دراسة علمية تكشف سر إضراب جيل الألفية عن الزواج

2 دقيقة
تفضيل جيل الألفية العزوبة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

هل أصبحت العزوبة مصدر سعادة ورضا في عصرنا الحالي؟ يبدو أن التحولات العميقة في القيم الاجتماعية أضحت تنعكس على نظرة الأفراد إلى العزوبة، ولا سيّما من المراهقين والشباب. هذا ما تُظهره نتائج دراسة ألمانية اهتمت ببيانات مئات العزاب، وكشفت أن المراهقين أصبحوا أكثر ميلاً إلى تقدير عزوبتهم والاستمتاع باستقلاليتهم. إليك التفاصيل.

يبدو أن مراهقي اليوم سعداء بعزوبتهم. هذا ما كشفته دارسة اهتمت بأسباب شعورهم بالرضا. في هذا العصر الذي تتزايد فيه الوحدة يبدو أن المراهقين وجدوا توازناً غير متوقع في العزوبة. اهتمت دراسة أنجزها فريق من علماء النفس في ألمانيا ونشرتها دورية الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Personality and Social Psychology Bulletin) بموضوع تطور مستوى الرضا عن العزوبة مع مرور الوقت لدى فئات عمرية مختلفة. تكشف الدراسة أن الشباب المولودين ما بين 2001 و2003 لا يكونون عزاباً فحسب في معظم الأحيان؛ بل هم أيضاً أكثر رضاً عن عدم الزواج مقارنة بمن يكبرونهم سنّاً.

تطور المواقف من ظاهرة العزوبة

حلّلت الدراسة تطور مستوى الرضا عن العزوبة لدى عدة أجيال، وأظهرت النتائج أن المراهقين المولودين في بداية الألفية أفادوا أنهم أكثر رضاً عن حالة عدم الزواج مقارنة بمن ولدوا قبل هذه الفترة بعشر سنوات. في المقابل، لم يلاحظ الباحثون هذا الميل لدى البالغين الذين تتأرجح أعمارهم بين العقد الثالث والرابع.

يشير الباحثون إلى أن التغيرات الاجتماعية تؤدي دوراً أساسياً في هذا التطور. في الوقت الحالي يبدو أن الشباب يولون أهمية أكبر إلى استقلاليتهم الشخصية وسعادتهم الفردية؛ ومن ثم يؤجلون الالتزام العاطفي. توضح المؤلفة الرئيسة للدراسة الدكتورة تيتا غونزاليس أفيليس (Tita Gonzalez Avilés): "ربما يفضل مراهقو اليوم التركيز على أنفسهم بدلاً من الانخراط في علاقات الحب".

النساء العازبات أكثر رضاً من الرجال

وفقاً لبيانات معدل انتشار العزّاب فإن المراهقين الذين ولدوا ما بين 2001 و2003 أكثر عرضة إلى عدم الزواج بنسبة 3%، مقارنة بأولئك الذين ولدوا ما بين 1991 و1993. وفي السياق نفسه، صرح المراهقون الأصغر سناً بأنهم راضون عن عزوبتهم بنسب أعلى من أولئك المزدادين قبلهم بعقد من الزمن.

من جهة أخرى، لم يجد الباحثون أيّ فارق ملحوظ بين فئتي العزّاب فيما يتعلق بالرضا العام عن الحياة. في المقابل، عبّرت النساء العازبات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 34 و40 عاماً عن شعور أكبر بالرضا عن العزوبة مقارنة بالرجال. وقد ظهر ارتباط بين العُصابية الشديدة وتدني الرضا عن العزوبة؛ بينما كانت تأثيرات سمة الانفتاح أقل وضوحاً.

المنهج والاتجاهات التطورية

للتوصل إلى هذه الاستنتاجات، قارن الباحثون 4 فئات من المواليد (المزدادون ما بين 1971 و1973 وما بين 1981 و1983، وما بين 1991و1993 ثم ما بين 2001 و2003) مع التركيز على 3 فئات عمرية: المراهقون (ما بين 14 و20 عاماً) والبالغون الشباب (ما بين 24 و30 عاماً) ثم البالغون (ما بين 34 و40 عاماً). شملت العينة المدروسة 2,936 مشاركاً حافظوا على عزوبتهم طوال فترة الدراسة. قدم هؤلاء المشاركون بيانات سنوية حول مستويات رضاهم عن العزوبة ومستويات رضاهم العام عن الحياة على مدار 3 سنوات.

على الرغم من أن مراهقي اليوم يبدون أكثر رضاً عن عزوبتهم، فإن هذا الرضا يميل إلى التراجع مع التقدم في السن؛ وهذا يعني أن العزوبة قد تطرح على المدى الطويل بعض التحديات، حتّى مع تزايد التقبّل الاجتماعي لها. ويشير الباحثون أيضاً إلى تطور المعايير الاجتماعية والتوقعات في مجال العلاقات؛ وهذا ما يمكن أن يؤثر في الاتجاهات المستقبلية.