عندما تمر علاقتك الزوجية بأزمة ما فإنه من الضروري أن تجري تقييماً لهذه العلاقة وتحاول تحديد الصعوبات التي تواجهها. نقدم لكم في السطور التالية بعض النصائح لمساعدتكم على تقييم العلاقة الزوجية وفهمها ومن ثم والاختيار بين إنهائها أو الاستمرار فيها بناءً على حوار مثمر.
قد تتزاحم في ذهنك عشرات الأسئلة التي تتعلق بعلاقتك الزوجية وتجيب نفسك عنها محاولاً تحديد ملامح هذه العلاقة. وإذا كانت علاقتك بشريك حياتك تسير على ما يرام فإن هذه الأسئلة ستثير الكثير من المشاعر والأفكار السّارة، وذلك لأنها ستمكنك من تقدير قيمة النواحي الإيجابية للعلاقة ورؤية الأمنيات المشتركة التي ستقوي الرابطة بينكما وتعزز نكهتها. أما إذا كانت العلاقة تمر بأزمة فقد يسيطر عليك الشعور بأنها وصلت إلى طريق مسدود؛ ولكن حذار من التسرع في اتخاذ القرار.
من الضروري أن تعطي نفسك استراحةً في هذه المرحلة من تقييم العلاقة. يقول باتريك إستريد: "لا تستهن بتأثير عملية تقييم العلاقة الزوجية في نفسك، فهي عملية مرهِقة للغاية". ولتتعامل مع الاضطراب الناجم عنها يوصيك الطبيب ومختص العلاج النفسي بأن تأخذ نفساً عميقاً وتنفس عن مشاعرك. ويوضح ذلك قائلاً: "دوّن جميع المشاعر التي تعتريك بعد أن تطرح على نفسك الأسئلة التي تشغل ذهنك بشأن علاقتك بشريك حياتك (كالخوف والشك والحزن والغضب والشعور بالذنب، وغير ذلك) كما هي من دون مبالغة أو اختصار".
عندما تهدأ ويصبح ذهنك أكثر صفاءً ستتمكن من تحديد رغبتك الحقيقة سواء كنت تفضل الاستمرار في العلاقة أو إنهاءها، أو وضع حدود جديدة فيها وتقديم طلبات معينة لشريكك، إلخ. وبصرف النظر عن القرار الذي توصلت إليه فإنه من الضروري عدم التسرع في الحكم على الطرف الآخر، فقد يكون في حالة إنكار للمشكلة التي تشوب العلاقة أو لم يطرح على نفسه الأسئلة ذاتها التي فكرت فيها، أو على العكس من ذلك قد يكون أكثر استعداداً مما تظن للعمل على تحسين الأمور بينكما.
أخيراً ضع في اعتبارك أن التفكير المتمعن هو المفتاح الرئيسي للتعامل مع الموقف وسيعود بالفائدة عليك وعلى العلاقة سواء قررت الاستمرار فيها أو لا.
ما الدور الذي يترتب عليك بمفردك عند تقييم العلاقة الزوجية؟
ضع جانباً الأسئلة الجوهرية التي تخص علاقتك بشريك حياتك والأمور التي يبتغيها منك وفكر بنفسك وتطلعاتك. وينصح باتريك إستريد بأن تبدأ بسؤال نفسك عن الأمور التي لم تعد ترغب بوجودها في العلاقة لأن هذا السؤال هو نقطة الانطلاق نحو التعرف إلى رغبتك الحقيقية .
ولتتضح الصورة لديك، اسأل نفسك عن مدى رضاك عن جميع نواحي حياتك الزوجية بما في ذلك جودة التواصل مع الشريك والحياة العاطفية والحميمية والمشاريع المشتركة بينكما، إلخ، ثم دوّن إجاباتك مع تمييز الأكثر أهمية منها بالنسبة إليك.
عبّر عن استيائك من خلال كتابة جميع الأمور المرفوضة بالنسبة إليك. على سبيل المثال: "لا أريد تلقّي وابل من النقد بعد الآن"، أو "لا أريد أن أشعر بأن شريكي يتجاهلني عندما أتحدث إليه".
والآن دوّن جوانب العلاقة التي تعتقد أنها تحتاج إلى تحسين وضع أمام كل سبب من أسباب شعورك بعدم الرضا خطوةً يمكنك اتخاذها لتعزيز التغيير في العلاقة.
ثم تساءل عن مدى رغبتك في العمل على إصلاح العلاقة: "هل لا أزال متحمساً ولو قليلاً لهذا الأمر؟ هل أومِن بإمكانية إصلاح العلاقة؟ وهل لديّ الرغبة في أن أتمسك بهذه الفكرة؟".
بناء على إجاباتك عن هذه الأسئلة حدد ما إذا كنت تريد الاستمرار بالعلاقة أو إنهاءها.
الأسئلة التي عليك أن تطرحها على نفسك إذا كنت تود إنهاء العلاقة
هل أنت متأكد من قرارك؟ اسأل نفسك الأسئلة التالية لمعرفة ذلك.
"هل لدي دافع كافٍ للانفصال عن شريك حياتي والابتعاد عن عالمه بالكامل بما في ذلك التخلي عن العائلة الجميلة والأصدقاء المشتركين وعاداتنا التي نتشاركها والمكان الذي نعيش فيه معاً؟".
