ملخص: متلازمة الرأس المنفجر هي عبارة عن إحساس مزعج للغاية ومخيف؛ يصفه المصابون بأنه يشبه قنبلة تنفجر داخل رؤوسهم في أثناء النوم، وقد يحدث ذلك مرة في العمر وأحيانا عدة مرات في الليلة الواحدة!
محتويات المقال
هل سبق أن استيقظت من النوم على صوت ضوضاء مفاجئ يشبه انفجار قنبلة أو طلق ناري مع ومضات بصرية تخترق عينيك كما لو أن أحدهم وجّه مصباحاً ساطعاً أمام وجهك؟ هل قمت من نومك وأنت تشعر بالرعب الشديد بسبب تلك الأصوات المخيفة؟ ربما يكون السبب هو متلازمة الرأس المنفجر والتي سنتعرف إليها بالتفصيل في مقالتنا.
ما هي متلازمة الرأس المنفجر؟
تُعرّف المكتبة الوطنية للطب (National Library of Medicine) في أميركا، متلازمة الرأس المنفجر بأنها أحد أنواع الباراسومنيا (Parasomnia) أو الخطل النومي أو اضطرابات النوم، ويشمل هذا المصطلح السلوكات غير الاعتيادية التي تحدث لبعض الناس في أثناء نومهم مثل المشي أو الحديث خلال النوم.
اقرأ أيضاً: المشي في أثناء النوم (السرنمة): بين العلم والخرافة!
يسمع المصاب بهذه المتلازمة يسمع أصواتاً مرتفعة شبيهة بالانفجار أو طلقات الرصاص يصاحبها وميض ساطع من الضوء، والحقيقة أن تلك الأصوات ليست حقيقية ولا يسمعها الآخرون.
ويؤكد طبيب الأعصاب والمتخصص في اضطرابات النوم، براندون بيترز (Brandon Peters) إن المتلازمة تحدث عادةً في مرحلة النوم العميق (المرحلة N3). وقد عُرفت متلازمة الرأس المنفجر للمرة الأولى خلال عام 1876 على يد طبيب الأعصاب سيلز وير ميتشيل (Silas Weir Mitchell)، وذلك حين كان يشخّص حالة رَجُلين كانا يعانيان ما أسماه حينها "انبعاثات حسية" وصفها الرَّجُلان على اعتبار أنها "طلقات رصاص" و"أجراس عالية" توقظهما من النوم.
أسباب الإصابة بالمتلازمة
تشير المكتبة الوطنية للطب إلى أن الأطباء والباحثين لا يعرفون الأسباب الدقيقة وراء الإصابة بمتلازمة الرأس المنفجر؛ ولكن الأبحاث الطبية المنشورة تعتقد أن أسباب الإصابة هي:
- اضطرابات الأذن: أحد التفسيرات المحتملة لسبب تخيل الأشخاص المصابين للضوضاء المرتفعة هو أنهم قد يعانون أمراض أو تشوهات أو اضطرابات داخل الأذنين.
- اختلاف نشاط الخلايا العصبية الحسية في الدماغ: ثمة تفسير آخر مفاده أن الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة يعانون مشكلات في نشاط خلايا الدماغ في أثناء نومهم؛ حيث تبدأ أجزاء الدماغ التي تتحكم في الأحاسيس مثل اللمس والصوت في الانغلاق عند الانتقال إلى النوم؛ ولكن قد تتأخر هذه العملية لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة الرأس المنفجر.
- توقف تناول أدوية الاكتئاب: يعتقد بعض الباحثين أن متلازمة الرأس المنفجر قد تكون أحد الآثار الجانبية جرّاء التوقف المفاجئ لمثبطات امتصاص السيروتونين التي تُستخدم لعلاج الاكتئاب.
- أورة الصداع النصفي: يعاني الأشخاص الذين يتعاملون مع أورة الصداع النصفي (المرحلة الثانية من الصداع النصفي) اضطرابات بصرية أو حسية أو حركية قبل نوبة الصداع النصفي مباشرةً.
- ارتفاع مستوى التوتر والقلق: يشير الأستاذ المتخصص في علم النفس بجامعة واشنطن، براين شاربلس (Brian Sharpless) إلى أن ارتفاع مستوى التوتر قد يؤدي إلى الإصابة باضطرابات النوم ومنها متلازمة الرأس المنفجر.
