هل يحفز دواء أوزمبيك لعلاج السكري الأفكار الانتحارية؟

5 دقائق
دواء أوزمبيك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: حصد هاشتاج دواء أوزمبيك #Ozempic على منصة تيك توك مؤخراً أكثر من 600 مليون مشاهدة، حتى أن الملياردير الأميركي إيلون موسك، نسب الفضل إلى أوزمبيك بوصفه أحد الأسباب التي أدت إلى فقدان وزنه. هذا في الوقت نفسه الذي تُراجع فيه وكالة الأدوية الأوروبية هذا الدواء لتتأكد من سلامته بعد وصول بلاغات تؤكد أنه يزيد الأفكار الانتحارية، فما قصة هذا الدواء؟ وما علاقته بالأفكار الانتحارية؟ الإجابة في هذا المقال.

أعلنت وكالة الدواء الأوروبية (The European Medicines Agency) أنها تعمل على مراجعة الآثار الجانبية لدواء أوزمبيك (Ozempic)، وذلك بعد أن أبلغ بعض المستخدمين عن علاقته بزيادة الأفكار الانتحارية والرغبة في إيذاء الذات، وذلك بعد تلقّي إخطار من وكالة الدواء في أيسلندا عن 3 حالات تناولت الدواء وظهرت لديها أفكار انتحارية. وفي المملكة المتحدة، أجرت وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) تحقيقاً مماثلاً، فما قصة هذا الدواء؟ وما علاقته بزيادة الأفكار الانتحارية؟ إليكم الإجابة في مقالنا.

ما هو دواء أوزمبيك؟

ظهر دواء أوزمبيك عام 2017، وذلك بعد اعتماده من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) لعلاج داء السكري من النوع الثاني، وقد أثبت هذا الدواء أنه يحسن مؤشرات التحكم بنسبة السكر في الدم على المدى القصير والطويل؛ بما فيها نسبة سكر الدم في أثناء الصيام والهيموغلوبين لدى مرضى السكري.

ويساعد دواء أوزمبيك على خفض مستويات السكر في الدم عن طريق تحفيز إطلاق الأنسولين من البنكرياس وتقليل إفراغ المعدة المعروف أيضاً باسم "إبطاء عملية الهضم"؛ وهذا يساعد على تقليل كمية الغلوكوز في مجرى الدم بعد تناول الطعام. وبالإضافة إلى خفض نسبة السكر في الدم، يزيد هذا الدواء الشعور بالامتلاء؛ ولهذا السبب فهو فعال في عملية فقدان الوزن.

وتجدر الإشارة إلى أن دواء أوزمبيك معتمد فقط لعلاج السكري من النوع الثاني، ولم يُوافَق عليه من أجل فقدان الوزن، ومع ذلك، في بعض الحالات، قد يصف الأطباء هذا الدواء للأشخاص الذين يرغبون في إنقاص أوزانهم. وفي هذا السياق، يحذّر استشاري التغذية العلاجية بكلية طب القصر العيني، محمد منصور من استخدام دواء أوزمبيك لمرضى السمنة، ويضيف إنه مصرّح به لمرضى السكري من النوع الثاني فقط.

ما استخدامات دواء أوزمبيك؟

يأتي دواء أوزمبيك على هيئة محلول سائل يُعطى عن طريق الحقن تحت الجلد، ويحتوي على عقار سيماغلوتيد (Semaglutide) الذي ينتمي إلى فئة من الأدوية تسمَّى "منبهات مستقبلات الببتيد -1 الشبيهة بالغلوكاغون" (منبهات GLP-1) التي تعمل عن طريق الارتباط بمستقبلات GLP-1؛ ما يؤدي إلى انخفاض مستويات السكر في الدم ومستويات الهيموغلوبين السكري (A1C)، وقد يقلل الشهية أيضاً. ويُستخدم هذا الدواء في:

  1. تحسين مستويات السكر في الدم لدى البالغين المصابين بالسكري من النوع الثاني.
  2. تقليل خطر الإصابة بمشكلات القلب والأوعية الدموية.

