كيف تختار أوفى الأصدقاء؟

الصداقات الجيدة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: في زمن السوشيال ميديا والصداقات الافتراضية، أصبح مفهوم الصداقة سطحياً إلى درجة أننا لم نعد ندرك مدى أهمية الصداقات الجيدة في حيواتنا. فما هي إذاً معايير اختيار الصداقات الجيدة التي نحتاج إليها في أوقات فرحنا وحزننا؟ هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا.

سواء أكانوا رفاق الطفولة أم أصدقاء العمر؛ يُقال إن الأصدقاء هم العائلة التي نختارها. وعلى الرغم من ميولنا إلى التقليل من أهمية الصداقة، تحتل هذه العلاقات، وبخاصة الصداقات الجيدة منها، مكانة خاصة في قلوبنا لأنها تجلب الإيجابية والدعم اللذين نكون بحاجة إليهما في أصعب الأوقات.

ويوضح الاختصاصي التربوي والمستشار الأسري، جاسم المطوع، إن ثمة مواقف تعزز الصداقات وتقويها؛ مثل الهدية، ومشاركة الفرح، وتقديم الدعم في الفترات الصعبة أو الحزينة. فالصديق المخلص والصادق الذي يقف إلى جانبك هو مصدر السعادة والامتنان. 

ما فوائد الصداقات الجيدة في حياتك؟ 

“أصدقاؤك يعكسون هويتك”؛ هذه هي النصيحة التي تلقَّتْها الطبيبة الأميركية، كريستين فولر (Kristen Fuller)، من والدتها في صغرها؛ ما جعلها تختار أصدقاءها بناءً على شخصيتها وتطلعاتها، فلم تكن سمات سطحية مثل المكانة الاجتماعية أو المظهر من ضمن معايير اختيارها للأصدقاء؛ بل كانت تعطي الأولوية إلى سماتٍ مثل الفكاهة والصدق والدعم. ومن خلال تجربتها الشخصية في ملاحظة علاقات الصداقات التي تدوم، وجدت كريستين فولر أنه ثمة فوائد عديدة يجنيها الأفراد من الصداقات الجيدة والصحية؛ ونلخص تلك الفوائد كالتالي:

  • رفع معنوياتك وإراحتك في حزنك: يشاركك الأصدقاء الجيدون حزنك وفرحك. فيكونون مصدر دعمٍ تستمد منه قوتك إذا كنت تمر بمرحلة صعبة في الحياة، وهم أيضاً موجودون للاحتفال معك ومشاركتك انتصاراتك وسعادتك.
  • تطوير المهارات الاجتماعية: إذا كنت من الأشخاص الانطوائيين، فالأصدقاء الجيدون يخرجونك من منطقة الراحة ويُشركونك في الأنشطة الاجتماعية. ووجودهم إلى جانبك يخفف قلقك وانزعاجك في أثناء تلك التجمعات.
  • رؤية الأمور على حقيقتها: جميعنا نحتاج إلى ذلك الصديق الجيد الذي ينبهنا إلى حقيقة قاسية نتجاهلها أو نتناساها، فالصديق الحقيقي سيكون صادقاً معك حين تحتاج بالفعل إلى توجيه انتباهك نحو مشكلة معينة، أو التعامل مع قضية حساسة.
  • تكوين علاقات عاطفية صحية: تشبه الصداقات إلى حدٍ كبيرٍ العلاقات العاطفية. ويمكن أن يساعد وجود الصداقات الجيدة والصحية في وقت مبكر من مرحلة الطفولة وطوال سنوات المراهقة، على تعلم كيفية تطوير الحدود الصحية ومهارات التواصل، والقيام بما يلزم لإنجاح العلاقات العاطفية الصحية والحفاظ عليها. 
  • تحسين صحتك وإطالة عمرك: أظهرت دراسات عدة أن كبار السن الذين لديهم أصدقاء، يعيشون حياة أكثر صحةً وسعادةً من أولئك الذين ليس لديهم الكثير من الأصدقاء المقربين؛ حيث يكونون أكثر عرضة إلى لإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري والاكتئاب.

اقرأ أيضاً: هل تخولنا الصداقة بأن نبوح بالحقيقة؟

5 معايير للصداقات الجيدة

يمكن أن يكون تكوين صداقات في مرحلة الطفولة أسهل من مراحل لاحقة في الحياة؛ ما يجعل الحصول على أصدقاءٍ جيدين في الكبر، حتى لو لوقتٍ قصير، أمراً يستدعي الامتنان. وعلى الرغم من أن سماتٍ شخصية معينة قد تختلف من شخص إلى آخر، فثمة صفات مشتركة يبحث عنها معظم الناس في صداقاتهم الجيدة؛ ونعرضها كالتالي:

