ملخص: مصاص الطاقة، مثلما يوحي اسمه، هو شخص يمتص طاقتك الإيجابية لتعويض طاقته السلبية؛ ما قد يجعلك مرهقاً أو حزيناً أو بائساً. فكيف تتعرف إليه وتحمي نفسك منه؟
محتويات المقال
هل لاحظت سابقاً شعورك بالتعاسة أو الإحباط أو التعب أو الحزن بعد لقاء شخص محدد أو التحدث إليه؟ هذا الشخص غالباً مصاص طاقة. نعم، يمكنك تشبيه الفكرة بدراكولا (Dracula) مصاص الدماء في رواية "برام ستوكر" (Bram Stoker)، فعلى الرغم من أنه لا يعيش إلى الأبد ولا يملك أنياباً ضخمة ولا يتغذى على الدماء، فإنه قادر على امتصاص طاقتك الإيجابية واستنزاف مشاعرك، إما قصداً وإما دون قصد.
وقد يكون هذا الشخص شريك الحياة أو أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء أو الزملاء أو الجيران. أياً تكن صلة القرابة، هو يتغذى على رعايتك واهتمامك ثم يتركك متوتراً ومرهقاً. فكيف يمكنك التعرف إلى مصاصيّ الطاقة؟ وماذا تفعل لتحمي نفسيتك منهم؟ إليك الإجابة في هذا المقال.
مَن هم مصاصو الطاقة؟
بغض النظر عن التسمية، هل لاحظت أن بعض الأشخاص يسعون دائماً إلى الحصول على اهتمامك ورعايتك ودعمك العاطفي من أجل تلبية احتياجاتهم العاطفية وتعزيز احترامهم لأنفسهم؟ يمكن القول إنهم يتغذون على رغبتك في الاستماع إليهم والعناية بهم، ثم يتركونك مرهقاً ومثقلاً بالهموم.
هم موجودون في كل مكان حولك، وقد يختلفون بالشكل والطبع لكن تأثيرهم هو ذاته. والخطوة الأولى حتى تحمي نفسك من الضيق العاطفي الذي يخلفونه هي تحديد هويتهم. لذلك؛ إليك سمات هذه الشخصيات وبعض العلامات المميزة لها.
6 أنواع للشخصيات التي تستنزف طاقتك العاطفية والنفسية
- المنتقِد: يبذل هذا النوع الكثير من الوقت والجهد في انتقاد الأشخاص والمواقف والأحداث، فلا يعجبه العجب، ولا يوجد ما هو جيد كفاية في نظره؛ بل ويجد عيباً أو خطأ في كل شيء وأيّ شيء تقريباً.
- الضحية: يستمتع هذا النوع بلعب دور الضحية، فهو مظلوم وبريء والعالم كله ضده، وهو دائم الشكوى والتذمر حيال كل كبيرة وصغيرة في حياته.
- الدراميّ: لا بُد أنك تعرف هذا النوع من الشخصيات؛ هو ذاته الذي يحوِّل كل موقف إلى دراما حزينة، وهمومه أكبر من هموم الجميع، ودائماً ما يكون واقعاً في مصيبة كبيرة، على حدّ قوله، ويحتاج إلى المساعدة والدعم.
- المتلاعِب: شخص قادر على التلاعب بأي موقف لتحقيق مصالحه الخاصة، ونادراً ما يقول ما يقصده فعلاً، وعادة ما يمتلك مآربَ خاصة من أي حديث أو فعل يفعله.
- المتشائِم: الشخص السلبي الذي دائماً ما يرى النصف الفارغ من الكأس، وموقفه من الحياة سلبي جداً، فلا أمل في نظره ولا تفاؤل.
- اللائِم: هو مَن يسرع إلى إلقاء اللوم على الآخرين وتحسيسهم بالعار والذنب حتى عندما يتعلق الأمر بمشكلاته الخاصة.
لماذا قد يلجأ البعض إلى استنزاف طاقة الآخرين؟
ثمة عدة أسباب قد تدفع بعض الأشخاص إلى امتصاص طاقة الآخرين، سواء قصداً أو دون قصد، وقد يسهم التعرف إلى هذه الأسباب في فهمهم والتعامل معهم على نحو فعال. والأسباب كما يلي:
- حالات الصحة النفسية: الأفراد الذين يعانون حالات الصحة النفسية؛ مثل الاكتئاب والقلق والاضطراب الثنائي القطب واضطراب ما بعد الصدمة والفصام، قد يُظهرون سلوكيات تستنزف الطاقة العاطفية لمن حولهم.
- أنماط التعلق: الأشخاص الذين يمتلكون أنماط تعلق غير آمنة، أو متجنبة، أو قلقة، وغالباً ما تتطور خلال مرحلة الطفولة، قد يميلون بصفة طبيعية نحو سلوكيات مصاصي الطاقة.
