ملخص: أجرى باحثون في جامعة سانت جورج بلندن (St George’s, University of London) وجامعة ليفربول (the University of Liverpool)، دراسة بحثية استمرت مدة 5 سنوات، فحصوا خلالها آلاف الحالات الطبية، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن الإفراط في تناول المسكنات يؤدي إلى المشكلات النفسية والإدمان، فما العلاقة بين تناول المسكنات واضطراب صحتك النفسية؟ الإجابة في هذا المقال.
محتويات المقال
أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لذهاب الناس إلى الطبيب هو تخفيف الألم، وأحياناً يلجأ بعض الأفراد إلى استخدام مسكنات الألم بكثرة ظناً منهم أن الألم يمكن أن يتوقف ويختفي بلا عودة؛ ولكن ذلك لا يحدث أبداً! بالعكس، قد يؤدي تناول المسكنات إلى الإضرار بالصحة النفسية؛ حيث توصلت دراسة علمية أجراها باحثون في جامعة سانت جورج بلندن (St George’s, University of London) وجامعة ليفربول (the University of Liverpool)، إلى نتيجة مفادها أن الاستخدام المنتظم لمسكنات الألم قد يؤدي إلى الإفراط في الاعتماد عليها. ومع مرور الوقت، يمكن أن يصل الأمر إلى ضعف الصحة النفسية والإدمان، فم العلاقة بين تناول المسكنات واضطراب صحتك النفسية؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
ما تأثير تناول المسكنات في الصحة النفسية؟
فحص الباحثون في جامعة سانت جورج بلندن وجامعة ليفربول، السجلات الطبية لنحو 853,625 شخصاً تتراوح أعمارهم بين عامين و24 عاماً. ومن بين هؤلاء، شُخِّصت 115,101 حالة بأنها ألم مزمن؛ أي الألم الذي يستمر أكثر من 3 أشهر. وفي أثناء الدراسة، أُعطيت قُرابة 20,298 وصفة طبية متكررة لمسكنات الألم دون تشخيص؛ في حين شُخِّص 11,032 شخصاً وأُعطوا وصفة طبية مختلفة. توبع المرضى مدة 5 سنوات بعد بلوغهم سن الـ 25، وفي تلك الفترة، وجد الباحثون أن 11,644 شخصاً تعاطوا المخدرات، وأشار 143,838 إلى أنهم يعانون ضعف الصحة النفسية، وتلقى 77,337 شخصاً وصفة طبية واحدة على الأقل للمواد الأفيونية في أثناء المتابعة.
وأكدت رئيسة قسم الصيدلة السريرية والعلاجات في جامعة ليفربول، ريشا سوفات (Reecha Sofat)، إن النتائج مثيرة للقلق؛ وذلك لأن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً معرضون إلى الخطر بصفة خاصة. وفي سياق متصل، أوضح أستاذ علم الصيدلة السريرية والعلاجات في جامعة سانت جورج في لندن، أندرو لامبارث (Andrew Lambarth)، إن عدم علاج الألم يمكن أن يسبب ضرراً على المديَين القصير والطويل؛ لكن من الضروري أيضاً تجنب الاعتماد المفرط على الأدوية حتى لا يتحول الأمر إلى إدمان.
كيف تعمل مسكنات الألم؟
عندما تشعر بالألم، يرسل جسمك إشارات إلى دماغك وينقل الجهاز العصبي المركزي هذه الإشارات إلى المستقبلات الأفيونية في الدماغ الذي ينظر إليها على أنها إزعاج. وعندما تتناول مسكناً للألم، فإنه يفعل شيئين: أولاً، يثبط الجهاز العصبي المركزي؛ ما يمنع انتقال إشارات الألم إلى الدماغ، وثانياً، يرتبط بالمستقبلات الأفيونية؛ ما يمنع إشارات الألم.
علاوة على ذلك، تجعلك مسكنات الألم تسترخي. وبسبب الاستخدام المستمر؛ تؤدي تلك المسكنات إلى الاعتماد الجسدي؛ ما يعني أنك ستحتاج إلى جرعات أعلى لتخفيف الألم وهذا يولد البيئة المناسبة لتطور إدمان مسكنات الألم.
اقرأ أيضاً: هل يمكن علاج الاضطرابات النفسية بالأدوية فقط؟ الخبراء يجيبون
ما هو إدمان مسكنات الألم؟
يُسمَّى الآن "اضطراب استخدام المواد الأفيونية" (Opioid Use Disorder. OUD)، وكان "إدمان مسكنات الألم" مصطلحاً يُستخدم لسنوات إلى جانب مصطلحات مثل "تعاطي المواد الأفيونية". والحقيقة أن الكثير من مسكنات الألم تُصنع من المواد الأفيونية التي توجد في نبات الخشخاش؛ مثل المورفين والكودايين، وتحفز هذه المواد إطلاق الدوبامين في المخ؛ ما يسبب الشعور بالمتعة. ولهذا السبب؛ فإن الإفراط في تناول مسكنات الألم يؤدي إلى الإدمان؛ حيث يصبح بعض المرضى معتمدين نفسياً على هذا الشعور بالمتعة ومن هنا يأتي خطر الاعتماد الجسدي على مسكنات الألم التي تسبب الإدمان.
