7 خرافات عن علم نفس الجريمة منتشرة في المسلسلات والأفلام

4 دقيقة
علم نفس الجريمة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

خلال عام 1956 طلب المحققون في قسم شرطة مدينة نيويورك من الطبيب النفسي جيمس بروسيل (James Brussel) تحليل مسرح جريمة القضية الشهيرة باسم "المفجر المجنون" (Mad Bomber)، ذلك الشخص الذي روّع مدينة نيويورك طوال 16 عاماً ونجح في الإفلات من قبضة الشرطة، وقتذاك وبعد دراسة مسرح الجريمة توصل الطبيب النفسي بروسيل إلى وصف مفصل للمشتبه به، حيث أكد أنه أعزب وفي الخمسينيات من عمره وأجنبي ويعاني جنون العظمة، وقد ثبتت أوصاف بروسيل جميعها.

حيث تبين فيما بعد، أن الجاني، الذي يدعى جورج ميتسكي (George Metesky)، والذي زرع أكثر من 30 قنبلة في مدينة نيويورك، كان من أصل شرق أوروبي، والآن بعد أن ازدادت شعبية أفلام الجريمة ومسلسلاتها، مثل مسلسل عقول إجرامية (Criminal Minds)، التي تجمع بين الجريمة وعلم النفس وتحاول فك لغز القضايا المختلفة، ربما يتبادر إلى ذهنك أنك ستكون قادراً على فك ألغاز القضايا المختلفة، تماماً كما فعل جيمس بروسيل من قبل، لكن هذا غير صحيح، فالأفلام تختلف تماماً عن الواقع، فما هو علم نفس الجريمة؟ وما الفرق بين صورته في الواقع والأفلام؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هو علم نفس الجريمة؟

علم النفس الإجرامي هو فرع من فروع علم النفس مسؤول عن دراسة السلوك الإجرامي وتحليله، علاوة على العوامل النفسية التي تؤثر في ارتكاب الجرائم، وهناك عدة أسئلة يهدف علم نفس الجريمة إلى الإجابة عنها، وهي:

  1. لماذا يرتكب بعض الأشخاص جرائم ولا يرتكبها آخرون؟
  2. هل توجد شخصية إجرامية؟
  3. هل يولد المجرمون مجرمين؟ أم إنهم يصبحون مجرمين فيما بعد بسبب ظروف الحياة؟
  4. ما هي أنواع الجرائم المختلفة؟
  5. هل يمكن إعادة تأهيل المجرمين؟

ويمكن القول إن الأفلام والمسلسلات عادة ما تُظهر المرضى النفسيين وهم يرتكبون الجرائم، ومن ثم يأتي المختص النفسي الجنائي ليكشف عن دوافعه ودواخله، ولكن الحقيقة التي يؤكدها الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، هي أن المريض النفسي هو الأقل ارتكاباً للجريمة والأقل خطراً على المجتمع، وعادة ما تحدث جرائم القتل بسبب خلافات أو بسبب تعاطي المخدرات.

اقرأ أيضاً: سفاح الجيزة: ما الذي يحوّل شخصاً عادياً إلى قاتل متسلسل؟

أشهر 7 خرافات لم تخبرك بها الأفلام عن علم نفس الجريمة

إذا كنت تستقي معلوماتك حول علم نفس الجريمة من الأعمال الفنية مثل مسلسل "التحقيق في موقع الجريمة" (CSI: Crime Scene Investigation)، فاستعدّ الآن من أجل تفنيد أفكارك السابقة جميعها، وإليك أهم الخرافات حول علم نفس الجريمة:

1. علم نفس الجريمة هو علم الطب الشرعي

يظن العديد من الأشخاص أن علم نفس الجريمة يتطابق مع علم الطب الشرعي، ولكن الحقيقة هي أنهما ليسا مترادفين؛ حيث يتضمن علم الطب الشرعي التحقيق المختبري في أدلة مسرح الجريمة، مثل جمع الحمض النووي وتحليله، وأخذ بصمات الأصابع، وفحص الأسلحة النارية والرصاص، ما يعني أن الشخص الذي يوجد في مسرح الجريمة من أجل جمع الأدلة هو الطبيب الشرعي وليس المختص النفسي الجنائي.

2. يتمحور علم نفس الجريمة حول تحديد هوية المجرمين

يفترض الكثير من الأشخاص أن مجال علم نفس الجريمة يركز تركيزاً أساسياً على تحديد هوية المجرمين، حيث جسدت الأفلام المتخصصين في علم نفس الجريمة وهم يقضون وقتهم في رسم ملفات شخصية للقتلة المتسلسلين ومحاولة التنبؤ بخطواتهم التالية.

لكن في الواقع، هذه ليست سوى واحدة من مسؤوليات عديدة قد يتحملها مختص علم نفس الجريمة، حيث يساعد المتخصصون بهذا العلم على تقديم المشورة لأقسام الشرطة بشأن الأمراض النفسية، كما يتشاورون مع المحامين حول اضطرابات الصحة النفسية وغيرها من القضايا في نظام المحاكم المدنية والجنائية، ويساعدون على تصميم برامج الإصلاح لمنع عودة الجناة إلى الجريمة، هذا إلى جانب العديد من الأدوار الأخرى مثل إجراء التقييمات النفسية وتقديم شهادات الخبراء وتقييم أهلية المجرمين من أجل التقدم للمحاكمة.