- صدمات الماضي: قد يعاني الأفراد الذين تعرضوا إلى صدمات أو إساءة أو إهمال لم تُحَل في ماضيهم، أنماطاً سلوكية فوضوية أو سامة أو درامية؛ ما يدفهم إلى استنزاف طاقة الغير.
- اضطرابات الشخصية: يمكن أن تؤدي اضطرابات الشخصية؛ مثل اضطراب الشخصية النرجسية واضطراب الشخصية الهستيرية واضطراب الشخصية الحدية، إلى تجاهل مشاعر الآخرين وحدودهم.
- الشخصيات الاتكالية: غالباً ما يكون مصاصو الطاقة شخصيات لا تتحمل المسؤولية، وينجذبون نحو الآخرين لتلبية احتياجاتهم ويكافحون من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي.
- الحالات الذهانية: قد تتميز الحالات الذهانية بسمات تتعلق بالسعي إلى الاهتمام والحاجة؛ ما يسهم في اللجوء إلى امتصاص طاقة الآخرين.
10 علامات تدل على مصاصي الطاقة
انتبه إلى حالتك النفسية واستجابتك، واسأل نفسك: هل تشعر بالسعادة بعد التفاعل مع هذا الشخص أم تشعر بالضيق والانزعاج؟ هل تتفادى التعامل مع أحد الأشخاص دون أن تدرك السبب؟ هل تبدو كل محادثة معه سلبية أو درامية للغاية؟ في الأحوال جميعها، بناء على أنواع الشخصيات التي تستنزف الطاقة، إليك بعض العلامات التي تدل عليهم:
- يحاولون دائماً التفوق عليك ويبالغون في كل شيء، فإن حصلت على ترقية، فهم حصلوا على ثلاثة. هم يستصعبون الشعور بسعادة الآخرين وإنجازاتهم، فيفضلون امتصاص الطاقة لتلبية احتياجاتهم العاطفية.
- يحبون الأضواء ويطالبون بالاهتمام والعطف، وغالباً ما يتحدثون عن أنفسهم دون مراعاة الآخرين.
- لا يقبلون تحمل المسؤولية عن أدوارهم في أي خلاف أو قضية، ويحمّلونك المسؤولية عن وضعهم، أو يلقون اللوم على الآخرين.
- دائمو الشكوى والتذمر ويصفون أنفسهم بأنهم ضحايا للظروف.
- يقللون من أهمية مشكلاتك الخاصة ويحاولون التركيز على مشكلاتهم حتى عندما تكون مستاءً.
- يطرحون أسئلة شخصية غير مريحة أمام الجميع.
- كثيرو الإلحاح ويرفضون أي حلول مقترحة لمشكلاتهم.
- أنانيون وقد يُبدون سلوكيات النميمة والغيرة والتشاؤم.
- يتجاهلون الإشارات والحدود الاجتماعية.
- قد يهددونك أو يجعلونك تشعر بالخوف منهم أو يضعونك في حالة استعداد دائم للدفاع عن نفسك ووجهة نظرك.
تنوّه الاستشارية النفسية إلهام حمودة، بضرورة التفريق هنا ما بين الأشخاص الذين يشكون همومهم بين الحين والآخر (أو من يُظهِرون علامات مصاصي الطاقة في بعض الأحيان)، وبين أولئك الذين يشتكون ويتذمرون دائماً وأبداً، فمصاصو الطاقة يتبعون نمطاً دائماً، ويُظهرون هذه السلوكيات في الأوقات كلها ومع أيٍّ كان.
كيف تحمي نفسك ممن يستنزف طاقتك؟
للاستنزاف المستمر لطاقتك الإيجابية تأثير ملحوظ في رفاهيتك؛ إذ قد يؤدي التوتر الزائد بمرور الوقت إلى تفاقم مشكلات القلق والاكتئاب وأمراض القلب وغير ذلك. لذلك؛ من المهم أن تتعرف إلى سلوكياتهم وتطبق بعض الاستراتيجيات الفعالة لحماية نفسك منهم؛ ومنها:
1. لا تأمل منه الكثير
لا يمكنك إصلاح مصاص الطاقة غالباً؛ لكن تُمكنك إعادة ضبط توقعاتك منه، خصوصاً إذا كنت تشعر بخيبة الأمل أو الانزعاج عندما لا يبادر في تقديم الدعم النفسي الذي تقدمه إليه عادة. لذلك؛ أخفِض سقف توقعاتك وتذكر أن رؤيته على حقيقته ستساعدك على اتخاذ الخطوات المطلوبة لحماية نفسيتك.
2. وضِّح حدودك
وضع الحدود أمر ضروري، خصوصاً إذا كان مصاص الطاقة صديقاً أو أحد أفراد العائلة، فقد لا تتمكن من تجنبه تماماً. لذلك؛ لا بُد من توضيح حدودك مع هذا الشخص وما هو مسموح وما هو غير مسموح بالنسبة إليك، بالإضافة إلى ضرورة التكلم على نحو حازم ومباشر وصريح للإشارة إلى سلوكه الخاطئ عندما يحاول استغلال لطفك وحسن نيتك.
