ما سبب هوس بعض الأشخاص بالعيوب الجسدية؟ وكيف يمكن التخلص من هذا السلوك؟

3 دقائق
العيوب الجسدية
العيوب الجسدية

سواء كانوا يتمتعون بوجه ملائكي أو قوام ممشوق فإنهم لا يركزون أمام المرآة إلا على العيوب الجسدية، فلمَ ينظر بعض الأشخاص بطريقة سلبية تماماً إلى أنفسهم؟

ما سبب النظرة السلبية إلى الجسد؟

تخبرنا لبنى ذات الـ 36 عاماً أنها لا تخلع نظاراتها الشمسية مطلقاً؛ ولكن لماذا؟ تقول لبنى: "لأخفي حَوَلاً خفيفاً في عيني". وتوضح كيف كانت تعاني في طفولتها من نظرات الناس وسخريتهم بسبب هذه السمة، فتقول: "كنت أسمع كثيراً كلمات من قبيل: انظروا إنها الحولاء، أو ذات العيون المائلة، وغيرها".

وكذلك الأمر بالنسبة لهيثم ذي الـ 42 عاماً إذ كان الناس يسخرون من حجم أذنيه. يقول هيثم: "لقد كان الناس يشبهونني بالفيل دامبو بسبب كبر أذنيّ وما زلت أشعر حتى الآن وكأنني أعاني من تشوه ما". قد تصبح هذه الاختلافات الصغيرة التي تضفي تميزاً حقيقياً على المرء هوساً لبعض أصحابها، حتى أنها تؤثر سلباً في حياتهم الاجتماعية أحياناً. تقول لبنى: "أعاني من صعوبة في التواصل مع الآخرين، فأنا أخاف دائماً من فكرة أن تركيزهم سينصب على هذا العيب، ومن ثم فإنني سأكون محط سخريتهم".

تأثير الظروف الشخصية في صورة الجسد

يوضح مختص العلاج والتحليل النفسي خوان ديفيد نازيو في بحثه الأخير أن المرء لا يرى جسده كما هو؛ بل يرسم صورة عاطفية له تتأثر بمدى تقدير من حوله لصفاته الجسدية. وهكذا فإن التعرض للاستهزاء بسبب السمات الجسدية في مرحلة الطفولة، أو على العكس سماع عبارات التقدير من الوالدين أو شريك الحياة في سن الرشد، يترك أثراً دائماً في نفس الفرد.

تقول لمى ذات الـ 36 عاماً: "كان خطيبي السابق يقول لي دائماً بأنني بدينة ومنذ ذلك الحين أصبح جسدي مصدر خجل بالنسبة إليّ". من جهة أخرى فقد كانت والدة لمى أيضاً تشعر بعدم الرضا عن جسدها، ذلك أن بعض العقد النفسية تنتقل من الآباء إلى الأبناء. وجدير بالذكر أن شعور المرء بالكره الشديد تجاه سمة جسدية معينة لديه قد يكون دلالةً على معاناته من صعوبة في الانسجام مع عائلته، ويوضح مختص الجراحة التجميلية والمؤلف المشارك مع المعالج النفسي آلان كوتينبيرغ لكتاب "أنا وجسدي" (Mon corps et moi)، كزافييه لاتوش أنه يصادف الكثير من هذه الحالات في عيادته، ويستحضر مثالاً حول فتاة مراهقة رغبت بإجراء جراحة تجميلية لأنفها لأنه يذكرها بوالدها الذي كان في حالة خصام دائم معها.

تأثير التربية في صورة الجسد

تعد التربية التي يتلقاها الفرد في طفولته عاملاً مهماً في ظهور هواجس معينة لديه في الكبر. وتوضح مختصة علم النفس السريري يولاند مايانوبي أنه عندما يبالغ الآباء في الإشارة إلى سلبيات الطفل فإن ذلك قد يؤدي إلى نشوء العقد النفسية والشعور بالدونية، ومن ثم الرغبة في السعي نحو الكمال، وتقول: "بسبب الأسلوب التربوي الذي يفرض عليه الكثير من المتطلبات، يحاول الطفل التركيز على كل ما يمكنه تحسينه في نفسه". ولأن صورة الجسد المثالي هي ضرب من الخيال، فإنه يجد نفسه حبيس سعي مستمر بلا جدوى.

اضطراب تشوه الجسم

يوضح الطبيب والمعالج النفسي جان تيغنول أن الشخص المهووس بالعيوب الجسدية يضع معايير غير واقعية لصورة الجسد الذي يريد الحصول عليه، فيصبح مظهره عقدة نفسية حقيقة بالنسبة إليه. تتمتع سناء ذات الـ 28 عاماً بقوام رشيق كعارضات الأزياء، وعلى الرغم من ذلك فهي تلاحظ عيوبها الجسدية دائماً عندما تنظر إلى انعكاس صورتها في النافذة. تقول سناء: "أنا طويلة جداً ونحيلة وعيناي قريبتان من بعضهما وأنفي مدبب".

في بعض الحالات يؤدي هوس المرء الزائد بالعيوب الجسدية إلى سلوكيات الانسحاب أو حتى الرهاب الاجتماعي. ويرافق هذا الهوس دائماً شعور بالكره الشديد للذات يمكن أن يصل في حالات معينة حد الإصابة بما يسميه جان تيغنول، اضطراب تشوه الجسم، وهنا تصبح الحاجة إلى العلاج النفسي ضرورية.

كيف تتخلص من حالة الهوس بالعيوب الجسدية؟

1. اهتم بنفسك أكثر

لا تفكر بجسدك كسبب للشعور بالحزن والإحباط بل كمصدر للمتعة، فمثلاً مارس الرياضة أو الرقص أو رفه نفسك واحصل على جلسة تدليك، وتنزه في الطبيعة وتناول الوجبات التي تحبها وتستمتع بها، وركز على الجوانب التي تحبها في جسدك واستمع إلى كلمات المديح التي تتلقاها من الآخرين، فبهذه الطريقة ستتمكن من التآلف معه والنظر إليه كسبب لسعادتك.

2. اشعر بالامتنان

عندما تركز انتباهك في عيوبك الجسدية بصورة مفرطة فإنك تفقد إحساسك بالواقع. تخيل نفسك في موقف من شأنه أن يؤثر في جسدك تأثيراً عنيفاً. مثلاً تخيلي أن ساقيكِ اللتين لا تحبينهما لأنكِ تظنين أنهما أنحل من اللازم قد تعرضتا للبتر، فما الأفكار التي ستَرِد إلى ذهنك؟ تخيلي الموقف وعبري بصوت عالٍ عن أفكارك. يمكن لهذا التمرين أن يساعدكِ على التغلب على شعورك بعدم الرضا عن جسدك.

كيف تساعد الشخص المهووس بعيوبه الجسدية؟

لا تحاول أن تقنع الشخص الذي يركز على عيوبه الجسدية بأن ظنونه غير صحيحة فهو لن يصدق ذلك لأن هذه العيوب الجسدية واضحة بالنسبة إليه وضوح الشمس. يمكنك بدلاً عن ذلك أن تتحدث معه حول صفاته الشكلية والشخصية الإيجابية؛ ما يخلق لديه تصوراً أكثر شمولية عن نفسه ومن ثم يفقد الاهتمام بالتفاصيل الجسدية. ولا تنسَ أن تتوخى الصراحة التامة عند التحدث معه لأن أي إطراء كاذب توجهه إليه سيكون بمثابة دليل إضافي على المشكلة التي يظن أنه يعاني منها.

اقرأ أيضاً: لماذا نكره أنوفنا؟

المحتوى محمي