ملخص: أين وضعت مفاتيحي؟ أين يقع المرآب الذي ركنت به سيارتي؟ ما اسم ذلك الشخص الذي أعرفه؟ جميعها أسئلة مفاجأة قد نتعرض لها في حياتنا اليومية من حين إلى آخر؛ لكنها عندما تتزايد فهي تشير إلى معاناتنا النسيان المتكرر الذي يستدعي البحث عن أسبابه وعلاجه، وهما عنصران سنتحدث عنهما بالتفصيل في مقالنا.
محتويات المقال
تبذل ذاكرتنا جهداً مستمراً لفرز المعلومات الموجودة داخلها وتخزينها وجعلها جاهزة للاسترداد عند الحاجة، وهي وظيفة تتضمن الكثير من التفاصيل الدقيقة والمرهقة أيضاً؛ لذا من المتوقع أن تأتي علينا لحظات نتعرض فيها لنسيان اسم شخص ما أو رقم هاتف أو عنوان.
ويُعد ذلك طبيعياً إذا كان في الحدود المعقولة؛ لكن عندما يتحول إلى ظاهرة مزعجة متكررة فإنه حينها سيثير القلق في نفوسنا، فما الذي يؤدي بنا إلى النسيان؟ وكيف نعمل على تقوية ذاكرتنا؟ هذا ما سنعرفه في مقالنا.
اقرأ أيضاً: ما أنواع النسيان التي يسببها مرض آلزهايمر؟
ماذا تعرف عن فوائد النسيان؟
يَعُد مدير مركز أبحاث مرض آلزهايمر بجامعة كولومبيا (Columbia University)، سكوت سمول (Scott Small)، النسيان عنصراً ضرورياً لسلامة عمل الدماغ، فهو لا يقل أهمية عن القدرة على التذكر؛ إذ إنه يتيح لذاكرتنا إزالة المعلومات غير الضرورية حتى تحافظ على قدرتها على التخزين، ويوضح سمول إنه في أثناء النوم، يفرز الدماغ الذكريات فيحتفظ ببعضها ويتخلص من بعضها الآخر؛ ما يساعدنا على معرفة أولوياتنا والتفكير على نحو أفضل واتخاذ قرارات جيدة.
وحتى نفهم أكثر، فعمل الذاكرة متجدد؛ ما يعني أننا لن نشكل ذكريات جديدة دون نسيان ذكرياتنا القديمة، وبالطبع لا يتصل حديثنا عن النسيان هنا بنسيان المعلومات الحياتية الأساسية التي نحتاج إليها في يومنا؛ إنما ما نقصده هو نسيان تلك الأمور التي لم تعد تمثل لنا أهمية عملية.
اقرأ أيضاً: لِمَ لا تستطيع نسيان شريكك السابق؟ إليك الإجابة العلمية.
ما العلاقة بين النسيان وبعض الاضطرابات النفسية؟
يوضح استشاري الطب النفسي السعودي، حسين آل عماد، إن هناك جزءاً في الدماغ يدعى "قرن آمون" (Hippocampus)، وهو مسؤول عن وظائف عديدة أهمها التعلم والذاكرة، ومع الإصابة بالاكتئاب، يصغر حجم قرن آمون وتقل سرعة نمو الخلايا العصبية به؛ وهو ما يفسر تدني قدرة مريض الاكتئاب على الحفظ واسترجاع المعلومات.
تؤكد التأثير السابق دراسةٌ علمية أجرتها جامعة بريغام يونغ (Brigham Young University)، عرض فيها الباحثون على المشاركين مجموعة من الصور على الشاشة، ثم طلبوا منهم مطابقتها، فكانت النتيجة أن المصابين بالاكتئاب لم يتمكنوا من تحديد الصور المطابقة؛ ما يؤكد أن قدرة الذاكرة تتراجع نتيجة الإصابة بالاكتئاب.
ولا يقف الاكتئاب وحده وراء تراجع أداء الذاكرة، فهناك أيضاً القلق والتوتر اللذان يُحدثان التأثير نفسه، فهما يتداخلان مع القدرة على الانتباه والتركيز، ويعوقان الذاكرة عن تكوين الذكريات الجديدة أو استعادة الذكريات القديمة. وكذلك، فإن الضغط المستمر والتعرض للأحداث العصيبة يؤديان إلى زيادة مستويات هرمون التوتر (الكورتيزول)؛ ما يُحدث تأثيرات مضرة في الذاكرة تؤدي إلى ظهور مشكلة النسيان المتكرر.
ما الأسباب الجسدية التي تقف وراء النسيان؟
يسهم العديد من الأسباب الجسدية، إلى جانب الاصابة بالاضطرابات النفسية السابق ذكرها، في المعاناة من النسيان المستمر؛ ومن أهمها:
1. قلة النوم
يمكن أن يؤدي تراجع جودة النوم إلى حدوث تغيرات في الحالة المزاجية، وأيضاً ظهور اضطراب القلق، وهما عاملان يؤديان إلى حدوث مشكلات في الذاكرة.
