ما الذي تفعله حرارة الصيف بدماغك؟ العلم يجيب

2 دقيقة
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

هل كنت تعرف أن الحرارة يمكنها أن تؤثر تأثيراً بالغاً في دماغك وسلوكك؟ اكتشف إذاً كيف يحدث ذلك. لا تعاني أجسامنا فقط خلال موجات الحرارة الشديدة؛ بل أدمغتنا كذلك. فقد أظهرت دراسة علمية أن البالغين الشباب الذين يتمتعون بصحة جيدة يتعرّضون إلى تأثيرات معرفية مضرة بسبب الحرارة المرتفعة. إليك إذاً كيفية تأثير الحرارة في دماغك.

الحرارة المرتفعة تضرّ بأدائنا المعرفي

كشفت الدراسة التي أُجريت في مدينة بوسطن الأميركية سنة 2016 خلال موجة حرّ شديدة أن الطلاب الذين يقيمون في غرف غير مكيّفة يحصلون على نتائج أقل في الاختبارات المعرفية مقارنة بالطلاب المقيمين في غرف مكيّفة. وقد أثرت الحرارة الليلية التي تصل إلى 26 درجة مئوية في الغرف غير المكيفة تأثيراً ملحوظاً في أداء هؤلاء الطلاب.

وتؤكد دراسات مختبرية أخرى هذه النتائج؛ إذ تؤدي زيادة 4 درجات مئوية فقط في الحرارة إلى انخفاض مستوى الأداء بنسبة 10% في اختبارات الذاكرة ومدة الاستجابة والوظائف التنفيذية للدماغ. تتجلى هذه التأثيرات أيضاً في الحياة اليومية إذ أظهرت دراسة علمية أن كلّ درجة إضافية تفوق 22 درجة مئوية تؤدي إلى تراجع المعدلات المحصلة في الاختبارات المعيارية لطلاب الثانوية الأميركيين.

تفاقم العدوانية بسبب الحرارة

لا تؤثر الحرارة في قدراتنا الذهنية فحسب؛ بل في سلوكياتنا أيضاً. فقد كشفت بيانات حول الجريمة زيادة جرائم العنف مثل القتل أو الاعتداءات خلال الأيام الشديدة الحرارة. بل تتزايد أيضاً بعض السلوكيات غير العنيفة؛ مثل السب والشتم عبر الإنترنت وإطلاق منبه السيارة.

وكشفت دراسات مختبرية أخرى أن الأشخاص الذين يوضعون في بيئات حارة يتصرفون بطريقة أكثر عدوانية واندفاعية. يمكن أن تكون هذه "العدوانية التفاعلية" ناجمة عن تراجع مستوى ضبط النفس؛ الذي يتفاقم بسبب الانزعاج الجسدي من الحرارة الشديدة.

تأثير الحرارة في النوم

تؤثر الحرارة في النوم أيضاً وهذا ما قد يفاقم المشكلات المعرفية. فقد أظهرت دراسة بوسطن أنه كلما اشتد الحر اضطرب نوم الطلاب؛ وهو الأمر الذي أدى ضعف نتائجهم في الاختبارات المعرفية.

لماذا تؤثر الحرارة بهذه الطريقة في إدراكنا وعواطفنا؟

هناك نظريتان للإجابة عن هذا السؤال. تشير النظرية الأولى إلى أن الدماغ يصبح مطالباً بتخصيص موارده لضبط حرارة الجسم؛ ومن ثم فإنه يقلل الطاقة المتوفرة لأغراض معرفية أخرى. توضح أستاذة علم النفس بجامعة ولاية واشنطن (Washington State University)، كيمبرلي ميدينباور، في مقال على صحيفة نيويورك تايمز (New York Times): "إذا خصصت الدم والغلوكوز كلّه لمناطق الدماغ المسؤولة عن التنظيم الحراري، فمن المنطقي ألّا يتبقى ما يكفي للوظائف المعرفية العليا".

اقرأ أيضاً: ما هو انعدام القدرة على الاستمتاع بالحياة؟ وكيف يمكن التعافي منه؟

ترى النظرية الثانية أن عدم الارتياح الناجم عن الحرارة يشتت أذهاننا ويثير انزعاجنا؛ بسبب استجابة البقاء التي تظهرها أدمغتنا. وإذا لم تتمكن من خفض درجة الحرارة فإن دماغك يزيد شعورك بعدم الارتياح كي يصبح الحصول على البرودة أولوية مطلقة.