ملخص: هل يمكننا تجنب الإفراط في تناول الطعام من دون أن نفقد المتعة؟ نعم، الأمر ممكن إذا استطعنا التفريق بين بين الحاجة إلى تناول الطعام والرغبة في ذلك. فيما يلي، يقدم لنا الطبيب المتخصص، جيرار أبفيلدورفر (Gérard Apfeldorfer)، طريقةً لمساعدتنا على ذلك مع توضيح عملي لكيفية تطبيقها، ويمكنك بدء تجربتها مدة 10 أيام قبل اعتمادها مدى الحياة ومن ثم تغيير عادات تناول الطعام لديك بصورة دائمة.
محتويات المقال
وتُمكن ممارسة هذا السلوك من خلال الاستماع إلى الأحاسيس الجسدية. يقول الطبيب والمختص في العلاج النفسي، جيرار أبفيلدورفر: "يعني ذلك أن نفرق بين الجوع الفيزيولوجي والجوع العاطفي؛ إذ يمثل الأول حاجة الجسد إلى الطعام للحصول على الطاقة وعناصر غذائية معينة؛ أما الثاني فهو الرغبة في تناول الطعام بوصفها آلية دفاعية نستخدمها لمواجهة عواطفنا التي نعجز عن إدارتها سواء كانت سلبية أو إيجابية.
ومن المهم أن نفرق بين نوعي الجوع هذين لنتناول طعامنا بوعي أكثر، دون إفراط ودون أن نشعر بالإحباط. وبمجرد التعرف إلى الجوع الفيزيولوجي، يتبقى تحديد حد الشبع لدينا؛ أي النقطة التي نصل فيها إلى الموازنة بين متعة الأكل وتلبية احتياجات الجسم.
وعلى الرغم من أن المبادئ التي يجب أن نلتزم بها في هذا السياق تُعد بسيطة، فإن تطبيقها بصورة يومية يتطلب جهداً وصبراً في البداية. يتطلب هذا البرنامج الذي يمتد مدة 10 أيام والذي يقوم على 10 نقاط رئيسة، التزاماً واعياً ومستمراً إلى أن يصبح عادةً يوميةً بالنسبة إليك.
أما المبدأ الرئيس للطريقة فهو أن تكون الحكَم الوحيد فيما يتعلق براحتك ورفاهتك.
1. اشعر بالجوع
حاول ألا تأكل شيئاً لمدة 4 ساعات. قد تثير هذه الفكرة انزعاجك ظناً منك أن قضاء كل هذا الوقت دون تناول الطعام سيجعلك تشعر بأنك لست على ما يرام؛ ولكنك ستلاحظ بنفسك أن الالتزام بذلك لن يؤدي إلى حدوث أي شيء سيئ لك. قد يرجع عدم شعورك بالجوع مطلقاً إلى تناول كميات أكثر من اللازم من الطعام دائماً. ويعبر هذا الإفراط عن رغبتك في كبح شعور بالحرمان حتى أنه من المحتمل أن تكون قد فقدت الإحساس بلذة الطعام. من جهة أخرى، عندما تشعر بالجوع بصورة دائمة فقد يعني ذلك أنك تخلط بين الجوع الفيزيولوجي والجوع النفسي.
تختلف مظاهر الجوع من شخص إلى آخر؛ لكنها تتمثل لدى الغالبية في الشعور بنقص في الطاقة ودوار خفيف واضطراب المزاج أو التهيج.
النصيحة: الهدف هنا هو تأسيس علاقة تآلف مع الطعام؛ لذا تابع عملك خلال فترة الصوم الصغيرة هذه دون أن تحاول الإنصات إلى إشارات جسمك؛ بل انتظر حتى تصبح مسموعةً تماماً بالنسبة إليك.
2. ضع لنفسك روتيناً
يتطلب الشعور بالجوع الفيزيولوجي ثم الشبع تجربة هذه الحالة بصورة منتظمة، ويمكن ذلك من خلال تحديد أوقات ثابتة للوجبات خلال اليوم وتناول الفطور نفسه كل صباح. وبعد 10 أيام من هذه الممارسة لن تشعر بالجوع إلا عندما يحين وقت تناول الوجبة، وستدرك حد الشبع لديك بصورة أفضل.
النصيحة: تجنب تجربة نكهات جديدة من الأطعمة خلال هذه الفترة؛ لأن اكتشاف حد الشبع من خلال الأطعمة المألوفة لديك سيكون أسهل.
