المصيدة: كيف تحوّل فيسبوك لإدمان يومي؟

2 دقائق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: في عصر تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية، أصبح تصفح الفيسبوك خصوصاً من الأنشطة الحياتية الروتينية لكلٍّ منا؛ لكن ذلك أثار اهتمام الباحثين لمعرفة سر المتعة الكامنة في استخدام هذا التطبيق، ولماذا تحوّل تصفح الفيسبوك إلى نشاط يومي لأكثر من مليار مستخدم حول العالم. وقد أوضحت الدراسة أن الأمر متعلق بأدمغتنا، وأن استخدامات فيسبوك لها وظائف وغايات مختلفة كالتصفح الاجتماعي والبحث الاجتماعي.
يُعد تصفح الفيسبوك أحد أهم الأنشطة اليومية لأكثر من مليار شخص حول العالم، وقد أصبحت مشاركة المحتوى على الفيسبوك والإعجاب بالمنشورات أو الصفحات نشاطاً مألوفاً لمعظمنا. لم يعد الأمر سراً غامضاً! فما عليك إلا أن تكتب بضع منشورات وتقرأ منشورات الآخرين؛ لكن ما الذي يجعل استخدام هذه الشبكة الاجتماعية ممتعاً إلى هذا الحد؟ ولماذا يستمتع مئات الملايين بتصفح الفيسبوك؟ وما الآليات التي تفسّر إقبالنا على قضاء الكثير من الوقت على شبكة الفيسبوك؟

حاول الباحثون الإجابة عن هذا السؤال، وكانت فحوى إجاباتهم تشير إلى أن الأمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأدمغتنا ذاتها. وقد اهتم الباحثون بالتمييز بين الاستخدامات المختلفة للفيسبوك؛ إذ يستخدم البعض الشبكة الاجتماعية لتصفح الملفات التعريفية للمستخدمين، في حين أن البعض الآخر أكثر انتقائيةً حيث ينصبُّ اهتمامه كله على معرفة معلومات محددة حول شخص بعينه.

وقد أطلقوا على الاستخدام الأول مُسمَّى "التصفح الاجتماعي"، في حين أطلقوا على الثاني مُسمَّى "البحث الاجتماعي"، وتم رصد الاستجابات الفيزيولوجية لـ 36 طالباً في أثناء تصفح الإنترنت. وتم وضعهم تحت الملاحظة في المواقف الثلاثة التالية: تصفح موقع شبكة سي إن إن (CNN)، وتصفح موقع أمازون (Amazon)، وتصفح شبكة التواصل الاجتماعي على فيسبوك.

كان على المشاركين قضاء 5 دقائق في كل موقع، ولتجنُّب التحيز كان ترتيب عرض المواقع عشوائياً. وتم رصد النشاط الكهربي لعضلات الوجه والاستجابة الكهربية للجلد، لأنه من المعروف أنهما يختلفان باختلاف مشاعر المرء.

ومن اللافت للانتباه أن المستخدمين لا يقضون الكثير من الوقت في نشر المحتوى أو تحديث ملفاتهم الشخصية؛ لكنهم يقضون معظم أوقاتهم في تصفح الملفات التعريفية للمستخدمين الآخرين أو البحث عن المعلومات المرتبطة بملفاتهم التعريفية.

ويمكن القول بشكل عام إن المستخدمين يتفاعلون مع البحث الاجتماعي أكثر من تفاعلهم مع التصفح الاجتماعي. وقد لوحظ أن شدة الاستجابة الكهربية للجلد تنخفض طوال جلسة تصفح الإنترنت، وتم تفسير هذا الانخفاض على أنه علامة تدل إلى نشاط الجهاز السمبثاوي (sympathetic system)، وتتمثّل وظيفة هذا الجهاز في تهيئة الجسم للنشاطين البدني والفكري من خلال وضعه في حالة تأهب.

وأخيراً، فإن النتيجة الثالثة التي توصّل إليها هذا البحث تتعلق بنتائج النشاط الكهربي لعضلات الوجه الذي تزداد شدته في البحث الاجتماعي أكثر مما يحدث في أثناء التصفح الاجتماعي. لذا، تتوافق الاستخدامات المختلفة لشبكة فيسبوك مع عمليات التحفيز المختلفة لنظام المكافآت وبالتالي مع مستويات مختلفة من المتعة.

وتوصّل الباحثون أيضاً إلى أن استخدامات فيسبوك لها وظائف مختلفة؛ حيث يتم إجراء التصفح الاجتماعي كنوع من الطقوس اليومية المعتادة دون هدف حقيقي سوى التصفح نفسه. ومن ناحية أخرى، فإن البحث الاجتماعي يستجيب للحاجة إلى البحث عن المعلومات، ويرتبط بنظام المكافآت والحوافز الذي تتمثل وظيفته في إيجاد العناصر الضرورية في البيئة لبقاء النوع (كشريك الحياة والمأوى والطعام)، لذا فإن التصفح على فيسبوك يكون ممتعاً عندما يتوافق النشاط مع البحث عن معلومات محددة، ربما لأن البحث مرتبط بنظام المتعة والمكافأة. ومن المثير للدهشة أن أحد أنشطتنا الأكثر حداثة يثير الشعور بالمتعة للأسباب نفسها المرتبطة بسلوكياتنا الأساسية!

المحتوى محمي