بحسب دراسة صينية حديثة، يمكن أن يؤدي التشخيص بمرض السرطان إلى مشاكل صحية نفسية وعقلية جسيمة تستمر حتى بعد فترة العلاج، مثل القلق والاكتئاب. وبالمقارنة مع الأشخاص الأصحاء فإن مرضى السرطان أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية نفسية وعقلية. لنتعرف سوياً إلى كيفية تهيئة الذات في مواجهة السرطان سواء قبل أو بعد الإصابة بالمرض.
القبول طريقك إلى الأمل!
لستم وحدكم! في الحقيقة، ملايين الأشخاص سنوياً يتم تشخيصهم بمرض السرطان ويبقون أحياء بيننا لعدد من الأسباب التي قد تشمل الفحص المبكّر أو الاكتشاف المبكر للخلايا السرطانية في مراحلها الأولى، أو التقدّم العلمي للممارسات العلاجية، أو تناقص الأشخاص المدخنين في بعض دول العالم. بحسب الأرقام الصادرة من "منظمة الصحة العالمية" (World Health Organization) عبر "الوكالة العالمية لأبحاث السرطان" (International Agency for Research on Cancer) ومن خلال "المرصد العالمي للسرطان" (The Global Cancer Observatory)؛ بلغت عدد الإصابات الجديدة بمرض السرطان نحو 19 مليون و300 ألف شخص في العام 2020 فقط من عدد سكان العالم البالغ 7 مليار و800 مليون شخص. وعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من تصدّر السرطان كالسبب الرئيسي الثاني للوفاة بعد أمراض القلب في عام 2019 بنحو نصف مليون وفاة، فإن الجانب المضيء الذي يستحق الذكر هو انخفاض معدلات وفيات السرطان بين عامي 1999 و2019 بنسبة 27% أي من 200.8 إلى 146.2 حالة وفاة لكل مائة ألف من السكان.
يساهم تقبل الإصابة بمرض السرطان في إنتاج مشاعر الأمل الإيجابية التي يغذيها بطبيعة الحال التفاؤل والتطلّع للأفضل. ويعتقد بعض الأطباء أن الأمل قد يقوي جسم الإنسان خلال رحلة الحياة مع السرطان. وعلى سبيل المثال، تشير الأدلة إلى أن التفاؤل بشكل كبير ارتبط بمجموعة متنوعة من النتائج الإيجابية، بما في ذلك زيادة في كُلٍّ من السعادة بشكل عام، والتأثير الإيجابي في البيئة المحيطة، وجودة الحياة. بالإضافة لما سبق، التفاؤل بشكل كبير ارتبط بتقليل الاكتئاب، والضعف الجنسي، والإجهاد الجسدي، والضيق، وعدد من الأمور الأخرى السلبية.
فيما يلي بعض الخطوات التي يمكنك من خلالها تعزيز مشاعر الأمل بداخلك:
- خطط لأيامك بشكل طبيعي، كما كنت تفعل دائماً قبل إصابتك بمرض السرطان.
- لا تتوقف عن فعل الأشياء التي تحبها لمجرد أنك مصاب بالسرطان.
- اقضِ وقتاً في الطبيعة، على سبيل المثال للاسترخاء والتأمل.
- مارس معتقداتك الدينية أو الروحية وتفكّر في طرق جعلها مصدراً للأمل.
- استمع إلى قصص أقرانك من مرضى السرطان الذي يعيشون حياة طبيعية مملوءة بالنشاط.
التهيئة النفسية والسرطان
القلق والتوتر مشاعر طبيعية
تظهر مشاعر القلق والتوتر بشكل طبيعي في أثناء العلاج وبعده؛ وقد تشعر بالتوتر طوال فترة عيشك مع السرطان نتيجة التغيرات الحياتية التي تمر بها. قد تلاحظ أن القلق والتوتر يساهمان في تغييرات جسدية، ونفسية، وحياتية مثل أن قلبك ينبض أسرع، وصداع أو آلام عضلية، وانعدام بالرغبة في الأكل أو العكس انفتاح الشهية بشكل مبالغ فيه، والشعور بالغثيان أو الإسهال، والشعور بالارتعاش أو الضعف أو الدوار، والشعور بالضيق في حلقك وصدرك، أو اضطراب النوم، والشعور بصعوبة في التركيز.