"ما سبب رغبتي في الانفصال عنه؟ هل هو السأم الذي أشعر به نتيجة فترة طويلة من النزاعات بيننا؟ وهل أرى استحالة تغير هذا الوضع؟".
"إذا تغيرت العلاقة وأصبحت مُرضيةً بالنسبة إليّ على جميع الأصعدة فهل أرغب بالاستمرار مع شريكي؟".
"هل أرغب بأخذ استراحة بعيداً عن شريكي أم الانفصال نهائياً عنه؟". يقول باتريك إستريد: "يشير الاحتمال الأول إلى وجود أمل باستمرار العلاقة مع رغبتك في تغيير أمر ما فيها، أما الاحتمال الثاني فيعني وصولها إلى طريق مسدود بالنسبة إليك".
اقرأ أيضا:
- هل يقوّض قدوم مولود جديد الحياة الحميمية بين الزوجين؟
- الخوف من الهجران: كيف يمكن تقبُّله بين الزوجين؟
الأسئلة التي عليك طرحها على نفسك إذا كنت تود الاستمرار في العلاقة
على الرغم من الصعوبات التي تواجهها في علاقتك فأنت ترفض فكرة الانفصال عن الشريك، وهذه هي الأسئلة التي عليك أن تطرحها على نفسك في هذه الحالة:
"ما سبب رغبتي في استمرار هذه العلاقة؟ هل هو الخوف من الوحدة، أم شعوري بالذنب تجاه أطفالي، أم الراحة المادية التي توفرها لي، أم حبي للشريك؟".
"هل يتطلب استمرار هذه العلاقة تقديم تضحيات شخصية؟ وهل تنطوي هذه التضحيات على تنازلات كبيرة تتعلق بقيمي وطموحاتي وحريتي الشخصية أو الخضوع لشروط الطرف الآخر؟".
"هل أعي الأمور التي يجب تغييرها لتحسين العلاقة؟".
"وهل لدى شريكي بدوره الرغبة أو القدرة على إجراء التغييرات التي أرغب بها؟".
أخيراً اسرد كل الأمور التي ترى أنك غير مستعد للتنازل عنها، إضافةً إلى جميع التغييرات التي ترغب بإجرائها في العلاقة واستعد للتحدث إلى شريكك.
امنح نفسك الوقت الكافي لاستيعاب "قرارك المسبق" قبل مناقشته مع شريكك، وحاول تهدئة المشاعر التي قد تسيطر عليك وتؤدي إلى عرقلة الحوار بينكما. من الضروري أيضاً أن تتبع أسلوباً بنّاءً في الحوار؛ أي أن تتجنب قدر الإمكان الصراخ واللوم والتقليل من قيمة شريكك، فالهدف من الحوار هو أن تعبر له عن رغباتك وحدودك الشخصية لا أن تقاضيه، وأن تسعيا معاً إلى حل المشكلة حتى لو تمثل هذا الحل في الانفصال.
ما الدور الذي يترتب عليكما معاً عند تقييم العلاقة الزوجية؟
يمكنكما الاتفاق على خطة للحوار بينكما تشمل اختيار مكان محايد عبر ترتيب مقابلة أسبوعية في المطعم أو الخروج في نزهة على الأقدام. إضافةً إلى ذلك من الضروري أن تتفقا على حرية كل طرف في التعبير عن مشاعره وآرائه مع الالتزام باحترام الطرف الآخر وعدم محاولة فرض هذه الآراء عليه. وينصح باتريك إستريد بإيقاف الحوار وتأجيله إلى وقت آخر في حال انحرف عن المسار المتوقع له.
يمر الحوار بينكما بثلاث مراحل: المرحلة الأولى: ما رأيي في العلاقة؟ تشمل هذه المرحلة تعبير كل طرف من دون مقاطعة عن رأيه في جميع نواحي العلاقة؛بما في ذلك جودة التواصل والحياة العاطفية والحميمية والمشاريع المشتركة. وقد تتطلب مناقشة هذه الأمور اجتماعاً واحداً أو أكثر وفقاً لما يراه الطرفان مناسباً.
المرحلة الثانية: ما التغييرات التي أود رؤيتها في العلاقة؟ تشمل هذه المرحلة تعبير كل طرف عن الأمور التي لم تعد محتملةً بالنسبة إليه في العلاقة ثم اقتراح ما يراه ملائماً لإحداث التغيير.
المرحلة الثالثة: ما هي رغبتي الحقيقية تجاه العلاقة؟ تشمل هذه المرحلة تعبير كل طرف عن رغبته الحقيقية في اللحظة الحالية سواء كان يرغب في الاستمرار بالعلاقة أو إنهائها.
يقول باتريك إستريد: "يتطلب تحسين العلاقة بين الزوجين وقتاً ومثابرةً". لذا لا تتردد في ترتيب المزيد من الجلسات مع شريكك ومناقشة الظروف الأمثل لإجراء حوار مثمر بينكما. أخيراً إذا رأيت أن الحوار يخرج عن المسار المتوقع له أو لم تتمكن من إجراء مناقشة مع شريكك من دون اللجوء إلى العنف فيمكنك دائماً استشارة مختص العلاقات الزوجية والاستفادة من دعمه وخبرته في مثل هذه الحالات.
اقرأ أيضا: