتيجية أخرى لملء الفراغ الذي خلّفه غيابه؛ إذ يقول: "تكون هذه المشاعر المؤلمة أفضل دائماً من اللامبالاة، فمن خلالها يكون الشريك السابق حاضراً في ذهننا، ليس بداعي الحب وإنما بداعي الغضب منه أو النقمة عليه".
الفخ الذي قد نقع فيه
كثيراً ما نردد عبارات مثل: "هو/هي يتحمل كامل مسؤولية انفصالنا"، "يا له/ا من شخص أناني". من الشائع أن يحمّل الطرف الذي كانت له الحصة الأكبر من ألم الانفصال -ويكون غالباً الطرف الذي تخلى عنه شريكه- الطرف الآخر كامل المسؤولية عن فشل علاقتهما، حتى أنه يجعله يشعر بالذنب. لكن العوامل التي تؤدي إلى الانفصال متعددة ومعقدة، وكما أن بنيان الزواج شُيِّد بسواعد الزوجين معاً، فإن خرابه حصيلة تصرفات كل منهما؛ لذا "لا يمكن تحميل أحد الطرفين المسؤولية الكاملة عن الانفصال".
مسار التصرف الصحيح
عندما يتذكر المرء العلاقة بعد انتهائها "يفضَّل في البداية أن يستعيد الذكريات المؤلمة حتى لا يقع في خطأ إضفاء المثالية على الزوج/ة السابق/ة ("كان رائعاً"؛" لن أعثر أبداً على زوج/ة مثله/ا" وما إلى ذلك): فهذا التفكير من أكثر العوامل التي تؤجج معاناتنا، فما كان لإنسان أن يخلو من العيوب. وفي المقابل؛ بمجرد انتهاء فترة حزننا يمكننا أن نحافظ على علاقة طيبة معه/ا كُرمةً للّحظات الجميلة التي جمعتنا به، وانفصالنا عن بعضنا لا يمحو كل ما عايشناه معاً".
ليكن الانفصال الصريح خيارك الأول
يجد البعض أن الانفصال هو الابتعاد التدريجي البطيء من خلال اللقاءات مع الشريك والنقاش معه عبر الهاتف والرسائل القصيرة وغير ذلك. ألا توجد طريقة أخرى تخفف ألم الانفصال قليلاً؟ "أحياناً يكون هناك تناقض في هذا الأمر، فكيف لزوجين سابقين أن يخبرا بعضهما بعضاً أنهما يريدان قطع سبل التواصل نهائياً؟ هذا ليس منطقياً".
الفخ الذي قد نقع فيه
عندما نختار ما يسميه "إيف ألكسندر تالمان" "المعالجة المثلية العاطفية" (المعالجة المبنية على مبدأ القول "وداوها بالتي هي الداء") سبيلاً للتعافي من جراحنا بأن نلجأ إلى شريكنا السابق، فإننا نجازف بأن نزيد معاناتنا أكثر. "فالعيش على أطلال العلاقة؛ والذي يعد أيضاً وسيلةً لملء الفراغ، يعيق تعافينا من آثار الانفصال". ويقول "إيف ألكسندر تالمان" إن فترة الحداد والمشاعر السلبية التي نعيشها فيها يستحيل تجاوزها بهذه الطريقة، والشخص الذي سبب لنا تلك المشاعر أصلاً لا يمكن أن يكون الخليل الذي نفضي إليه آلامنا أو الطبيب الذي سيداوينا منها".
مسار التصرف الصحيح
يرجع الأمر إلى كل شريك في رسم معالم قصة انفصاله، إما وحيداً أو بدعم أصدقائه أو أقاربه، أو متخصص إذا دعت الحاجة. "في مرحلة ما، ينبغي أن تتعلم كيف تتخذ قراراً بقطع علاقة. دعك من المعالجة المثلية واتخذ قرار الانفصال النهائي، فحتى يكون الانفصال نهائياً وقطعياً لا بد من أن تؤمن بأن: "العلاقة قد انتهت، وأنك لن تكون إلى جانب هذا الشخص مرة أخرى أبداً، وأن الأوان قد آن كي تتجاوزه". عندها فقط تبدأ بالتفكير في تكوين رابط جديد معه.
لا تقارن زوجك/زوجتك الحالي/ة بزوجك/زوجتك السابق/ة
"كيف كانت العلاقة مع الشريك السابق؟". عندما نرتبط بشريك آخر بعد الانفصال يصعب أحياناً أن نقاوم مقارنته بشريكنا السابق، أو مقارنة أنفسنا بالشريك السابق لشريكنا الحالي.
الفخ الذي قد نقع فيه
إن وقع سماع ثناء شريكك على شريكه السابق بعبارات مثل: "كانت زوجتي تكوي ملابسي" أو "كان زوجي السابق يعرف كيف يشعرني بالسكينة" قاسٍ عليك. غير مناسبة. "لا يجب أن نتعمق في تفاصيل عن علاقتنا مع زوجنا السابق قد تترك مجالاً للمقارنة؛ التصرف الأفضل عندما يوجّه شريكك الحالي سؤالاً عن نمط زواجك السابق هو أن تجيب بأنه كان مختلفاً، وترفض الاستفاضة وذكر أي تفاصيل".