2. تناوُل بعض الأدوية
توجد أنواع معينة من الأدوية مثل المهدئات ومضادات الاكتئاب وبعض أدوية ضغط الدم، تتسبب في تراجع قدرة الذاكرة.
3. اضطراب عمل الغدة الدرقية
يرتبط عمل الغدة الدرقية بجودة الذاكرة؛ لذا فإن تعثّر أدائها يجعل الشخص يعاني النسيان المتكرر، وللتأكد من أن هذا السبب يقف وراء النسيان فلا بد من إجراء تحليل دم لقياس أداء الغدة الدرقية.
4. إجراء بعض العمليات الجراحية
يمكن أن يؤدي بعض العمليات الجراحية مثل عملية القلب المفتوح إلى زيادة خطر ضعف الذاكرة؛ كما أن عملية التخدير قد تسبب انخفاض فعالية الذاكرة ومن ثم المعاناة من النسيان.
5. العلاج بالصدمات الكهربائية
تُستخدم هذه الطريقة العلاجية أحياناً مع مرضى الاكتئاب الشديد؛ لكنها قد تؤدي إلى معاناتهم الفقدان الجزئي للذاكرة.
6. ارتجاج الدماغ وإصابات الرأس
يمكن أن تتسبب ارتجاجات الدماغ وإصابات الرأس في ضعف الذاكرة على المدى القصير، وكذلك زيادة احتمالية الإصابة بالخرف مستقبلاً.
7. اضطراب عمل الكبد
عند الإصابة بالتهاب الكبد قد تنطلق السموم في مجرى الدم؛ ما يؤثر مباشرةً في وظائف المخ، ويُعد اعتلال الدماغ الكبدي واحداً من الاضطرابات التي تؤدي إلى تراجع القدرة على التفكير والتذكر.
8. شرب الكحوليات
من ضمن آثار الإفراط في شرب الكحوليات تأثر الذاكرة قصيرة المدى، وهو ما يظهر بوضوح في عدم القدرة على التذكر في الحياة اليومية.
7 إرشادات عملية للتغلب على النسيان المستمر
يوجد العديد من الإرشادات العملية التي يمكنك باتباعها الحد من مشكلة النسيان المستمر؛ مثل:
1. ابحث عن المشكلة الأساسية وعالجها
فمثلاً عند ظهور النسيان بعد الإصابة بالاكتئاب، من البديهي أن تكون الخطوة الأولى هي العمل على التعافي من الاكتئاب، والحال ذاتها عند الإصابة بالقلق أو التوتر.
2. مارس الرياضة
يمكن للنشاط البدني أن يزيد تدفق الدم في الجسم كله؛ بما فيه الدماغ؛ ما يحسن قدرات ذاكرتك، وليس بالضرورة أن تكون التمارين الرياضية شاقة، فثلاثون دقيقة من المشي يومياً كافية.
3. مرّن عقلك
مثلما هناك رياضة للجسم، فهناك رياضة للعقل أيضاً، ويمكن أن تشمل التمارين الذهنية حل الكلمات المتقاطعة أو القراءة أو لعب الألعاب الذهنية أو تعلم مهارة جديدة، وغيرها من الأنشطة التي ترفع لياقتك الذهنية.
4. تواصَل مع محيطك الاجتماعي
يساعدك التفاعل مع الأشخاص في محيطك على منع الاكتئاب والتوتر اللذين يؤديان دوراً مؤثراً في تراجع أداء الذاكرة؛ لذا ابحث عن الفرص المتاحة لتلتقي بمن تحبهم وتقضي المزيد من الوقت معهم.
5. احرص على النظام
غالباً ما ننسى أغراضنا إذا كان المكان الذي نعيش فيه فوضوياً، وكذلك ربما ننسى مواعيدنا إذا لم ندوّنها؛ لذا من الضروري أن تنظم حياتك أكثر حتى يقل معدل نسيانك.
6. احصل على قسطٍ كافٍ من النوم
يحتاج جسمك في المتوسط من 7 إلى 9 ساعات نوم كل ليلة بانتظام، وعند نقص معدل نومك أو اضطرابه فإن ذلك يؤثر في قدرة ذاكرتك؛ لذا احرص أن تنام جيداً حتى تقلل نسيانك.
7. انتبه إلى غذائك
يحسن الطعام الصحي قدرات الدماغ، فعندما تتناول الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك والبقوليات واللحوم القليلة الدهون، ستكون بذلك قد عملت على الحد من تشوش ذهنك وتراجع عمل ذاكرتك.
أخيراً، إذا كان لديك شك بأن معاناتك من النسيان ناتجة من وجود اضطراب نفسي أو جسدي لديك، فلا تتردد أن تلجأ إلى الطبيب المختص وتستشيره حتى تطمئن على صحتك وتجد حلولاً فعالة للحد من نسيانك.
اقرأ أيضاً: الانفصال: 3 تدابير لنسيان زوجك السابق.