  • التعاطف واللطف: يتعاطف الناس بمستوياتٍ مختلفة، فمنهم من يتعاطف بصفة طبيعية، ومنهم من يجد صعوبة طفيفة في ذلك؛ غير أن الحد الأدنى من اللطف والتفهم أساسي في الصداقة الجيدة.
  • الشعور بالرضا: الصديق الجيد هو الشخص الذي تتحسن حالتك المزاجية معه، ويُشعرك بالرضا عن نفسك.
  • الاستعداد للاعتذار والاعتراف بالخطأ: القدرة على الاعتذار والاعتراف بالخطأ هي دليل على النضج والتعاطف واحترام الذات. لذلك؛ من الضروري العثور على صديق ناضجٍ بما يكفي ليقوم بذلك إن تطلب الأمر. 
  • الثقة والموثوقية: أي حين تستطيع أن تتصرف على سجيتك دون تصنعٍ أمام صديقك؛ إذ يمكنك الوثوق فيه والاعتماد عليه لأنه سيهتم بك ويفي بوعوده.
  • التواصل الجيد: الصديق الذي لا يرد على الرسائل أو المكالمات، أو يبدو أنه ينتظر تواصلك واهتمامك لكن لا يكلف نفسه عناء التواصل والاهتمام، قد يكون شخصاً جيداً لكنه ليس الصديق الأنسب، فشعورك بالتجاهل قد يكون علامة على أن صديقك قد لا يملك الوقت الكافي لك أو لا يشاركك الرغبة نفسها في التواصل أو قضاء الوقت معاً.

كيف تختار أصدقاءً يجعلون منك شخصاً أفضل؟

بين العمل والأسرة والالتزامات الأخرى، نميل إلى البقاء مع المجموعة نفسها من الأصدقاء بسبب التعود. وبذلك، نخسر فرصة تكوين صداقات جديدة تدفعنا إلى التحسُّن، وتحفزنا على التفوق. فعندما يكون أصدقاؤك ناجحين ومُلهمين، يمكنهم أن يصبحوا قوة دافعة لنجاحك أنت أيضاً. لذلك؛ من المهم إحاطة نفسك بأصدقاءٍ يمكنهم أن يدفعوك نحو النمو الشخصي والإنجاز. وثمة 4 اعتبارات أساسية يمكنك الاعتماد عليها لاختيار أصدقاء يدفعونك إلى أن تكون شخصاً أفضل؛ وهي كالتالي:

  • لا تقطع علاقتك بأصدقائك القدامى: على الرغم من أن أصدقاءك القدامى أدوا دوراً مهماً في تشكيل هويتك، فليس من الضروري قطع علاقتك بهم لمجرد أنكم قد تباعدتم لفترة معينة، ما لم يكن وجودك معهم يعوق نموك الشخصي، أو يسبب ضغطاً مفرطاً لك. فقد يكون من المفيد الحفاظ على التواصل معهم. ونظراً إلى أهمية الوقت؛ إذا وجدت أن تفاعلاتك مع بعض الصداقات تدور بصفة أساسية حول الماضي ولا تقدم لك سوى القليل، فيمكنك التفكير في تقليل التواصل. 
  • ابحث عن أصدقاء في مجال عملك: من الجيد أن يكون لديك أصدقاء عمل لعدة أسباب؛ من بينها أنه من الطبيعي أن تكون لديك أشياء مشتركة معهم بالطبع، وأيضاً لأن أصدقائك يمكن أن يشغلوا مناصب وظيفية تسهل تحركاتك المهنية المستقبلية، ناهيك بأنه من المفيد أن يكون لك أصدقاء يعرفون تاريخك الوظيفي، ونوع التحديات التي تواجهها في حياتك المهنية.
  • لا تنتقص من أهمية الأصدقاء الأكبر أو الأصغر سناً: لا ترفض فكرة مصادقة الأشخاص الأكبر أو الأصغر سناً لمجرد أنهم في مراحل حياتية مختلفة؛ إذ يمكن للأصدقاء الأكبر سناً تقديم حكمة قيّمة وربما إرشادك؛ بينما يمكن للأصدقاء الأصغر سناً مساعدتك على الحفاظ على وجهة نظر مبتكرة في حياتك المهنية على سبيل المثال، ويمكنك رد الجميل للأصدقاء الأصغر سناً من خلال تقديم التوصيات أو التوجيه المهني.
  • عامل أصدقاء عملك باحترام: لا يجب أن يُفهم هذا الدليل لاختيارك أصدقاءك بناءً على ما تستفيده منهم أو استغلالهم للتقدم في حياتك المهنية؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى الإضرار بإمكانية تكوين صداقات دائمة. لذلك؛ حاول التعرف إلى زملائك خارج العمل عندما يكون ذلك ممكناً، واكشف عن أوجه شخصيتك خارج العمل. يتطلب ذلك أن تكون صادقاً ومخلصاً ومنفتحاً، ولا تتردد في إظهار روح الدعابة، وتذكّر أن العمل هو مجرد جزء من الحياة، وثمة أجزاء عديدة أخرى ستحتاج فيها إلى أصدقائك و يحتاجون إليك. 

اقرأ أيضاً: 10 أسباب توضح لماذا أصدقاء المدرسة الثانوية هم أصدقاء العمر

في النهاية، إن اختيار الأصدقاء الذين يدعمونك حقاً ويسهمون في نموك الشخصي مهارة تستحق إتقانها. وفي حين أنه من المهم تقدير قيمة الأصدقاء القدامى والحفاظ على تلك الروابط، فمن المهم أيضاً إدراك إمكانية تكوين صداقات جديدة في أماكن غير متوقعة، حتى في مكان العمل. والأصدقاء الحقيقيون هم أولئك الذين يلهمونك لتكون نسخة أفضل من نفسك، ويدعمون رحلتك نحو النجاح.