مسار التصرف الصحيح
يتذكر العالم النفسي: "كانت شريكتي متزوجةً سابقاً، وذلك الزواج كان قد أثر فيها فعلاً. فبدلاً من المقارنة، كنت مهتماً بفهم أسلوب حياتها وتصرفاتها عندما تحب شخصاً أو عندما تكون متزوجةً من شخص لم تعد تحبه.
التفاهم مع والد أو والدة أطفالك
عندما ينفصل الزوجان ويكونان والدين لأطفال لا بُدّ أن يبقيا على التواصل للتفاهم على مسائل نمط رعاية الطفل والتعليم واختيار المدرسة وما إلى ذلك. يستحيل أن تُقطع العلاقة بين والد ووادة الطفل نهائياً. "لا يكتفي الطفل بأحد الوالدين، فهو يحتاج إلى حب كلا والديه فإذا غاب أحدهما سيختل توازنه".
الفخ الذي قد نقع فيه
لكن الألم والمعاناة تكون شديدةً أحياناً لدرجة أن بعض الأزواج لا يستطيعون منع أنفسهم من تقليل شأن شريكهم السابق دائماً أمام أطفالهم، وهو تصرف يضعهم في مواجهة صراع رهيب بين ولائهم لشريكهم والأذى الذي سبّبه لهم. والفخ الآخر الذي نقع فيه: تشويه السمعة المتكررة للشريك الجديد لزوجنا السابق، "فإننا بتنحيتنا لدوره أو عدم احترام سلطته نجازف بتحريض طفلنا على عدم احترام أي سلطة بعد الآن".
مسار التصرف الصحيح
عند وجود صراع بين الزوجين السابقين من الضروري ألا نجعل أطفالنا جزءاً منه، فهم ليسوا مضطرين لتحمل عبء الخلاف بين والديهم. ويوافق "إيف ألكسندر تالمان" على أن هذا يتطلب بذل جهد نفسي حقيقي في أمور مثل: "التمكن من إخبار الطفل أننا سعداء لأن وضع والده/والدته جيداً"، أو تقبل الشريك الجديد للزوج السابق الذي سيكون لطفلهما "ممثلاً إضافياً لدور الأب أو الأم".
احذر من الانتكاس والحنين عند إعادة التواصل مع زوجك/زوجتك السابق/ة
في عصر الشبكات الاجتماعية و"فيسبوك" والتقنيات الحديثة أصبح العثور على الزوج السابق الذي انقطعت أخباره ممكناً بنقرة واحدة. فمن منا لم "يتجسس" على صفحة زوجه/زوجته السابق/ة؟ويتساءل: "ما هي آخر أخباره؟ لم لا نلتقي مجدداً لنستعيد الأيام الخوالي؟".
الفخ الذي قد نقع فيه
لكن عندما نلتقي بشريكنا السابق وجهاً لوجه نجازف "بالاستسلام للحنين إلى الماضي وإضفاء الطابع المثالي على العلاقة السابقة والسعي إلى إعادة بنائها. يجب أن ندرك أن شريكنا السابق تغير عن الشخص الذي كان عليه عندما كان معنا، فقد غدا اليوم غريباً تماماً عنا، وينبغي أن نتعرف إليه مرةً أخرى.
مسار التصرف الصحيح
هل توجد مشكلة في إعادة التواصل مع زوجنا/زوجتنا السابق/ة؟ يقول "إيف ألكسندر تالمان": لا مانع؛ لكن عندما ترتبطان مجدداً انتبه، فقد يهدد أي تصرف تفعلانه ويثير ذكرى ما بينكما علاقتكما، علماً أن هذه التصرفات تحدث كثيراً. "بما أنكما مررتا معاً بمواقف عاطفية كثيرة، لا مفرّ من أن يبدر من أحدكما تصرف يثير الذكريات والمشاعر بينكما. يحدث التقارب بين زوجين سابقين غالباً أسرع بكثير من التقارب بين شخصين غريبين".
3 نصائح يقدمها لنا "إيف ألكسندر تالمان"
- من المحبَّذ أن تأخذ في الحسبان عندما تختار شريكك أخلاقه عند الانفصال.
"عندما ترتبط بشخص ما يجدر أن تسأل عن وضع زيجاته السابقة. فقد تصبح علاقتك معه إحدى زيجاته السابقة".
- كما يفضل أيضاً أن تختار شريكك كما تختار أصدقاءك.
"ربما من المهم أن تسأل: لو لم نكن زوجين هل يحتمَل أن نكون صديقين؟ إذا كانت الإجابة نعم، فيمكن أن تنشأ صداقة بينكما عندما تخبو مشاعر الحب".
- يمكنك أيضاً أن تعامل زوجك/زوجتك السابق/ة كما تعامل صديقك.
"الوضع المثالي مع الزوج/ة السابق/ة هو بناء علاقة ودية، وإلا فلا علاقة أخرى يجب أن تجمع بينكما. فالعلاقة التي تبنى على الحنق أو الاستياء أو الكراهية لا خير يأتي منها".