3. ركز على المذاق
ركز على على اللقمات الأولى من الطعام الذي تتناوله لأنها سبيلك للتعرف إلى نكهته: هل هو مالح أم حلو جداً أم مر؟ وهل هو جيد أم متوسط الجودة؟ إن هذه الوقفة لإدراك النكهة مهمة جداً لأنها تتيح لنا تخيل مذاق اللقمات التالية؛ وهو ما يفسر قدرتنا على التهام كعكة الشوكولاتة غير اللذيذة حتى آخر لقمة لأننا نتخيل أنها لذيذة، فعلى عكس حاسة التذوق لدينا، لا تعرف مخيلتنا حدوداً. وهكذا عندما نعي بالفعل طعم ما نأكله، ستأتي اللحظة التي نشعر فيها بانخفاض في مقدار الاستمتاع بالطعام بسبب شعورنا بتغير الطعم؛ ما سيتيح لنا التوقف عن الأكل.
النصيحة: تناول طعامك بأخذ لقيمات صغيرة، استخدم الأسنان واللسان واللهاة في عملية التذوق، وضع أدوات تناول الطعام جانباً في أثناء مضغ الطعام.
4. تناول طعامك بطريقة أبطأ
يستغرق جسدنا ما بين 15 و30 دقيقة ليدرك إشارات الشبع؛ ذلك أن بعض الأنزيمات التي لها دور في إثارة الشبع عبر إرسال الرسائل إلى الدماغ لا تتنشط إلا بعد نحو 30 دقيقة من بدء تناول الوجبة. لذلك؛ فإن الأكل بسرعة يجعلنا نميل دائماً إلى الإفراط بتناول الطعام.
النصيحة: اجعل مدة تناول الوجبة نصف ساعة على الأقل، فسواء كان طعامك جيداً أو متوسط المستوى، استمتع به ببطء.
5. خذ استراحةً وسط الوجبة
خذا استراحةً في أثناء تناول الطعام واسأل نفسك: هل ما زلت جائعاً جداً أم أنك جائع نوعاً ما أم أنك لم تعد جائعاً على الإطلاق؟ إذا كنت تشعر بالامتلاء فتوقف عن الأكل حتى لو كنت تشعر أنه ما يزال بإمكانك تناول قطعة من الشوكولاتة أو الحلوى، وفكر بأنها ستكون لذيذة أكثر إذا أجلت تناولها لوقت لاحق. وعلى كل حال، أنت لا تعيش في صحراء، فالحلوى والمعجنات موجودة في كل وقت ومكان. أما إذا كنت ما تزال جائعاً فاستمر في تناول وجبتك.
النصيحة: اسأل نفسك عن مدى إحساسك بالشبع بينما فمك فارغ من الطعام وأدوات المائدة موضوعة جانباً. أفضل معيار للدلالة على الشبع هو مقدار المتعة التي تشعر بها في أثناء تناول الطعام، فعندما تبدأ هذه المتعة بالانخفاض فإن ذلك يعني أنك قد أكلت بما فيه الكفاية.
6. لا تفعل شيئاً آخر في أثناء تناول الطعام
تقول فلسفة الزن: "كل بوعي واقرأ بوعي"، وهكذا فإن هذه الفلسفة القائمة على إيلاء الأهمية للحظة الحالية، تُعد ذات صلة كبيرة بموضوعنا. فعندما تكون جالساً إلى المائدة وطبق الطعام أمامك، لا تلتفت إلى أي أمور أخرى، فلا تقرأ الصحيفة أو تشاهد التلفاز أو تدخل في نقاش سياسي محتدم في أثناء تناول الطعام. يجب ألا تفعل شيئاً في هذا الوقت سوى تناول طعامك فقط. ولكن إذا كنت تتناول الغداء على سبيل المثال مع مجموعة من الأشخاص، فإنك لن تتمكن بالتأكيد من عزل نفسك عنهم في أثناء تناول طعامك.
النصيحة: خذ استراحات منتظمة على المائدة، خصص وقتاً للحديث والاستماع، وآخر لتناول الطعام، وشيئاً فشيئاً، سترى أن هذا التناوب يحدث بصورة طبيعية.
7. تدرب على الاعتدال في تناول الطعام
هناك 3 طرائق بسيطة لتتناول طعامك بوعي واعتدال.
- تناول كل شيء، ببطء، مع التركيز على نكهة الطعام، وترك الطعام الزائد في طبقك.
- قلل حجم حصص الطعام التي تبدأ بها واسأل نفسك طوال مدة تناول الطعام عن حاجتك منه.
- قلل عدد الأطباق في الوجبة (وهذا ينطبق بصورة خاصة على الأشخاص الذين يتناولون كميات كبيرة من الطعام)، أو خذ جزءاً واحداً فقط من كل طبق للتذوق.
النصيحة: خذ استراحةً قبل الانتقال من طبق إلى آخر.
8. حدد سبب اشتهائك للطعام
أنت تنظر إلى طبق الكعك أمامك وتشعر برغبة في التهامه، لا بأس بذلك؛ ولكن اسأل نفسك: هل ما يدفعك إلى ذلك الرغبة أم الجوع؟
إذا كان الجوع فكل؛ أما بخلاف ذلك فاسأل نفسك عما يحفز رغبتك هذه: ما الذي تشعر به في هذه اللحظة تحديداً؟ هل تشعر بالحزن أم التوتر أم الغضب أم البهجة؟ هل تحاول التخلص من شعور بالضيق؟ في معظم الأحيان، تشير دوافعنا ورغباتنا الشديدة إلى اضطراب عاطفي، ونحن نأكل في هذه الحالة لنحاول التخلص من سيطرة هذه المشاعر علينا، سواء كانت مشاعر إيجابية أو سلبية.
