في البداية يجب التنويه إلى أن العلم الحديث لا يقدم أرقاماً دقيقة عن عدد حالات "رهاب الأدوات الحادة" (Aichmophobia)؛ ولكن عموماً تتصف أنواع الرهاب الدقيقة؛ ومنها رهاب الأدوات الحادة، بأنها حالات صحية نفسية وعقلية من الممكن ملاحظة انتشارها حتى وإن لم يكن ضخماً.
وينعكس تَجنُّب المواقف التي تتضمن التعامل مع أدوات حادة بصورة سلبية على هؤلاء الأشخاص؛ حيث من الممكن أن يحرمهم الاستمتاع بجوانب معينة من الحياة الطبيعية؛ مثل ممارسة الطهو أو الحياكة أو أي هوايات أخرى قد تتطلب التعامل مع أدوات حادة.
فحسب تقديرات كليفلاند كلينيك (Cleveland Clinic) المنشورة في أواخر أغسطس/آب 2021؛ قد تصل نسبة الأشخاص المتوقع إصابتهم بحالة رهاب دقيقة إلى 7-10%، بينما يسعى حوالي 10-25% منهم لعلاج حالتهم في تجاهل كلي لها ولما قد تحمله من آثار سلبية في صحتهم وجودة حياتهم.
بالإضافة إلى ما سبق؛ يشير تقرير كليفلاند كلينيك إلى أن الأبحاث أظهرت ضرراً أعلى بين الأشخاص الذين يعانون من أنواع الرهاب الدقيقة مثل رهاب الأدوات الحادة، ولا يسعون للعلاج؛ حيث كانوا أكثر عرضة بمقدار مرتين للإصابة باضطراب القلق والاكتئاب.
ما هو رهاب الأدوات الحادة؟ ما علاماته المرضية؟ كيف يتم تشخيصه؟ وما طرق العلاج الأنسب للتعامل معه؟ وأكثر!
رهاب الأدوات الحادة
يُعبِّر هذا الرهاب ببساطة عن الخوف من الأدوات الحادة؛ ما قد يجعله يشمل مجموعة واسعة من أنواع الرهاب الأخرى الدقيقة مثل الخوف من الوخز بإبرة طبية. ويتمحور رهاب الأدوات الحادة حول خشية إيذاء النفس بجرح الجلد أو طعنه أو حتى إيذاء الآخرين.
كما يُمثِّل نوعاً من أنواع اضطرابات القلق الذي قد يظهر على صورة خوف شديد وقلق حاد عندما يكون حول الأشخاص أدوات حادة مثل مقص أو سكين أو إبرة أو حتى قلم رصاص، فغالباً ما يتحنبون المواقف أو الأماكن التي بها تلك الأدوات.
ما العلامات المرضية لرهاب الأدوات الحادة؟
على الرغم من بذل الأشخاص الذين لديهم خوف مرضي واضح من الأدوات الحادة مجهوداً كبيراً لتجنب مواجهتها، فقد يكون من السهل ملاحظة البعض من أعراضه المرضية التالية:
- الدوار أو الرُعاش.
- ضيق التنفس.
- الخوف والقلق الحاد.
- الشعور بتسارع ضربات القلب.
- الشعور برغبة جامحة في الهرب من الموقف أو المكان.
كيف يتم تشخيص رهاب الأدوات الحادة؟
إجمالاً يتم تشخيص حالات الرهاب المختلفة بناءً على أربعة معايير على الأقل؛ والتي قد تشمل:
- الخوف الشديد وغير المعقول: وقد يستمر الخوف من الأداة أو الموقف أو المكان بصورة لا تتناسب ما حدث أو قد يحدث.
- القلق التوقعي: فقد يميل الشخص الذي يعاني من هذا الرهاب إلى التفكير بأسلوب يتملّكه الخوف والقلق الحاد من المواقف أو الأماكن أو التجارب المستقبلية.
- التجنّب الواضح: فقد يذهب العديد من هؤلاء الأشخاص إلى أبعد الحدود فقط لتجنّب مواجهة الشيء الذي يخافون منه.
- الأثر السلبي في الأنشطة اليومية: فقد يحد هذا الخوف من التجارب الفردية أو الجماعية بصفة مستمرة؛ ما يسهّل تشخيصه على أنه حالة نفسية وعقلية ذات أثر غير صحي.
اقرأ أيضا:
ما طرق العلاج الأنسب للتعامل مع رهاب الأدوات الحادة؟
بطبيعة الحال؛ تختلف طرق العلاج الأنسب للتعامل مع هذا الرهاب باختلاف بعض العوامل التي تؤخذ في الحسبان قبل تصميم الخطة العلاجية من قبل المختص النفسي.
ويمكن عادةً علاج رهاب الأدوات الحادة عن طريق جلسات العلاج النفسي (Psychotherapy) التي قد تتضمّن العلاج بالتعرّض الواقعي أو الافتراضي أو حتى العلاج المعرفي السلوكي.
عموماً؛ يصف علاج التعرّض الواقعي أو الافتراضي أسلوباً شائعاً من العلاج النفسي يُستخدَم لعلاج أنواع معينة من الرهاب، وذلك لمساعدة الأشخاص على مواجهة ما يخافونه وإدارة مخاوفهم بصورة صحية وسليمة تحت إشراف مختص نفسي.
وقد يستخدم المعالجون النفسيون العلاج بالتعرّض مع الأشخاص الذين يعانون من هذا الرهاب لتشجيعهم ببطء على الشعور بالاطمئنان في مواقف قد كانت تسبب لهم القلق، إلى جانب تحسين تجاربهم وأفكارهم عن هذه المواقف حتى يتمكّنوا من تعلم كيفية التأقلم معها بصفة صحيحة.
إضافة إلى ما سبق، فقد يُستخدَم العلاج المعرفي السلوكي (CBT) بجلسات مع مختص نفسي مبنية حول التحدث إليه وطرح الأسئلة التي تساعد في اكتساب منظور مختلف.
ونتيجة لذلك؛ قد يتعلم الأشخاص الذين يعانون من رهاب الأدوات الحادة الاستجابة بأسلوب أفضل ومن ذلك التعامل بصورة سليمة مع حالات التوتر والقلق.
اقرأ أيضا:
ما الأدوية المستخدمة في علاج رهاب الأدوات الحادة؟
في بعض الحالات الأخرى قد يحتاج الأشخاص إلى وصفات دوائية ضمن خططهم العلاجية لتساعد على تخفيف أعراض الخوف والقلق مؤقتاً؛ ما قد يُعزز نجاح الخطة العلاجية في التغلب عليها والتخلّص من الرهاب.
وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يكون شائعاً، فقد يتناول الأشخاص المصابون برهاب الأدوات الحادة حاصرات بيتا أو المهدئات لمساعدتهم في منع حدوث الأعراض الجسدية للقلق أو علاجها بصورة مؤقتة في بعض الحالات.
ختاماً؛ لا ينبغي أن نستخفّ ببعض الحالات الصحية النفسية والعقلية لمجرّد أننا لا نشعر بوجودها حولنا، فمن الممكن أن يتفاقم هذا الرهاب ويجعل الإنسان يعاني جسدياً ونفسياً وعقلياً بصورة تمنعه من عيش حياة صحية.
اقرأ أيضا: