عندما يخدعك أنفك: تعرَّف إلى الهلوسة الشمية وعلاجها

3 دقائق
الهلوسة الشمية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: الهلوسة الشمية هي شم روائح غير موجودة، وعادةً ما تكون روائحَ مزعجة مثل روائح الاحتراق أو التعفن أو غيرها، ويختلف علاج الهلوسة الشمية باختلاف السبب الذي أدى إلى حدوثها.

إذا كنت تشم رائحة ما في حين يؤكد الناس الموجودون حولك جميعهم أنها غير موجودة، فقد تكون مصاباً بحالة تسمَّى "الهلوسة الشمية" (Phantosmia) وهي اضطراب مرتبط بحاسة الشم؛ حيث تستشعر الأعضاء المرتبطة بحاسة الشم روائحَ غير موجودة بالفعل أي لا وجود للمنبهات الكيميائية المسؤولة عنها.

وعلى الرغم من أن هذه الروائح قد تكون لطيفة في بعض الحالات، فإن معظم الأشخاص المصابين بالهلوسة الشمية يشتكون من شم روائح كريهة ومقززة مثل رائحة احتراق المطاط، أو روائح فاسدة ومتعفنة، أو روائح كيميائية ومعدنية وغيرها.

وعادةً لا يكون شم هذه الروائح حالة مستمرة؛ وإنما على شكل نوبات تتكرر بين حين وآخر. إليك كل ما تحتاج معرفته عن أسباب الهلوسة الشمية وارتباطها بالصحة النفسية وطرائق علاجها.

الأسباب الشائعة للهلوسة الشمية

ليست الهلوسة الشمية حالة شائعة، وهي تشكّل نحو 10% إلى 20% من حالات اضطرابات حاسة الشم، وعلى الرغم من أن معظم حالات الهلوسة الشمية لا تدعو إلى القلق وغالباً ما تزول من تلقاء نفسها، فإنها قد تكون علامة على وجود حالة صحية كامنة وخطِرة في بعض الحالات النادرة.

بشكل عام، يعاني الناس من الهلوسة الشمية لأسباب عديدة؛ منها ما هو مرتبط بالأنف وندعو هذه الحالة بـ "الهلوسة الشمية المحيطية"، ومنها ما هو مرتبط بالدماغ وندعو هذه الحالة بـ "الهلوسة الشمية المركزية".

تُعد مشكلات الأنف أو التجويف الأنفي من أكثر الأسباب شيوعاً للاضطرابات المتعلقة بالرائحة مثل الهلوسة الشمية؛ ومن هذه الأسباب:

  • الزوائد الأنفية.
  • التهابات الجيوب الأنفية.
  • التهاب الأنف التحسسسي (حُمّى القش).
  • أورام الأنف الحميدة.
  • التهاب الأنف غير التحسسي.
  • التعرض لبعض المواد السامة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تنشأ الهلوسة الشمية نتيجة مشكلات متعلقة بكيفية تفسير الدماغ للروائح؛ ومن هذه الأسباب:

  • تناول بعض الأدوية.
  • الصرع.
  • ضربة على الرأس.
  • داء باركنسون أو الشلل الرعاش.
  • السكتة الدماغية.
  • الصداع النصفي.

إذا كانت الهلوسة الشمية مرتبطة بمشكلات في الأنف، فقد يشم الناس رائحة أقوى بواسطة إحدى فتحتيّ الأنف مقارنة بقوة الرائحة التي تُشم بواسطة الفتحة الأُخرى. في حين أنه وفي حال كانت الهلوسة الشمية ناتجة من الحالات المرتبطة بالدماغ أو بالجهاز العصبي المركزي، فغالباً ما تكون الروائح أكثر ثباتاً ويشمها الشخص بواسطة فتحتيّ الأنف كليهما وبالقوة نفسها، وتكون الروائح ملحوظةً خلال النهار والليل.

هل الهلوسة الشمية اضطراب نفسي؟

في الواقع لا، ليست الهلوسة الشمية اضطراباً نفسياً. لكن ومع ذلك، فقد تكون عَرَضاً يدل إلى الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية واضطرابات المزاج؛ مثل الفصام والاكتئاب واضطراب ثنائي القطب واضطرابات القلق. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون عرَضاً يدل إلى بعض الاضطرابات العصبية؛ مثل آلزهايمر وداء باركنسون والصرع والصداع النصفي.

علاوة على ذلك، قد يعاني المرضى المصابون بالهلوسة الشمية من اضطرابات المزاج، فالروائح ومذاقات الأطعمة ذات تأثير كبير في المزاج. وفي حين أن الروائح الجيدة تعزز الروح المعنوية، فإن شم الروائح الكريهة باستمرار يسبب الشعور بالضيق وقد يعوق الحياة اليومية كما قد يؤثر في حاسة التذوق؛ ما يؤدي إلى فقدان الشهية أو فقدان الوزن أو حتى الاكتئاب.

علاج الهلوسة الشمية

قد يشعر بعض الأشخاص المصابين بالهلوسة الشمية بالراحة عند استخدام بعض العلاجات المنزلية؛ مثل شطف الممرات الأنفية بمحلول ملحي، أو عند استخدام بخاخات الأنف التي لا تستلزم وصفة طبية مثل رذاذ أوكسي ميتازولين لتقليل احتقان الأنف.

بالإضافة إلى ذلك، قد يساعد بعض الأدوية في السيطرة على الهلوسة الشمية طويلة الأمد؛ مثل الأدوية المخدرة للخلايا العصبية، أو مراهم الستيرويد وبخاخاته. وفي حالات نادرة، قد يلجأ الأطباء إلى الجراحة لعلاج الهلوسة الشمية، ومع ذلك، فإن الجراحة تنطوي على مجموعة من المخاطر الخاصة بها، وهي لا تنجح إلا في حالات محددة مثل استئصال الزوائد اللحمية أو الأغشية المخاطية الملتهبة.

بشكل عام، يعتمد علاج الهلوسة الشمية على السبب الكامن الذي أدى إلى حدوثها؛ وذلك على النحو التالي:

  • الهلوسة الناتجة من الحساسية: يشمل العلاج استخدام الستيرويدات والأدوية الخاصة بالحساسية.
  • الهلوسة الناتجة من تناول بعض الأدوية: قد يحتاج الشخص إلى التوقف عن تناول بعض الأدوية التي قد تسبب الهلوسة الشمية أو استبدالها؛ مثل بعض مضادات الاكتئاب والمضادات الحيوية. ومع ذلك، يجب ألا يتوقف الشخص عن تناول هذه الأدوية دون استشارة الطبيب؛ إذ قد تستلزم الحالة إنهاء كورس علاجي كامل من المضادات الحيوية لمحاربة العدوى، أو التقليل التدريجي من مضادات الاكتئاب أو تغيير الأدوية، وهذا أمر يحدده الطبيب.
  • الهلوسة الناتجة من التعرض للسموم: قد يحتاج الشخص في هذه الحالة إلى الإقلاع عن التدخين وعدم التعرض لأي مادة كيميائية غير آمنة.
  • الهلوسة الناتجة من عدوى فيروسية أو ضربة على الرأس: في هذه الحالة، قد تختفي الهلوسة الشمية من تلقاء نفسها عند الشفاء التام من هذه الحالات.
  • الهلوسة الناتجة من الاضطرابات العصبية أو النفسية: قد يحتاج الأشخاص المصابون بالصرع إلى الأدوية أو الجراحة، في حين يحتاج الأشخاص المصابون بورم في الدماغ إلى علاج كيميائي أو علاج إشعاعي أو جراحيّ، أو مزيج من عدة علاجات. وبشكل عام، يتطلب كل اضطراب عصبي أو نفسي يسبب الهلوسة الشمية إرشادات خاصة به حول العلاج والأدوية المناسبة؛ مثل الأدوية المضادة للذهان، أو الأدوية المضادة للصرع، أو الأدوية المضادة للقلق، وغيرها. وفي معظم الحالات، قد تختفي الهلوسة الشمية بمجرد التعافي من المرض الرئيس.

يختلف الوقت اللازم للشفاء من الهلوسة الشمية من شخص إلى آخر تبعاً للسبب الذي أدى إلى حدوثها، فإذا كانت ناتجة من نزلة برد أو عدوى، فيجب أن تختفي بمجرد تحسن الحالة، أما اذا كانت ناتجة من مشكلة عصبية أو نفسية، فقد تستمر الأعراض لفترة أطول وقد تستمر لعدة سنوات، لذلك ننصحك بطلب الاستشارة الطبية إذا كنت تعاني من هلوسة شمية مستمرة لأكثر من 3 أسابيع.

المحتوى محمي