اكتشاف علمي يتيح تشخيص اضطراب طيف التوحد باستخدام الذكاء الاصطناعي

2 دقيقة
استخدام الذكاء الاصطناعي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لم يعد دور الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية خافياً على أحد. آخر الاختراقات العلمية يكشف عن بلورة خوارزمية جديدة قادرة على تشخيص اضطراب طيف التوحّد لدى الأطفال. دراسة علمية جديدة تقدّم نماذج من الذكاء الاصطناعي الناجحة بنسبة كبيرة في التمييز بين الأطفال المصابين والأطفال الطبيعيين، وإليك التفاصيل.

هل سيكون بمقدورنا قريباً استخدام الذكاء الاصطناعي وسيلةً للتشخيص المبكر للتوحّد لدى الأطفال؟ عموماً هذا ما أثبتته دراسة حديثة نُشرت في 15 ديسمبر/كانون الأول بالشبكة المفتوحة لمجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA Network Open). فقد طوّر باحثون في كلية الطب بجامعة يونسي في كوريا الجنوبية نهجاً جديداً لتشخيص اضطراب طيف التوحّد ومدى حدّة أعراضه لدى الأطفال بالاعتماد على فحص صور شبكية العين بوساطة خوارزمية من خوارزميات الذكاء الاصطناعي وفقاً لما أورده موقع نيو أطلس (New Atlas).

يحدث ذلك داخل العين من خلال الربط بين الشبكية والعصب البصري عبر رأسه، ويُعدّ هذا الجهاز نافذة حقيقية على الدماغ باعتباره امتداداً للجهاز العصبي المركزي. لذا؛ استفاد الباحثون من قدرتهم على الوصول بسهولة وبطريقة غير جراحية إلى هذا الجزء من الجسم للحصول على معلومات مهمة حول الدماغ، والتأكد على وجه التحديد من وجود اضطراب التوحد المحتمل لدى الأطفال الصغار. وكان النهج الذي اتّبعه الباحثون فعّالاً للغاية؛ حيث سمح لهم خلال الدراسة بتشخيص توحّد الأطفال بدقة تصل إلى نسبة 100%.

تحليل نحو 2,000 صورة لشبكية العين

جمع العلماء 958 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 7 و8 سنوات ثم التقطوا 1,890 صورة لشبكيات أعينهم. شخّص العلماء لدى نصف المشاركين اضطراب طيف التوحّد بينما كان النصف الآخر مجرد مشاركين من الجنس والسنّ نفسه يشكّلون مجموعة ضابطة. بعد ذلك، خضعت حدّة أعراض اضطراب التوحد لدى المشاركين إلى تقييم بالاعتماد على قياس درجات الحدّة وفقاً لمقياس تقييم اضطراب طيف التوحد (الإصدار الثاني ADOS-2) ومقياس درجات الاستجابة الاجتماعية (الإصدار الثاني SRS-2).

استخدم الخبراء 85% من صور الشبكية لتدريب شبكة عصبية التفافية (خوارزمية للتعلّم العميق معدّة للذكاء الاصطناعي)، وزوّدوها أيضاً ببيانات درجات العديد من اختبارات حدّة الأعراض. ما الهدف من ذلك؟ لقد كان الهدف هو توفير ما يكفي من البيانات لهذه الخوارزمية لبناء النماذج المعدّة لفحص مستويات حدّة اضطراب التوحد كلها والتمثيلات المناسبة لها، واحتفظ العلماء بنسبة 15% المتبقية من الصور للاختبار.

توقعات دقيقة

نجحت خوارزمية الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد بفضل ما يُسمّى “خاصية كفاءة جهاز الاستقبال” (ROC). تتراوح درجات منحنى كفاءة الاستقبال بين 0 و1.

يظهر نموذج التوقعات الخاطئة بنسبة 100% عند درجة 0.0 على منحنى خاصية كفاءة جهاز الاستقبال؛ بينما يحصل نموذج التوقعات الصحيحة بنسبة 100% على درجة 1.0 على المنحنى ذاته. بعبارة أوضح: لقد كانت توقّعات الذكاء الاصطناعي دقيقة. قال الباحثون عن هذه النتائج: “حقّقت نماذج الذكاء الاصطناعي نتائج واعدة في التمييز بين الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد والأطفال الطبيعيين بالاعتماد على صور شبكية العين، وهذا يعني أن التغيّرات التي تحصل في شبكية العين لدى الأشخاص المصابين باضطراب التوحد قد تكون مؤشرات بيولوجية ذات قيمة”.

في المقابل، اتّضح أن متوسط درجة حدّة الأعراض، وليس إثبات وجودها فقط، استقر في حدود 0.74 على منحنى خاصية كفاءة جهاز الاستقبال؛ بينما عُدَّت الدرجة التي تتراوح بين 0.7 و 0.8 “مقبولة”، والدرجة التي تتراوح ما بين 0.8 إلى 0.9 “ممتازة”. استناداً إلى هذه النتائج يؤكد الباحثون إن نموذجهم القائم على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم أداةَ فحص موضوعية لدى الأطفال ابتداء من سنّ 4 سنوات. ونظراً إلى أن شبكية الرضيع تستمر في التطور إلى حدود ذلك العمر، فإن من الضروري إجراء بحوث إضافية للتأكد إن كانت أداة التشخيص هذه دقيقة في حالات المشاركين الأصغر سناً.