تمر علي أيام أجد فيها مزاجي مضطرباً دون سبب واضح أو محدد، وبتكرار تلك الظاهرة حرصت على تحليل ما يطرأ عليّ من تغييرات حتى أصل إلى جذور المشكلة، وكانت المفاجأة! إذ إن الأحلام التي أراها إذا كانت متسارعة أو فيها صراعات غالباً ما يتغير مزاجي للأسوأ بعد الاستيقاظ، وعلى الناحية الأخرى إذا رأيت أحلاماً هادئة أو أحداثها مبهجة فإن حالتي النفسية تتحسن للأفضل، لكن كيف يفسر العلم هذا التغير؟ هذا ما سنعرفه في المقال.
محتويات المقال
ما هي مناطق الدماغ التي تحفزها الأحلام؟
ساد اعتقاد شائع في الماضي أن الحلم يقتصر على مرحلة النوم المعروفة باسم "مرحلة حركة العين السريعة"، إلا أن علماء الأعصاب اكتشفوا غير ذلك؛ فنحن نحلم أيضاً خلال مراحل أخرى من نومنا، وقد عقّد هذا الاكتشاف مسألة دراسة الأحلام بسبب صعوبة الرصد الآني لنشاط الدماغ خلال مراحل الحلم المختلفة.
لكن تطور تقنيات التصوير العصبي مؤخراً يسّر مهمة الباحثين وجعل من الممكن فهم كيفية تحفيز بعض مناطق الدماغ خلال الحلم، فعلى سبيل المثال تنشط القشرة البصرية الدماغية في حال كان الحلم يتضمن مشاهد بصرية مكثفة، بينما إذا كان مشحوناً بالعواطف فإنه ينشط المناطق ذات الصلة بالعاطفة.
اقرأ أيضاً: هل من الطبيعي عدم رؤية الأحلام؟
كيف تؤثر أحلامنا في عواطفنا؟
تكشف الأبحاث العلمية في مجال علوم الأعصاب يوماً بعد يوم جوانب خفية من تأثير الأحلام في حياتنا وارتباطها بواقعنا واللاوعي الخاص بنا، فأحلامنا ليست مجرد صور عابرة تمر أمامنا خلال نومنا إنما هي عنصر ضروري وموثر لتنظيم صحتنا النفسية.
فقد أثبت الباحثون أنها تؤثر بفعالية في كيفية إدارتنا لعواطفنا ومشاعرنا؛ فهي تتيح لنا استعادة التجارب النفسية المرهقة أو تحويلها إلى رموز، وأحياناً تضفي بعض الأحلام طابعاً إيجابياً على أحداث سلبية مرت علينا، ما يجعلنا أكثر تقبلاً لها ومن ثم نصبح أكثر اتزاناً في مشاعرنا عندما نستيقظ.
الأحلام وسيلة فعالة لمعالجة القلق
لا يتوقف تأثير الأحلام عند تنظيم عواطفنا، فهي أيضاً تسمح لنا بمعالجة التجارب الباعثة على القلق عن طريق استعراضها في سياق الحلم ومن ثم تخفيف تأثيرها العاطفي في يقظتنا، ما يعني أن أحلامنا تجعلنا أكثر تقبلاً لعواطفنا المزعجة في يقظتنا.
وهذا يعكس أهمية الأحلام في منحنا فرصة لمعالجة مختلف عواطفنا أو حل صراعاتنا النفسية العالقة وجعلنا أكثر قدرة على تقبل الواقع والتعامل معه، وذلك ما يؤكده أستاذ علم النفس بجامعة الملك عبد العزيز محمد سالم القرني بقوله إن 70% من الأحلام تحتوي على مشاعر سلبية مثل القلق والخوف والغضب والحزن، ويعكس محتواها غالباً تجارب اليوم السابق، إذ تظهر خلالها الأشياء أو الأشخاص أو الأماكن التي رأيناها أو فكرنا فيها، ويؤكد القرني أن نتائج الأبحاث أثبتت أن أحلامنا تساعدنا على تنظيم ذكرياتنا ومعالجة مشاعرنا والتعامل مع المواقف الصعبة.
اقرأ أيضاً: ما الذي يجعلك تنغمس في أحلام اليقظة؟ وكيف تتخلص منها؟