دراسة جديدة: دموع المرأة تقلل عدوانية الرجل، تعرف إلى التفاصيل الكاملة

3 دقيقة
دموع النساء
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: تخيل أن تستيقظ لتجد زوجتك أو أختك تبكي في غرفتها، وتجمع دموعها في عبوات صغيرة مثل سائل سحري. إن ما يبدو مشهداً من أفلام هوليوود يمكن أن يكون له أساس علمي؛ إذ كشفت دراسة جديدة أن دموع النساء قد تكون مشبعة بسر كيميائي تُمكنه تهدئة الرجال والحد من عدوانيتهم.

لطالما عُدَّت دموع النساء سلاحاً يقف الرجل أمامه عاجزاً ومعلناً استسلامه؛ لكن ما السر في تلك الدموع؟ كشفت دراسة علمية جديدة، نُشرت في 21 ديسمبر/كانون الأول من عام 2023، في دورية بلوس بيولوجي (PLOS Biology)، أنه يمكن لرائحة دموع النساء تقليل غضب الرجال وعدوانيتهم؛ وهو ما قد يكون آلية تطوّرية لتعزيز التعاطف والتعاون بين الجنسين. فكيف توصل الباحثون إلى تلك النتيجة؟ وكيف يمكن لدموع النساء أن تتحكم بالرجال؟ لنتابع معاً.

منحى الدراسة: كيف قللت دموع النساء عدوانية الرجال؟

يؤكد الطبيب النفسي أحمد محمد إن الإحساس بالبكاء إحساس طبيعي مماثل للشعور بالجوع والمرض والشبع؛ لكن الوظيفة الأساس للدموع بقيت لغزاً لم يتمكن الباحثون لقرون من حله، حتى أن عالم الطبيعة تشارلز داروين (Charles Darwin) نفسه كان في حيرة من هذه الظاهرة، فلم يجد لها أهمية سوى ترطيب العين.

لكن على مدى أكثر من قرن من الزمن، توصل الباحثون إلى أدوار مختلفة للبكاء؛ من التعبير عن الشعور بالضعف والعجز، إلى إزالة البكتيريا من العيون. علاوة على ذلك، أدركوا أنها ليست سمة بشرية فقط؛ إذ أشارت دراسة سابقة نُشرت في دورية نيتشر (nature)، إلى أن دموع إناث الفئران تحتوي مواد كيميائية هي الفيرمونات تعمل كإشارات اجتماعية، تشجع الذكور على التوقف عن قتال بعضهم لبعض والتزاوج مع الأنثى بدلاً من ذلك.

وفي دراسة أخرى نُشرت في دورية سلوك الحيوان (Animal Behaviour)، استنتج الباحثون أن ذكور الفئران العمياء يغطون أنفسهم بالدموع لتقليل عدوان الذكور المهيمن تجاههم. ما طرح تساؤلاً أمام الباحثين: هل للدموع التأثير ذاته في منع العدوان لدى البشر؟ هذا ما حاول فريق الباحثين في الدراسة الحديثة إجابته.

جمع الباحثون دموع النساء في أثناء مشاهدتهن لأفلام حزينة. في المقابل، شارك 31 رجلاً في لعبة إلكترونية يستخدمها علماء النفس لإثارة السلوك العدواني، من خلال حسم نقاط اللاعبين بأسلوب غير عادل. وعرّض الباحثون الرجال إلى عينات من دموع النساء و أخرى إلى محلول ملحي عادي.

كشفت النتائج أن السلوك العدواني الانتقامي كان أقل بنسبة 43.7% عندما كان الرجال يستنشقون دموع النساء مقارنة بالمحلول الملحي؛ أي إن رائحة الدموع تمكنت من تنظيم استجابة العدوان لدى الرجال؛ حيث بيّنت اختبارات مسح الدماغ زيادة الاتصال الوظيفي بين المناطق التي تتعامل مع الروائح والعدوان؛ بينما تراجع النشاط في منطقتين في المخ مرتبطتين بالعدوانية واتخاذ القرار هما قشرة الفص الجبهي والجزيرة الأمامية اليسرى، بعد شم الرجال للدموع.

أحد الألغاز التي واجهها الباحثون في هذه الدراسة، هو الطريقة التي ميّز بها البشر الرائحة؛ إذ تحتوي أنوف الفئران بنيةً تسمى العضو الميكعي الأنفي الذي يلتقط الإشارات الكيميائية الاجتماعية بينما لا يمتلك البشر مثل هذا العضو؛ ما يطرح السؤال: كيف يشعر الإنسان بالمواد الكيميائية في الدموع؟ لإجابة هذا التساؤل، طبّق الباحثون دموع النساء على 62 مستقبلاً شمياً بشرياً موجوداً على الخلايا العصبية الحساسة للرائحة، في طبق مخبري، فتنشطت 4 منها برائحة الدموع.

كيف تؤثر دموع النساء في الرغبة الجنسية للرجل؟

تأتي نتائج الدراسة الحديثة لتستكمل دراسة سابقة نُشرت عام 2011 في دورية ساينس (SCIENCE)، بمشاركة بعض الباحثين في الدراسة الحالية، حول تأثير دموع النساء في الإثارة الجنسية؛ إذ وجدت أن رائحة دموع النساء تقلل الإثارة الجنسية للذكور، وتخفض مستويات هرمون التستوستيرون في اللعاب بنسبة 13% في المتوسط؛ بينما ظلّت النسبة كما هي بعد استنشاق المحلول الملحي؛ ما قد يؤكد نتائج الدراسة الحالية باعتبار أن لهرمون التستوستيرون تأثيراً كبيراً في السلوك العدواني لدى الرجال.

لماذا يتأثر بعض الرجال بدموع النساء؟

تقف عدة أسباب وراء ذلك؛ وأهمها:

  • الحزن التعاطفي: البشر مخلوقات متعاطفة بطبيعتها، فرؤية شخص ما في محنة يمكن أن تثير مشاعر التعاطف؛ ما يجعل الشخص المراقب يرغب في تهدئة الشخص المنزعج.
  • التكيف الاجتماعي: هو عملية تورثها الأعراف والعادات والأيديولوجيات، ويبدأ هذا التكيف منذ الولادة؛ حيث غالباً ما يعلّمنا المجتمع منذ الصغر أن من مسؤوليتنا تهدئة انزعاج الآخرين وحزنهم. هذا التكييف يمكن أن يجعل الشخص يشعر بأنه مضطر للمساعدة عندما يرى امرأة تبكي.

الترابط الاجتماعي: أشار عالم النفس غير المشارك في الدراسة، آد فينجرهويتس (Ad Vingerhoets)، إلى أن دموع النساء قد تقلل هرمون التستوستيرون الذكري والإثارة الجنسية؛ لكن هذا ليس التأثير الرئيس، في إشارة منه إلى احتمال تأثير هرمون الحب (الأوكسيتوسين) الذي يعزز الترابط الاجتماعي.

المحتوى محمي