ملخص: في 8 مارس/آذار من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة، التي تتولى في الوقت الحالي الكثير من الأدوار مثل تحقيق النجاح المهني ورعاية الأطفال والعناية المنزلية، والحقيقة أن ذلك يضع المرأة تحت عبء نفسي كبير ويجعلها تواجه الكثير من الضغوط النفسية، فما تأثير الضغوط النفسية في صحة المرأة الجسدية؟ وكيف تخففها؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
محتويات المقال
يحتفل العالم في 8 مارس/آذار من كل عام باليوم العالمي للمرأة؛ وذلك من أجل الاعتراف بالإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للنساء والفتيات، وأيضاً بهدف زيادة الوعي بضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين في جوانب الحياة كافة.
والحقيقة أن المرأة في العصر الحديث تلعب العديد من الأدوار في وقت واحد، فتتراكم عليها المسؤوليات والواجبات، فمن ناحية، هناك العمل في وظائف بدوام كامل، هذا إضافة إلى مسؤولية الأسرة ورعاية الأطفال. ونتيجة ذلك؛ تتعرض النساء إلى الكثير من الضغوط النفسية، فما تأثير تلك الضغوط في صحتها الجسدية؟ وكيف يمكن تخفيفها؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
ما أنواع الضغوط النفسية؟
الضغوط النفسية جزء طبيعي من تجربتنا في الحياة، وقد تكون تلك الضغوط عابرة مثل مسؤوليات العمل اليومية، وقد تكون خطِرة مثل الحروب أو التشخيص بالأمراض المزمنة، وقد تكون مفرطة ومستمرة، ومع الوقت، تتحول إلى نمط حياة كما حدث للكثيرات من النساء.
والحقيقة أن التوتر والإجهاد الناجمَين عن الضغوط النفسية العابرة أو القصيرة المدى قد يكونان مفيدَين لصحتك النفسية لأنهما يساعدانك على تجاوز تلك المواقف؛ ولكن الضغوط النفسية المستمرة تؤثر سلباً في صحتك النفسية، فوفقاً لما ذكرته الجمعية الأميركية للطب النفسي (The American Psychological Association)؛ يمكن أن يؤدي الإجهاد المزمن الناجم عن الضغوط النفسية إلى الإصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وضعف جهاز المناعة.
كيف تظهر أعراض الضغوط النفسية عند النساء؟
يؤكد استشاري أمراض النساء، أليكس إسكندر (Alex Eskander)، إن المرأة تواجه في الوقت الحالي الكثير من التحديات، سواء في العمل أو المنزل، وحين تحاول السيطرة على الأمور وخلق حياة سعيدة لأطفالها، تتعرض إلى الكثير من الضغوط النفسية. وعلى الرغم من أن تلك الضغوط تختلف من واحدة إلى أخرى، فإن هناك بعض العلامات والمؤشرات العامة مثل:
- صعوبة التركيز.
- تقلب المزاج.
- اضطرابات النوم.
- مشكلات الجهاز الهضمي مثل آلام المعدة والغثيان.
- التعب وانخفاض الطاقة.
- مشكلات الجلد مثل حب الشباب.
- اضطرابات الدورة الشهرية.
- تغيرات الشهية مثل الإفراط في تناول الطعام أو فقدان الشهية.
- التوتر والقلق.
- الشعور بالصداع.
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات.
- فقدان الرغبة الجنسية.
- الإحساس بالوحدة والعزلة.
- النسيان المتكرر.
- التفكير السلبي.
- آلام الظهر والرقبة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن التخفيف من شدة الضغوط النفسية للحامل؟
ما أسباب الضغوط النفسية عند النساء؟
توضح أستاذة علم النفس السريري، روزاليند دورلين (Rosalind S. Dorlen)، إن النساء يتحملن ضغوطاً نفسية وأعباء أكثر من الرجال، علاوة على أنهن يعترفن بتلك الضغوط أسهل من الرجال. وفي هذا السياق، توصل استطلاع للرأي أجرته الجمعية الأميركية للطب النفسي خلال عام 2023 وضم أكثر من 3,000 شخص، إلى نتيجة مفادها أن النساء يعانين التوتر الناتج عن الضغوط النفسية أكثر من الرجال.
وتعلق دورلين على نتيجة هذا الاستطلاع قائلة إن الرجال لديهم قدرة على الانفصال عن الواقع؛ أما النساء يملن إلى استيعاب الضغوط النفسية داخلياً ما يؤدي إلى إصابتهن بالاضطرابات النفسية؛ في حين أن الرجال يميلون إلى التنفيس عن تلك الضغوط على هيئة عدوان أو اندفاع.
