الفكرة
أكدت دراسة بحثية حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا أن الدماغ يستخدم منطقة صغيرة تسمى البقعة الزرقاء من أجل تنظيم الذاكرة، وتشبه تلك المنطقة زر إعادة ضبط الذاكرة؛ فعند انتقالك من مكان إلى آخر، أو من مهمة إلى أخرى، ينشط الدماغ ويرسل إشارة شبيهة بعملية إعادة الضبط، ما يساعد على فصل الأحداث وتخزينها بوضوح أكبر في الذاكرة.
وقد استخدم الباحثون تقنيات تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي، إضافة إلى قياس توسع حدقة العين، على مجموعة من المشاركين الذين خضعوا لمشاهدة تسلسلات من الأحداث المتغيرة، وارتكز الهدف الرئيسي للدراسة على فهم كيفية تحويل الدماغ التجارب المستمرة إلى ذكريات منفصلة.
لماذا هي مشكلة مهمة؟
الذاكرة اليومية كثيراً ما تختلط، خصوصاً عند تتابع الأحداث بسرعة، ما يجعلنا ننسى التفاصيل الدقيقة أو نخلط بين المواقف المتقاربة، ومن ثم، يعد فهم آلية "إعادة الضبط العصبي" أمراً مهماً للغاية لأنه يفسر لماذا نتذكر لحظات التحول أو التغير أكثر من التفاصيل الروتينية، وهذا الأمر له تأثير مباشر في التعليم، والعمل، وحتى حياتنا الاجتماعية، لأنه يوضح كيف يمكننا تعزيز تذكر اللحظات المهمة بدل تضييعها بين تفاصيل متشابهة.
أهم النتائج التي توصلت لها الدراسة
1. عندما يتغير السياق، تنشط البقعة الزرقاء في الدماغ، فتعمل على فصل الذكريات وجعل كل حدث مميزاً عن الآخر.
2. الأشخاص الذين أظهروا استجابة قوية في توسع حدقة العين عند بداية الأحداث، كانوا أكثر قدرة على تذكر الفواصل الزمنية بين الأحداث.
3. في المقابل، الأفراد الذين لديهم نشاط مرتفع بصورة مزمنة في هذه المنطقة، أي يعيشون في حالة فرط يقظة أو قلق دائم، أظهروا ضعفاً في فصل الذكريات، ما يجعل تجاربهم تختلط أكثر.
التوصيات والتطبيقات العملية
1- اربط المعلومات التي تريد تذكرها بانتقال أو تغيير واضح، مثل تغيير المكان أو نبرة الصوت أو حتى الوقوف بعد الجلوس.
2- قلل شعورك بالتوتر المزمن واليقظة المفرطة لأنها تعوق قدرة الدماغ على فصل الذكريات.
3- استخدم إشارات بصرية أو سمعية لتحديد بداية الأحداث في الدراسة أو العمل، مثل تشغيل صوت قصير عند الانتقال من مهمة إلى أخرى.
مثال تطبيقي
طالب يمكنه أن يدرس كل فصل من الكتاب في مكان مختلف، أو مع موسيقى مختلفة، ليربط كل جزء بسياق محدد، ما يساعده على التذكر عند الحاجة. والحقيقة أن هذه النصائح يمكن تطبيقها بسهولة، ولكن إذا كنت تعاني قلقاً مزمناً أو اضطراباً في التركيز فعليك مراجعة الطبيب النفسي المتخصص.
محاذير
أجريت الدراسة في بيئة مخبرية باستخدام تقنيات تصوير الدماغ، وبالتالي لا يمكن الجزم بأن النتائج تنطبق تماماً على كل مواقف الحياة اليومية المعقدة، كما أن الحد الفاصل بين المهام المتنوعة قد يختلف بين الأفراد حسب مستوى التوتر لديهم.
المصدر
عنوان الدراسة: Locus coeruleus activation “resets” hippocampal event representations and separates adjacent memories
الترجمة: تنشيط البقعة الزرقاء داخل الدماغ يعيد ضبط ترتيب الأحداث في الحصين ويفصل الذكريات المتتالية
المجلة: the scientific journal Neuron
الباحثون: ديفيد كليويت، ورينغو هوانغ، وليلا دافاتشي.
تاريخ النشر: 6 أغسطس/آب 2025