على الرغم من أن القلق والتوتر مشاعر طبيعية، يجب التعامل معهما جدياً بسبب قدرتهما بشكل مباشر وغير مباشر في تقليل فعالية إجراءات التعافي. وينصح دائماً بالتواصل مع طبيبك الذي يتابع حالتك حتى يتمكن من مساعدتك في البحث عن المعالج النفسي الأنسب لك.
الحزن والاكتئاب
من الطبيعي أن يشعر الكثير من المصابين بالسرطان بمشاعر الحزن التي تنتج لا إرادياً نتيجة الإصابة أو ما يصاحبها من تغييرات حياتية. ويمكن أن تُساهم هذه المشاعر في التأثير على الحياة اليومية، ما يعني تطورها لتصل لمرحلة قد تشخّص فيها على أنها من أعراض الشعور بالاكتئاب! ويمكن التعرّف إلى علامات الاكتئاب الشائعة؛ فعلى سبيل المثال، من العلامات العاطفية: مشاعر الحزن التي لا تزول، والشعور بالخدر العاطفي، والشعور بالتوتر أو الاهتزاز، والتفكير في إيذاء نفسك، وظهور أفكار تتمحور حول قتل نفسك، وبعض العلامات الأخرى. وبالإضافة للعلامات السابقة، يظهر في الجسم تغييرات مثل: زيادة أو خسارة الوزن غير المقصودة ليس بسبب المرض أو العلاج، ومشاكل النوم، وتسارع ضربات القلب، وجفاف الفم، وبعض العلامات الجسدية الأخرى.
إن الذهاب لمعالج نفسي لا يعني عجزك بل على العكس يساهم في حصولك على أنسب الممارسات العلاجية النفسية التي من شأنها دعم رحلتك العلاجية مع السرطان.
التعامل مع مشاعرك بشكل سليم
عبر عنها: التعبير عن المشاعر من الطرق الجيّدة التي قد تساعدك في فهم عواطفك والحصول على روابط أفضل وأقوى مع الناس من حولك؛ فعلى سبيل المثال، يمكنك تدوين تلك المشاعر والتفكير بها ومحفّزات ظهورها.
جد الإيجابية في حياتك: كما قلنا سابقاً، تركيزك على البقاء إيجابياً ومتفائلاً يحفزك عقليا ونفسياً وجسدياً على العيش بشكل أفضل مع السرطان، لذا عليك الاستمتاع بجميع الأجزاء الإيجابية في حياتك.
حاول إيقاف دوامة اللوم: تذكر أن السرطان يمكن أن يصيب أي شخص.
لا تبالغ في تصنّع البهجة: لا بأس أن تشعر ببعض المشاعر غير المبهجة وعليك أن تتفهم ذلك بشكل واقعي متى ما شعرت باستياء.
تحدث عن السرطان عندما تكون جاهزاً لذلك: قد يجد الآخرين من حولك صعوبة في تفهّم حالتك. اجعل أهلك، وأصدقائك، وأقاربك يشعرون براحة أكبر من خلال سؤالهم عما يفكرون به أو كيف يشعرون فيما يخص إصابتك بالسرطان ورحلتك العلاجية.
ابحث عن طرق لمساعدة نفسك على الاسترخاء: يمكنك القيام بالتأمل أو تمارين الاسترخاء التي قد تساعدك على تقليل شعورك بالقلق أو أي مشاعر سلبية.
كن نشيطاً: يمكن أن تساعدك التمارين الرياضية في تحسين صحتك العامة أهمها النفسية والعقلية، والجسدية ومنها اليوجا الخفيفة، أو تمارين الإطالة، أو أي نشاط حركي (قدر الإمكان).
لا تفكر في التحكم بكل شيء: بطبيعة الحال، من الأشياء التي يمكنك التحكم فيها؛ اختيار من يشارك في رعايتك الصحية، وجدولتك لمواعيدك العلاجية، والأهم إجراء تغييرات في نمط حياتك لتحسّن من رحلتك العلاجية مع السرطان.
في النهاية، تذكر أن تعزيز الجانب النفسي من شأنه إنجاح الرحلة العلاجية، لذلك يجب تهيئة الذات في مواجهة السرطان بشكل سليم كما أوضحنا في هذا المقال.