لماذا يشعر البعض بالوحدة خلال فصل الصيف؟ وما طرق مواجهتها؟

3 دقائق
الوحدة الصيفية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: الصيف فصل النشاط والحماس والاستمتاع بامتياز؛ لكن لا يستفيد الناس جميعهم من هذه الأجواء الممتعة إذ يعيش بعضهم شعوراً صيفياً بالوحدة والعزلة. فما أسباب الوحدة الصيفية؟ وكيف السبيل إلى التخلص منها؟

إن أشهُر الصيف فترة راحة واسترخاء بالنسبة إلى أغلبنا، فهي تمنح المحظوظين منّا فرصاً عديدة للنزهات والجولات والأسفار إلى وجهات مشمسة، ناهيك بأنها مناسبة لرؤية أفراد العائلة والاتصال بالأصدقاء. إنها متنفّس مرحّب به بعد شهور الشتاء والخريف الطويلة والمظلمة؛ لكن هذه الحال لا تنطبق على الجميع، فقد يشعر البعض بالوحدة والحزن والعزلة؛ بل بالنبذ، خلال فصل الصيف.

ويضغط المجتمع على أفراده من أجل اللهو والتنزه خلال الصيف، وتعزّز ذلك مواقع التواصل الاجتماعي إلى درجة شعور الأشخاص الذين لا يمتثلون لهذا الضغط الاجتماعي بالنبذ والرفض. يكفي أن تبحث عن هاشتاغ #summerloneliness على موقع التواصل الاجتماعي تيك توك، وسترى العديد من مقاطع الفيديو، ولا سيّما تلك التي ينشرها شُبّان من مواليد بداية الألفية الثالثة ويتشاركون فيها شعورهم العميق بالوحدة مع اقتراب أيام الصيف الجميلة. فما طبيعة هذا الشعور بالضبط؟ وكيف يمكن تجاوزه؟

ما هي الوحدة الصيفية أو كآبة الصيف؟

حلول الصّيف ليسَ خبراً ساراً للجميع، فإذا كان أغلبنا يسعد بالخروج من نفق الشتاء الطويل ويتحمّس لفكرة التمتّع بأشعة الشمس وممارسة أنشطة متنوعة في الهواء الطلق، فإن آخرين، وهم أكثر ممّا نتصوّر، يجدون أنفسهم عزّلاً وعاجزين عن مواجهة شعورهم بالوحدة. هذه الوحدة الصيفية معروفة في أوساط خبراء الصحة.

وقد درست أبحاث عديدة التغيّرات الموسمية للشعور بالوحدة، فلاحظت أن هذه الظاهرة أكثر بروزاً في فصلَيّ الربيع والصيف. وللمفارقة، فإن معدل الانتحار يرتفع خلال الصيف أكثر من فصل الشتاء! وينطبق الأمر نفسه على معدّلات استقبال المرضى في العيادات الطبية النفسية بسبب اضطرابات مختلفة؛ حيث تتزايد خلال فصل الصيف. بعبارة أخرى: تمثّل فترة الصيف خطراً على الصحة النفسية لكثير منّا؛ وذلك لعدة أسباب تزيد مستويات الشعور بالوحدة:

العوامل البيولوجية

أظهرت الأبحاث أن مظاهر حدّة الصيف مثل درجة الحرارة والرطوبة والإضاءة الشديدة، يمكن أن تؤثر في الوظائف البيولوجية وتربكها كما الحال بالنسبة إلى معدّل نبضات القلب والضغط الدموي والساعة البيولوجية. وقد يسهم ذلك في حدوث نوع من الاختلال الكيميائي لدى بعض الأشخاص على نحو مضرّ بالصحة النفسية.