اقرأ أيضاً: تعرَّف إلى أسباب اضطرابات النوم عند الأطفال والطرق الأفضل للتعامل معها.
أعراض الإصابة بالمتلازمة
على الرغم من اسمها الذي يبدو درامياً، فإن متلازمة الرأس المنفجر ليست مؤلمة أو خطِرة، وبالإمكان السيطرة عليها. ووفقاً للتصنيف الدولي لاضطرابات النوم؛ فإن أعراض الإصابة بالمتلازمة هي:
- الشكوى من الضوضاء العالية أو الشعور بانفجار في الرأس خلال فترات الانتقال بين النوم واليقظة.
- مشاعر الاستثارة الشديدة وربما الخوف بعد هذه النوبات.
- عدم وجود ألم جسدي في أثناء النوبات أو بعدها.
- ضيق التنفس.
- التعرق.
- خفقان القلب.
- مواجهة صعوبة بالغة في العودة إلى النوم.
هل متلازمة الرأس المنفجر مرض عقلي؟
لا تُعد متلازمة الرأس المنفجر من أمراض الصحة العقلية؛ حيث إنها ليست تشخيصاً رسمياً في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات العقلية (DSM-5). ومع ذلك، فإن التصنيف الدولي لاضطرابات النوم بطبعته الثالثة (ICSD-3)، يتضمن الخطل النومي أو الباراسومنيا.
اقرأ أيضاً: كيف تؤثر اضطرابات النوم في سلوكيات قيادة السيارة؟
أساليب التشخيص
يشير الدكتور براندون بيترز إلى أن التشخيص يرتكز بالأساس على البحث عن الأعراض، وأحياناً قد يلجأ الطبيب إلى أساليب مثل:
- تخطيط النوم أو دراسة النوم (Polysomnography): وهو فحص يُستخدم من أجل مراقبة موجات الدماغ ونبض القلب ومعدل التنفس في أثناء النوم.
- تخطيط كهربائية الدماغ (Electroencephalography): وهدفه الكشف عن وجود أي خلل في النشاط الكهربائي للدماغ.
سُبُل علاج المتلازمة
يؤكد استشاري الأمراض النفسية، الدكتور هيثم علي، إن متلازمة الرأس المنفجر قد تحدث مرة واحدة في الحياة على نحو عابر، وأحياناً تحدث على نحو متكرر وتجعل المصابين بها يخافون بشدة من النوم، وبالنسبة إلى علاجها، فإنه ينقسم إلى شقين هما:
- العلاج بالاسترخاء: يرى الدكتور هيثم علي أن أغلب اضطرابات النوم؛ ومنها متلازمة الرأس المنفجر، ليست سوى انعكاس للحالة النفسية. ولهذا؛ يمكن التعامل معها وتقليل حدتها عبر الاسترخاء وممارسة التمارين الرياضية والتأمل، فكلما كانت حالتنا النفسية جيدة كان النوم جيداً. وينصح الدكتور هيثم الجميع بضرورة عدم التفكير نهائياً في أي مشكلات قبل النوم، ويرى ضرورةً في الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل وقت كافٍ من الخلود إلى النوم.
- العلاج بالأدوية: لم تصرّح إدارة الغذاء والدواء الأميركية بأي أدوية لعلاج هذه المتلازمة، ومع ذلك فقد ينصحك الطبيب بضرورة تناول بعض الأدوية من أجل تخفيف الأعراض؛ وأهم تلك الأدوية:
- توبيراميت (Topiramate) المضاد للتشنجات.
- أقراص نيفيديبين (Nifedipine) لعلاج أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.
- الأَميتريبتيلين (Amitriptyline) وهو أحد مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات.
- كلوميبرامين (Clomipramine) المضاد للاكتئاب.
ختاماً، فإن الاستيقاظ فجأة من النوم لأنك سمعت ضجيجاً عالياً أو انفجاراً في رأسك أمر مخيف للغاية. في البداية، قد تعتقد أن ما يحدث معك هو عرَض من أعراض حالة صحية خطِرة مثل ورم في المخ أو سكتة دماغية؛ ولكن كن مطمئناً ولا داعي للقلق؛ إذ إن متلازمة الرأس المنفجر ليست ضارة بصحتك على الإطلاق، ويمكن أن تختفي تماماً مع مرور الوقت.
اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن دَين النوم وكيفية سداده.