في سياق متصل، يؤكد أستاذ طب الباطنة بكلية طب القصر العيني، حسام موافي، إن المسكنات تُعد من أخطر الأدوية جميعاً، ويمكن أن تؤدي إلى الفشل الكلوي، وينصح المرضى بضرورة معرفة سبب المرض ومعالجته عوضاً عن تسكين أعراضه، فالصداع على سبيل المثال عرض وليس مرضاً؛ ولذلك فإن تناول مسكنات الصداع لن يؤدي إلى أي نتائج إيجابية.
10 علامات لإدمان مسكنات الألم
طبيعة مسكنات الألم هي أنها تصبح أقل فعالية بمرور الوقت؛ ويرجع ذلك جزئياً إلى أن جسمك يتكيف مع الدواء ويطور تحملاً له؛ ما يعني أنه يحتاج إلى جرعات أعلى من الدواء للحصول على التأثير نفسه. وهناك علامات تؤكد لك أنك تجاوزت حد الأمان في استخدام مسكنات الألم، ومن المحتمل أن تدخل مرحلة الإدمان؛ مثل:
- تناول الدواء رغبة في تخفيف حدة القلق بدلاً من تخفيف الألم.
- الرغبة في الحصول على جرعات أعلى.
- النعاس والرغبة الدائمة في النوم.
- مشكلات في الذاكرة.
- انخفاض معدل التركيز.
- اللامبالاة.
- تقلبات المزاج.
- الشعور بالاكتئاب.
- الغثيان.
- الشعور بالدوار.
ما الحدود المسموح بها لتناول المسكنات؟
يتوفر العديد من مسكنات الألم في الصيدليات دون وصفة طبية، ويمكن أن توفر تخفيفاً فعالاً للألم؛ لكنها قد تسبب أيضاً آثاراً جانبية أو مضاعفات. ومن أجل استخدامها بأمان، من المهم الانتباه إلى الجرعة والتفاعلات مع المنتجات الطبية الأخرى.
وقد وُوفِق على مسكنات الألم المتوفرة دون وصفة طبية مثل الإيبوبروفين أو الباراسيتامول لعلاج الألم الخفيف إلى المتوسط، ولا ينبغي استخدامها لأكثر من بضعة أيام متتالية، ولا تجاوز الحد الأقصى للجرعة اليومية المحددة. لذلك؛ اتبع دائماً التعليمات الموجودة على العبوة، ويمكنك أن تسأل الطبيب الصيدلي المختص. والحقيقة أن الحدود المسموح بها تختلف وفقاً لأنواع المسكنات:
- الأدوية المضادة للالتهابات مثل الإيبوبروفين: يمكنك تناول جرعة واحدة فقط من الإيبوبروفين (400 ملغ) 3 مرات في اليوم، ولا تزد على هذه الكمية خلال 24 ساعة. تناولها بانتظام مع الطعام أو بعده مباشرةً لمدة 3 إلى 4 أيام متتالية فقط.
- مسكنات الألم مثل الباراسيتامول: يمكنك تناول حبتين فقط من الباراسيتامول (500 ملغم) كل 4 إلى 6 ساعات، وليس أكثر من 8 حبات خلال 24 ساعة.
اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن دواء الباروكسيتين
كيف تقلل تناول الأدوية المسكنة؟
إن العيش مع الألم ليس بالأمر السهل؛ حيث يمكن أن يجعلك الألم متعباً وقلقاً ومكتئباً وغاضباً وهذا يجعل الألم أسوأ. ومع ذلك، من المهم أن تتناول الأدوية المسكنة بحذر ولا تفرط في استخدامها وذلك من خلال الإرشادات التالية:
- تناوَل الدواء الخاص بك كما هو موصوف تماماً، وتحدَّث إلى طبيبك في حال كنت ما تزال تشعر بالألم.
- لا تضف جرعة إضافية أبداً إلا إذا أخبرك طبيبك بذلك.
- لا تمضغ، أو تسحق، أو تكسر، أو تذب الأدوية المسكنة.
- اصرف انتباهك إلى شيء آخر حتى لا يكون الألم هو الشيء الوحيد الذي يدور في ذهنك؛ انخرط في نشاط تستمتع به أو تجده محفزاً.
- مارس بعض أنشطة الاسترخاء؛ إذ يمكن للأنشطة اليومية البسيطة مثل المشي والسباحة والرقص أن تخفف بعض الألم مباشرة عن طريق حجب إشارات الألم عن الدماغ.