دع إجاباتك تتدفق دون أن تضع ترتيباً لها ثم اشرب كأساً من الماء واخرج للتمشي قليلاً وأجر اتصالاً هاتفياً، يتمحور الأمر هنا حول اختبار حقيقة رغباتك. إذا استمرت الرغبة يمكنك أن تأكل الكعك الذي تشتهيه دون أن تشعر بالذنب. يمكن أن يساعدك ضبط مشاعرك مسبقاً على الأكل ضمن حدود المعقول.
النصيحة: في كل مرة تشتهي فيها طعاماً ما بشدة، حاول تدوين المشاعر المرتبطة برغبتك هذه كما هي في دفتر الملاحظات ذاته، وقد تدرك أن رغبتك الشديدة بالطعام تترافق في كل مرة مع المشاعر ذاتها.
9. لا تأكل اليوم خوفاً من الغد
قد يدفع الخوف من الحرمان والمستقبل بعض الأشخاص إلى تناول الطعام وكأنهم "يخزنون المؤن" تحسباً لأي طارئ. وفي معظم الأحيان، يكون سبب هذا الخوف الذي يعد سمة من سمات المزاج القلق، اتباع الحميات الغذائية؛ إذ يدافع الشخص عن نفسه في مواجهة عنف هذه الحميات النفسي والجسدي من خلال الإفراط في تناول الطعام.
النصيحة: عش اللحظة الحالية ولا تفكر بالغد، وتناول الطعام وفقاً لمدى شعورك بالجوع في هذه اللحظة، وتذكر أنه بإمكانك أن تجد الطعام في كل وقت ومكان.
10. كن الحكم الوحيد فيما يتعلق بتحديد احتياجاتك
قد تتخذ الكثير من السلوكيات الخاطئة فيما يتعلق بتناول الطعام عندما تكون مع مجموعة من الناس. قد تفرط في تناول الطعام لإرضائهم أو تجنباً لجرح مشاعرهم، أو حتى أنك قد تبقي رأسك في طبقك وتتابع التهام الطعام لتحمي نفسك من أي أجواء عدوانية من حولك. ولهذا من الضروري أن تعي احتياجاتك الحقيقية، وتتصرف وفقاً لها وليس لما يمليه عليك الآخرون. تناول طعامك أو توقف عن ذلك وفقاً لشعورك بالشبع وليس وفقاً لما يفعله الناس من حولك، وركز دائماً على أحاسيسك الجسدية.
النصيحة: لا بأس في حضور وليمة حقيقة تخرج منها وأنت تشعر بأنك قد أكلت كثيراً، من حين إلى آخر. بعد تطبيق هذا البرنامج، ستكون لديك ديناميكية تسمح لك بتنظيم تناول الطعام في الأيام اللاحقة
قيّم شهيتك
استمع إلى شعورك بالجوع قبل تناول الطعام وفي أثنائه من خلال تقييمه على مقياس من 1 إلى 10 كما يلي:
من 1 إلى 3 :أنت جائع كثيراً.
من 3 إلى 5: أنت جائع.
من 5 إلى 7: يمكنك التوقف عن الأكل.
من 7 إلى 10: أنت لست جائعاً بعد الآن لكن لديك متسع لتناول القليل من الطعام.
10: وصلت إلى حد التخمة.
إذا كان شعورك بالجوع عند المستوى 3 على هذا المقياس فهذا يعني أنك لم تعد بحاجة إلى تناول كمية كبيرة من الطعام لتشعر بالشبع.
من 4 إلى 5: حاول ألا تتناول وجبة أخرى، يمكن للقمة الأخيرة التي تتناولها بوعي أن تشعرك بالشبع وتتيح لك التوقف بأريحية.
6 أو أكثر: يعني أنك تفرط في تناول الطعام لكن لا تشعر بالذنب فتنظيم هذا الأمر يستغرق وقتاً.
في بعض الأحيان، قد نشعر بالجوع أو قد نشعر بمجرد الرغبة في تناول الطعام وليس من السهل دائماً التفريق بين الحالتين. إن الحاجة إلى تهدئة النفس بقليل من الطعام أمر مشروع، وليس الهدف من هذا البرنامج أن تصبح شخصاً منضبطاً تماماً؛ بل أكثر وعياً ومن ثم أكثر حرية عندما ترغب في الاختيار.
اقرأ أيضاً: لا تعلّق على وزنه وأكله: إليك 5 جمل لا تقُلها للمصاب باضطرابات الطعام