ولا يُستخدم هذا الدواء لعلاج السكري من النوع الأول، ولا يوصف عادة للأشخاص الذين يعانون التهاب البنكرياس، وعادةً ما تؤخذ حقنة أوزمبيك مرة كل أسبوع، ويُذكر إن هناك العديد من المشاهير الذين يتناولون هذا الدواء مثل الملياردير الأميركي الشهير إيلون ماسك الذي نسب إلى أوزمبيك الفضل في خسارته الكبيرة للوزن.

ما الأعراض الجانبية لدواء أوزمبيك؟

يمكن أن يسبب دواء أوزمبيك أعراضاً جانبية خفيفة أو خطِرة، وتحتوي القائمة التالية أهم أعراضه الجانبية:

  1. الأعراض الجانبية الشائعة الحدوث: وهي التي لا تحتاج إلى تدخّل طبي، وعادة ما تكون محتملة من قبل المريض؛ مثل:
  • الصداع.
  • القيئ.
  • الإسهال.
  • آلام المعدة.
  • الشعور بالغثيان.
  • فقدان الشهية.
  • سيلان الأنف.
  • التهاب الحلق.
  • انتفاخ البطن.
  1. الأعراض الجانبية النادرة الحدوث: وهي التي تحتاج إلى تدخل طبي فوري من أجل تفادي المضاعفات؛ مثل:
  • التهاب البنكرياس.
  • اعتلال الشبكية السكري الذي يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية، ومن مضاعفاته فقدان البصر.
  • تسارع ضربات القلب.
  • مشكلات الكلى.
  • التهاب المرارة.
  • سرطان الغدة الدرقية: في الاختبارات التي أُجريت على الحيوانات، زاد أوزمبيك خطر الإصابة بأورام الغدة الدرقية. ومع ذلك، من غير المعروف ما إذا كان أوزمبيك يسبّب أورام الغدة الدرقية لدى البشر أو لا.
  • التغيرات الشديدة في الحالة المزاجية، فقد يراودك بعض الأفكار حول إيذاء نفسك.

من أوزمبيك لعلاج السكري إلى ويغوفي لإنقاص الوزن

أثبت دواء أوزمبيك منذ إصداره عام 2017، فعالية كبرى في عملية إنقاص الوزن؛ ولهذا تقدمت الشركة المصنعة لهذا الدواء نفسها، نوفو نورديسك (Novo Nordisk)، بطلب إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية من أجل الموافقة على دواء آخر بالتركيبة نفسها لكن بجرعة أعلى، وموجه خصيصاً لفقدان الوزن، وقد وافقت الأخيرة في نهاية المطاف على إصدار دواء ويغوفي (Wegovy) خلال عام 2021.

ويُصنَّع أوزمبيك وويغوفي من قبل الشركة نفسها، وكل منهما يحتوي العنصر النشط نفسه، سيماغلوتيد. ومع ذلك، يحتوي ويغوفي جرعات أعلى منه وهو مصمم لفقدان الوزن؛ بينما يحتوي أوزمبيك على جرعات أقل من سيماغلوتيد وطُوِّر خصيصاً لمرضى السكري من النوع الثاني.

كيف يرى الأطباء العلاقة بين دواء أوزمبيك والأفكار الانتحارية؟

بدأت وكالة الأدوية الأوروبية مراجعة 150 تقرير عن حالات محتملة لإيذاء النفس والأفكار الانتحارية للأشخاص الذين يتناولون دواء أوزمبيك، ومن المتوقع أن تتوصل الوكالة إلى نتيجة نهائية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وتُجرى هذه المراجعة بسبب الإبلاغ من جانب وكالة الأدوية الأيسلندية عن 3 حالات من الأفكار الانتحارية لدى مرضى تناولوا الدواء.