وتعتقد الطبيبة النفسية تايشا كالدويل هارفي (Taisha Caldwell-Harvey) إن تجاربنا مع الضغوط النفسية ومسبباتها تختلف بناءً على الهوية الفردية، وتضيف هارفي إن إحدى المريضات قد شكت إليها من قبل قائلة إنها تشعر بالثقل والانسحاق بسبب مسؤوليات الحياة المنزلية ومحاولة التقدم والتميز في حياتها المهنية.
وأفادت الكثيرات من المرضى بأن أزواجهن لا يتحملون حصتهم من المسؤوليات؛ ما يؤدي إلى تفاقم الإحباط والشعور بالتوتر. وعادة ما تحس النساء بالضغوط النفسية بسبب:
- الضغوط النفسية المرتبطة بالعمل: يمكن أن ينجم ذلك عن ساعات العمل الطويلة، أو انعدام الأمن الوظيفي، أو التحرش الجنسي أو التمييز في مكان العمل، وأحياناً تحدث تلك الضغوط بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي والمخاوف المالية الشخصية.
- أحداث الحياة: يمكن أن تؤدي أحداث الحياة الكبرى مثل الزواج أو الطلاق أو الحمل أو الولادة أو انقطاع الطمث إلى التوتر والقلق والشعور بالضغط النفسي.
- مسؤوليات الأسرة وتقديم الرعاية: تعيش الكثيرات من النساء في صراع نفسي طويل بسبب الرغبة في تحقيق التوزان بين مسؤوليات الأسرة وتقديم الرعاية وتحقيق النجاح في المجال المهني.
- التوقعات المجتمعية وتلبية احتياجات الآخرين: تزرح النساء تحت ضغط مجتمعي رهيب وتوقعات مرتفعة للغاية، وأحياناً تشعر المرأة بالضغط النفسي بسبب فشلها في تلبية تلك التوقعات، سواء تلك التي تضعها لنفسها أو توقعات الآخرين، هذا بالإضافة إلى أن النساء يقضين وقتاً طويلاً في تلبية احتياجات الآخرين، وهذا يجعلهن يهملن احتياجاتهن الخاصة. ومع مرور الوقت والضغوط النفسية، قد لا تتمكن المرأة من التعرف إلى احتياجاتها.
كيف تتأثر صحة النساء الجسدية بالضغوط النفسية؟
في الوقت الذي يتأثر فيه كل من النساء والرجال بالضغوط النفسية، فإن تأثيرات تلك الضغوط في المرأة تكون أكثر تفاقماً وتتجسد في الإصابة بالتالي:
- مشكلات الخصوبة: قد تواجه النساء اللاتي يتعرضن إلى الضغوط النفسية في بعض الأحيان صعوبة أكبر في الحمل؛ وذلك بسبب أن المستويات المرتفعة من الإنزيم المرتبط بالتوتر، ألفا أميليز (alpha-amylase)، يمكن أن تزيد صعوبة الحمل، فالنساء اللاتي لديهن أعلى تركيزات الإنزيم خلال دورتهن أقل عرضة إلى الحمل بنسبة 12% مقارنة بالنساء ذوات المستويات الأقل.
- عدم انتظام الدورة الشهرية: يمكن أن تؤدي الضغوط النفسية إلى دورات شهرية غير منتظمة، أو غياب الدورة الشهرية، أو ظهور أعراض أكثر شدة لمتلازمة ما قبل الحيض (PMS)؛ وذلك لأن الضغوط النفسية تؤثر في توازن هرمونات الجسم.
- زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب: عندما يستجيب جسمك إلى الضغط النفسي، فإن هرمونات التوتر تجعل الأوعية الدموية تنقبض؛ لذلك يُرسل المزيد من الأوكسجين إلى عضلاتك للتحضير لاستجابة الكَر أو الفر. ونتيجة لذلك؛ يزداد معدل ضربات القلب وضغط الدم. إذا كانت الضغوط النفسية طويلة الأمد أو مزمنة، فسيظل معدل ضربات القلب وضغط الدم مرتفعين؛ ما قد يؤدي إلى مشكلات خطِرة في القلب بمرور الوقت؛ مثل السكتة الدماغية أو الأزمة القلبية.
- ضعف جهاز المناعة: إن الوجود المزمن لهرمونات التوتر يضعف جهاز المناعة لدى المرأة؛ ما يجعلها أكثر عرضة إلى الإصابة بالعدوى والمرض، فإذا كانت تعاني الضغوط النفسية المستمرة، ستكون أكثر عرضة إلى الإصابة بنزلات البرد أو الإنفلونزا، أو حالات مزمنة مثل التهاب المفاصل وأمراض التهاب الأمعاء وغيرها، فمع ضعف الجهاز المناعي، سوف يستغرق الأمر وقتاً أطول للتعافي من المرض.