العوامل الاجتماعية

قد يكون الانتقال إلى فصل الصيف أصعب بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون العزلة الاجتماعية. ومن المعروف أن الصيف يمثل فترة نشاط اجتماعي كبير، ومناسَبة لممارسة الهوايات في الهواء الطلق. وتشكّل المهرجانات والدوريات الرياضيات والنزهات أنشطة صيفية بامتياز، ويفضل العديد منّا ممارسة هذه الهوايات بمعيّة الأصدقاء أو أفراد العائلة؛ لأن هذه الأنشطة تفقد متعتها عندما يمارسها الإنسان بمفرده.

لكن هناك أشخاص محرومون من دائرة واسعة من الأصدقاء والأقارب، ويكتفي هؤلاء الذين يعانون العزلة بمتابعة تلك الأنشطة الاجتماعية ، ولا يتلقّون إلا القليل من الدعوات للمشاركة فيها. وقد تكون رؤية استمتاع الآخرين في الصيف مؤلمة نفسياً لهم، وعاملاً رئيساً في زيادة المشكلات الصحية النفسية خلال الأشهُر الأكثر سخونةً.

كيف تواجه الشعور بالوحدة الصيفية؟

تقول الطبيبة النفسية، رينا باجاج (Dr Rina Bajaj): "البشر اجتماعيون بطبعهم ويستمتعون بحيواتهم من خلال التواصل مع الآخرين". إليك إذاً نصائح الدكتورة باجاج لإدارة هذه الفترة الحرجة من السنة وتجنّب الغرق في الكآبة.

تقبّلْ الشعور بالوحدة

توضح الطبيبة النفسية: "لا توجد عواطف جيدة أو سيئة؛ كلّها تكشف لنا ما نشعر به أو نفكر فيه أو نستجيب له، والشعور بالوحدة أحياناً أمر طبيعي جداً". من المفيد إذاً أن يأخذ الإنسان الوقت الكافي للتفكير في شعوره بالوحدة وتأثيره فيه، فالوعي بالعواطف التي نشعر بها يساعدنا على تقبّلها وتحقيق الانسجام مع الذات.

عبّر عن الامتنان

عندما نشعر بالوحدة يتغير منظورنا بسهولة ونميل إلى التركيز على الأمور التي ليست على ما يرام. خذ الوقت الكافي إذاً لطرح السؤال التالي: "ما أفضل 3 أحداث عشتها في يومي؟". لا تتردد في تخصيص مذكرة لتدوين مشاعر الامتنان، فهذا سيساعدك على تحسين حالتك المزاجية بصفة يومية وزيادة راحتك النفسية.

تصوّر الأمور الإيجابية

تصوّر مكاناً تشعر فيه بالسعادة لتحسين حالتك المزاجية. أغمض عينيك وتخيّل مكاناً أو لحظة شعرت فيها بالسعادة التامة، واستشعر ذلك في جسدك. افتح عينيك عندما تحسّ بسعادة وراحة وشعور أكبر بالأمان العاطفي. تشير الدكتورة باجاج إلى ذلك قائلة: "المهم في التصور المرئي هو أن الدماغ لا يستطيع التفريق بين ما نتخيّله وما يحدث في الواقع".

عبّر عن المشاركة الوجدانية والتعاطف مع الذات

كثيراً ما تصاحب الشعورَ بالوحدة سلوكيات مثل نقد الذات بشدة والتقليل من قيمتها. ولتجنّب ذلك، دوّن قائمة المزايا التي تتمتّع بها والمنجزات الإيجابية التي حققتها خلال اليوم، كلّها. يمكن أن يشمل ذلك أيضاً الكلام الإيجابي الذي تقوله عن نفسك والعبارات التي تردّدها مثل قولك: "أنا شخص جميل". لذا؛ تنصح الطبيبة النفسية قائلة: "قلّل المقارنات الاجتماعية إلى أدنى حدّ، وأكثرْ الخطابات الإيجابية عن نفسك".

اقرأ المقال الكامل: 6 عادات لمحاربة الشعور بالوحدة

المحتوى محمي