3. يعمل متخصصو علم نفس الجريمة على القضايا البارزة فقط

في أثناء مشاهدتي للأفلام والمسلسلات المتخصصة في الجريمة، دائماً ما يظهر المختص النفسي الجنائي في القضايا البارزة والمهمة فقط مثل قضايا القتلة المتسلسلين، ولهذا يعتقد الكثيرون أن علماء نفس الجريمة يشاركون دائماً في قضايا مثيرة تتعلق بجرائم قتل بارزة، لكن في الواقع، غالباً ما يعملون على مسائل قانونية مختلفة يمكن أن تشمل تقييم نزاعات حضانة الأطفال، أو تقييم الحالة النفسية للمتهمين في قضايا الجنح، أو الاستشارة بشأن دعاوى التمييز في مكان العمل، ويمكن القول إن القضايا البارزة هي الاستثناء وليست القاعدة.

4. علم نفس الجريمة ساحر مليء بالإثارة

يحب صُنّاع الأعمال الفنية والمسلسلات تصوير علماء نفس الجريمة في استجوابات متوترة، أو يظهرون وهم يندفعون إلى مسرح الجريمة من أجل حل قضية في الوقت المناسب، لكن الواقع أقل بريقاً وإثارة بكثير، حيث يرتكز عمل المختص النفسي الجنائي على تقديم تقارير مفصلة وكتابة تقارير شاملة وتقديم شهادة خبير في المحكمة، وعادة ما تتطلب هذه المهام الصبر والدقة والفهم العميق للمبادئ القانونية والنفسية، وعلى الرغم من أن هذه المهام ذات معنى ومغزى، فإنها في نهاية المطاف ليست المغامرة المليئة بالأدرينالين التي تراها على الشاشة.

اقرأ أيضاً: جريمة السرقة: المحنة التي يستخف بها معظم الناس

5. ينحصر عمل المختص النفسي الجنائي في مسارح الجريمة

هذه أسطورة أخرى تروّج لها الصور الشائعة لعلم نفس الجريمة في الأفلام والمسلسلات، والتي تميل إلى التركيز على دور علماء النفس في تحقيقات مسرح الجريمة، لكن الحقيقة هي أنهم يعملون في الكثير من الأماكن، فقد يعمل علماء نفس الجريمة في مركز للصحة النفسية أو مستشفى أو سجن، على سبيل المثال لا الحصر، إضافة إلى أنهم يقدمون المشورة في المحكمة بشأن سلوك الأطفال، علاوة على ذلك، يعمل مختصو علم نفس الجريمة في البيئات الحكومية وغير الحكومية وكذلك مؤسسات المجتمع المدني.

6. مختصو علم نفس الجريمة قادرون على قراءة العقول

إن أفلام الجريمة تعطي انطباعاً قوياً للمشاهد بأن المختص النفسي الجنائي قادر على قراءة العقول، إذ يدخل إلى غرفة الاستجواب بكل قوة ويجلس أمام المشتبهين ويلج إلى عقولهم دون عناء، وعلى الرغم من أن فهم دواخل النفس البشرية يشكّل حجر الزاوية في مجال علم النفس، فإن المختص النفسي الجنائي لا يعتمد على قواه الخفية كما يظهر في الأفلام، ولكنه عوضاً عن ذلك يعتمد على الأدوات العلمية والمقابلات المنظمة والتقييمات المعتمدة، وليس قراءة العقل، ويمكن القول إن التنبؤ بالسلوك عملية معقدة ومحفوفة بالقيود، لذلك يحرص علماء نفس الجريمة على عدم المبالغة في تقدير نتائجهم.

7. يقف علماء نفس الجريمة إلى جانب المدعي

عادة ما يظهر علماء نفس الجريمة في الأفلام وهم يعملون لصالح الدفاع أو الادعاء، لكن الحقيقة هي أن علماء نفس الجريمة لا ينحازون إلى أي جانب، ويتم تكليفهم بتقديم شهادة وتحليلات خبيرة غير متحيزة بغض النظر عن الجانب الذي يستفيد منها في القضية، وقد نشأت هذه الأسطورة بسبب الصورة التي تظهر على شاشة التلفزيون عن المختص النفسي الجنائي الذي يجلب أدلة تنتهي بالقبض على المشتبه به، ويمكن القول إن المبادئ التوجيهية الأخلاقية تحظر حظراً صارماً على علماء نفس الجريمة العمل باعتبارهم مدافعين عن طرف أو عن آخر.

في النهاية، يجب القول إن علم نفس الجريمة هو مجال صعب يتطلب مزيجاً فريداً من الخبرة النفسية والمعرفة القانونية؛ حيث يؤدي المختصون النفسيون الجنائيون دوراً محورياً في تطبيق نظام العدالة من خلال تقديم تقييمات قائمة على الأدلة ومساعدة المحاكم على اتخاذ قرارات مستنيرة، وعلى الرغم من أن العمل على أرض الواقع يفتقر إلى الإثارة والمتعة الموجودة في الأعمال الفنية والأفلام، فإن العمل الحقيقي لعلم نفس الجريمة له تأثير عميق في حياة الأفراد والمجتمعات.

المحتوى محمي