3. حافِظ على طاقتك العاطفية
يتغذى مصاص الطاقة على ردود الأفعال العاطفية التي تبدر منك استجابة له. لذلك؛ لا تقيم نفسك وفقاً للمعايير غير المناسبة التي وضعها لك، وتجنب منحه ردة الفعل التي يسعى إليها عندما يشتكي أو يصرّح بأمر ما، وحافظ على تعبير محايد، وتجاهل تصريحاته الدرامية باعتبارها غير مهمة. سيدفعه عدم اكتراثك إلى تركك وشأنك.
4. تجنَّب الجدال معه
قد تشعر برغبة ملحة في الجدال مع المنطق الملتوي لهذا الشخص ونظرته السلبية وادعاءاته المبالغ فيها؛ لكنك لن تستفيد شيئاً بل ستصبح الشخص "الشرير" في قصته القادمة. لذلك؛ ابقَ محايداً وابتعد عنه.
5. تعلم أن تقول "لا"
قد يكون من الصعب أن تقول "لا" أو ترفض مساعدتهم أو منحهم الدعم العاطفي الذي يحتاجون إليه، خصوصاً إذا كنت من الأشخاص الذين يشعرون بالسعادة عند إرضاء الناس؛ لكن "لا" مهمة لتوضيح الحدود وإلا فإن مصاصي الطاقة لن يتركوك مرتاحاً أبداً. لذلك؛ إذا كنت لا تحبذ قضاء الوقت مع صديق ما أو تناول الغداء مع أحد المقربين، ارفض. وإذا ما ألقى عليك اللوم، فسيكون هذا تذكيراً بسبب رفضك مقابلته أساساً.
6. اقطع علاقتك به
استبعد هذا الشخص من حياتك إذا كان هذا ممكناً، أو قلل على الأقل تفاعلك معه وابتعد عنه قدر الإمكان، وتذكر أنك تحمي نفسك في النهاية.
7. اعتنِ بنفسك
قد يستنزفك مصاص الطاقة، خصوصاً إذا كان من الأشخاص المقربين الذين لا يمكنك استبعادهم من حياتك. لذلك؛ حاول أن تعطي الأولوية لنفسك والعناية بها. مارس التمرينات الرياضية وتناول طعاماً صحياً وانخرط في اليقظة الذهنية والتأمل والأنشطة التي تملأ خزانك العاطفي.
ماذا لو كنت أنت مصاص طاقة؛ ماذا تفعل حينها؟
إذا اكتشفت أنك تمتص طاقة الآخرين وتثقل كواهلهم بطاقتك السلبية، فثمة عدة طرائق يمكنك اتباعها لتغيير سلوكياتك والبدء بتطوير علاقات صحية متبادلة المنفعة؛ مثل:
- تعلَّم إدارة الضغوط: إدارة الضغوط مهارة من شأنها أن تساعدك في الحفاظ على علاقات صحية مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم.
- نمِّ وعيك الذاتي: انظر إلى ما تطلبه من وجهة نظر شخص آخر، أو تخيل أن شخصاً آخر يتصرف مثلما تتصرف أنت. ففي بعض الأحيان، قد لا ندرك ما نطلبه من الآخرين، وإدراك ذلك قد يضع حداً لما نستنزفه منهم.
- عبِّر عن تقديرك للآخرين: من المهم أن تعترف بالعبء الذي تضعه على أكتاف أصدقائك وأفراد عائلتك. لذلك؛ أخبرهم بأنك تقدّر ما يفعلون من أجلك وعبّر عن امتنانك لهم.
- فكّر في الإيجابيات: إن أردت الشكوى من حياتك، فسوف تجد الكثير مما يمكنك أن تشتكي منه، وإن أردت أن تمتنّ، فسوف تجد الكثير مما يمكنك أن تمتنّ لوجوده؛ فكر جيداً فيما تريد.
- املأ حياتك بالأنشطة الممتعة: عندما تصبح قادراً على تلبية احتياجاتك الخاصة من الرضا والترفيه والطاقة الإيجابية، فلن تضطر إلى طلب الكثير من الآخرين.
ختاماً، إذا كنت تشعر بالإرهاق من تلبية احتياجات الآخرين ولا تستطيع احتمال الأمر، فيمكنك طلب المساعدة من المختص النفسي الذي سيساعدك على تحديد أسباب توترك، ويوجهك نحو كيفية التعامل مع العلاقات الإشكالية أو السامة. أما إذا كنت مصاص طاقة، فتُمكنك أيضاً استشارة المختص النفسي لمساعدتك على إيجاد طرائق جديدة لتلبية احتياجاتك العاطفية.