ولا يحمل دواء أوزمبيك تحذيرات حول التفكير بالانتحار في أوروبا أو المملكة المتحدة؛ لأن التجارب السريرية لم تُظهر دليلاً على زيادة المخاطر. لكن في الولايات المتحدة الأميركية، تشترط إدارة الغذاء والدواء أن تحمل أدوية فقدان الوزن التي تعمل على الجهاز العصبي المركزي تحذيراً بشأن الأفكار الانتحارية، ونظراً لأن الإدارة وافقت على استخدام دواء ويغوفي بوصفه علاجاً لإنقاص الوزن؛ فإن الوصفة الطبية الخاصة به تطلب من المتخصصين الطبيين مراقبة هذه الأعراض والتوقف عن تناول الدواء إذا أصيب الأشخاص بالأفكار الانتحارية؛ أما دواء أوزمبيك الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء فقط لعلاج السكري، فلا يأتي مع هذا التحذير.

ويرى طبيب أمراض الجهاز الهضمي بمركز جامعة نيويورك الطبي، ستيفن باتاش (Steven Batash) عدم وجود أي علاقة سببية بين دواء أوزمبيك والأفكار الانتحارية. وفي سياق متصل، أكدت أستاذة الصيدلة السريرية بجامعة تكساس في أوستن، جودي بيبين (Jodie Pepin) إن مصنعي الدواء ينفون حدوث أي أفكار انتحارية في أثناء تجربة الدواء، وأضافت بيبين إن هناك ملايين الأشخاص الذين تناولوا هذا الدواء، وكلما زاد عدد الأشخاص زادت احتمالية ظهور الآثار الجانبية.

وفيما يخص أعداد الأفكار الانتحارية، فإنها قليلة نسبياً مقارنة بعدد الوصفات الطبية المكتوبة لهذا الدواء، ويتفق خبير السمنة بكلية طب وايل كورنيل في نيويورك، لويس أرون (Louis Aronne) مع هذا الرأي مؤكداً عدم وجود علاقة سببية بين الأفكار الانتحارية ودواء أوزمبيك، وأضاف أرون إن هذا الدواء موجود منذ فترة طويلة، ووصفه الأطباء ملايين المرات ولم تُلحَظ أي أعراض خاصة بالأفكار الانتحارية.

لكن الممرضة ميغان ستاينر (Megan Stainer) التي تناولت دواء أوزمبيك لفترة من الوقت، أكدت حدوث بعض الأعراض مثل تغير الحالة المزاجية والشعور بالإحباط. وتؤكد ستاينر إن الأمر لم يصل إلى الأفكار الانتحارية ولكنها كانت تشعر بالحزن، وتجدر الإشارة إلى أن ستاينر حاولت الانتحار من قبل ولكن طبيب الغدد الصماء الذي وصف لها دواء أوزمبيك لم يسألها عن تاريخها الطبي؛ ولهذا حين شعرت بالإجهاد وانخفاض المشاعر ذهبت إلى المستشفى واحتُجزت في القسم النفسي لمدة قصيرة.

وأوضحت مريضة أميركية أخرى تناولت الدواء نفسه وتُدعى ستايسي ماكمارتن (Stacy McMartin)، إن صحتها النفسية تأثرت بهذا الدواء حيث خرج اكتئابها عن السيطرة وأضحى أسوأ وراودها الكثير من الأفكار الانتحارية الناتجة من شعورها بأنها دون قيمة وأن حياتها لا تحمل أي معنى!

جدير بالذكر إن ماكمارتن مصابة باضطراب ثنائي القطب، هذا وقد أكد أستاذ الطب النفسي والاضطرابات المرتبطة بالوزن في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، كيشور إم جادي (Kishore M. Gadde) إنه شاهد حالات أخرى مشابهة.

في النهاية، قد يواجه الأشخاص الذين يعانون السمنة مجموعة متنوعة من التحديات مع زيادة السمنة؛ بما فيها عدم معاملتهم بلطف بسبب أوزانهم؛ ما يزيد إجهادهم. ومع ذلك، يجب عدم تناول أي أدوية دون الرجوع إلى الطبيب المختص كما يجب أيضاً أن تخبر طبيبك بتاريخك الماضي كاملاً قبل تناول أي علاج.

المحتوى محمي