- تدهور الصحة النفسية: لا تؤثر الضغوط النفسية في الصحة الجسدية فحسب؛ ولكن تأثيرها يمتد إلى الصحة النفسية؛ حيث إن معاناة تلك الضغوط فترة طويلة تجعل النساء أكثر عرضة إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق، وغالباً ما تنجم تلك الإصابة عن الارتفاع المستمر لمستويات الكورتيزول (هرمون التوتر).
- زيادة الوزن والإصابة بالسمنة: تسهم الضغوط النفسية في ارتفاع مستوى الكورتيزول؛ ما قد يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وتخزين الدهون. وبمرور الوقت، يعمل ذلك الأمر على زيادة الوزن أو الإصابة السمنة.
- أمراض الجلد: يمكن أن تؤثر الضغوط النفسية تأثيراً كبيراً في الجلد والبشرة؛ حيث تؤدي إلى ظهور حب الشباب والحكة الشديدة والطفح الجلدي، وتعاني النساء أيضاً تساقطَ الشعر الشديد إذا تعرضن إلى التوتر فترة طويلة.
اقرأ أيضاً: ما هي الآثار النفسية للتمييز ضد المرأة في بيئة العمل؟
6 طرائق لتخفيف الضغوط النفسية عن كاهل المرأة
يرى أستاذ الطب النفسي في جامعة ويسكونسن ماديسون (the University of Wisconsin-Madison)، تشارلز رايسون، إن تخفيف حدة الضغوط النفسية لدى المرأة يمكن تحقيقه من خلال اتباع الخطوات التالية:
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: وذلك لأن ممارسة التمارين الرياضية تقلل التوتر، وتحسن المزاج، وتعزز الصحة العامة، علاوة على أنها تساعد على النوم نوماً أفضل.
- البحث عن التوزان وتعلم قول "لا" : دون التخطيط وتحديد الأولويات، يمكن للالتزامات أن تستحوذ على كل لحظة فراغ من اليوم؛ ما لا يترك أي وقت في جدول المرأة للأنشطة المهمة والمتعلقة بالرعاية الذاتية مثل الوقت الخاص بها من أجل مقابلة الأصدقاء أو التأمل. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على النساء أن يتعلمن قول "لا" للأنشطة والطلبات غير المهمة؛ وذلك من أجل حماية صحتهن النفسية.
- تناول الطعام الصحي: يؤثر بعض الأطعمة في كيفية استجابة أجسامنا إلى التوتر؛ لذا يمكن أن يؤدي اتباع نظام غذائي صحي إلى تحسين جهاز المناعة، واستقرار الحالة المزاجية، وخفض ضغط الدم، ومن أهم الأطعمة التي تساعد على تقليل الإجهاد الخضروات والفاكهة.
- طلب الدعم من الأصدقاء والمقربين: الدعم الاجتماعي يمكن أن يكون وسيلة رائعة لتخفيف الضغوط النفسية، فالأصدقاء تُمكنهم مساعدتنا بعدة طرائق بداية من الإنصات وحتى مد يد العون، وأولئك الذين يحصلون على الدعم الكافي عادة ما يكونون أكثر سعادة وأقل توتراً، وأحد أهم العوائق أمام النساء هو أنهن لا يملكن الوقت الكافي من أجل لقاء الأصدقاء؛ وذلك لأن مسؤوليات العمل والبيت ورعاية الأطفال تستولي على الوقت كله. ومع ذلك، من المهم بالنسبة إلى المرأة أن تبذل جهداً للحصول على الدعم في حياتها بأي طريقة ممكنة.
- تغيير لغة التحدث إلى النفس: توضح المختصة النفسية راندا الطحان إن المرأة تميل في الكثير من الأوقات إلى التقليل من شأن نفسها، واعتماد طريقة نقدية للتحدث إليها؛ حيث تشعر بالذنب وتأنيب الضمير. والحقيقة أن هذا الأسلوب من الحديث مع الذات يتطور في مرحلة الطفولة ثم يصبح عادة متأصلة في كيفية رؤيتها للعالم وتفاعلها معه. ويمكن أن يؤدي الحديث الذاتي السلبي إلى تفاقم مستوى التوتر والضغوط النفسية؛ ولهذا يجب تغيير الحديث الذاتي السلبي وبناء عادة التفكير الإيجابي.
- تخصيص بعض الوقت للرعاية الذاتية: من المهم بالنسبة إلى النساء، خاصة إذا كن أمهات، أن يخصصن وقتاً منتظماً لممارسة الأشياء التي تغذي أرواحهن وتجعلهن يشعرن بأنهن على قيد الحياة. إذا لم نفعل ذلك، فقد نواجه المزيد من الضغوط النفسية، ولن نكون مفيدين للآخرين. وخلال هذا الوقت، يمكن تدوين المذكرات التي تتمتع بفائدة رائعة في إدارة الضغط النفسي ويمكن أن تكون أداة مهمة من أجل إعادة اكتشاف الذات.