النوم هو أحد الأمور شديدة الأهمية للصحة العامة والتي تحدد جودة يومنا، فالحصول على نوم هانئ يتنبأ بحالة مزاجية جيدة في اليوم التالي، بينما الليالي التي يشوبها الأرق تجعلنا في حالة مزاجية سيئة، كما أنها قد تجعلنا أكثر عرضة للحوادث في حال قيادة السيارة.
لا يوجد تعريف واحد لجودة النوم يحدده خبراء النوم. لذلك، فغالباً ما يتم تحديدها من قبل الأشخاص الذين ينامون أنفسهم باختلاف أنماط حياتهم وعاداتهم واحتياجاتهم.
لكن لا تزال هناك بعض العوامل المحددة التي يبلغ عنها الأشخاص عند تقييم ما إذا كانوا يحصلون على نوم جيد أم لا؛ بما في ذلك اضطرابات النوم، وبيئة غرفة النوم، وما يشعرون به نهار اليوم التالي؛ مثل الشعور بالراحة والنشاط عند الاستيقاظ؛ وفقاً لدراسة من "جامعة وارويك" (University of Warwick) بالمملكة المتحدة.
بالإضافة إلى ما سبق، فقد حددت دراسة حديثة من "جامعة أريزونا" (University of Arizona) الأميركية عاملاً آخر شديد التأثير في جودة النوم، وهو ما إذا كان الفرد ينام بمفرده أو يتشارك السرير مع شخص آخر.
مشاركة شريكك السرير تتنبأ بنوم أفضل
أظهرت الدراسة الحديثة التي أُجريت على أكثر من 1,000 بالغ لاستكشاف ما إذا كان تشارك السرير مرتبطاً بمدة النوم وجودته وعوامل الصحة العقلية، أن الأشخاص الذين يتشاركون السرير مع شركائهم يحصلون على نوم أفضل من أولئك الذين ينامون بمفردهم أو بجانب أطفال؛ حيث وجد الباحثون أن مشاركة السرير مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب والتوتر، وتحسين نوعية الحياة والعلاقات، وزيادة الدعم الاجتماعي، والرضا عن الحياة، في حين ارتبطت مشاركة السرير مع طفل بالشعور بمزيد من التوتر.
تشير الدراسة كذلك إلى أن أولئك الذين تقاسموا السرير مع شريك في معظم الليالي أفادوا بأرق أقل حدة، وأنهم ينامون بشكل أسرع ويشعرون بتعب أقل، وينعمون بوقت نوم أطول من أولئك الذين ينامون بمفردهم.
بالإضافة إلى ذلك، فقد كان لديهم خطر أقل للإصابة بانقطاع التنفس خلال النوم مقارنةً بأولئك الذين ينامون بمفردهم، والذين بدورهم اختبروا درجات أعلى من الاكتئاب، وانخفاض الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى انخفاض الرضا عن الحياة والعلاقات.
على الرغم من كل الميزات السابقة لمشاركة السرير مقارنةً بالنوم منفرداً؛ إلا أن مشاركة السرير مع شخص آخر ليست الأفضل في كل الأحوال، فقد أوضحت نتائج الدراسة أن أولئك الذين ناموا بجانب أطفال في معظم الليالي أبلغوا عن أرق أكثر حدة، ومخاطر أكبر لتوقف التنفس في أثناء النوم، وصعوبة التحكُّم في أنماط نومهم، كما ارتبط النوم بجانب الأطفال بمزيد من التوتر.
عوامل أخرى مساهمة في انخفاض جودة النوم
في دراسة أخرى من "جامعة سكاريا" (Sakarya University) التركية، بحثت في مشاكل النوم الشائعة وكذلك العوامل المساهمة في قلة النوم لدى طلاب الجامعات، أظهرت النتائج أن أكثر الأسباب التي يتم الإبلاغ عنها في تجارب النوم السيئة كانت التعرض لمشكلات نفسية بنسبة 67.2%، والإجهاد بنسبة 64.8%، ثم الألم والمشاكل العائلية بنسب متقاربة 62.9% و62.5% على التوالي، ثم جودة هواء الغرفة بنسبة 55.1%، والتعب بنسبة 53.5%، ثم الحزن بنسبة 53.1%.
كذلك، فالضوضاء التي يسببها أشخاص آخرون في الغرفة أتت بنسبة 52%، وروائح الغرفة كالعرق والعطور، إلخ بنسبة 53.1%، والاكتئاب بنسبة 51.6%، والقلق والتوتر بنسبة 51.1%.
كيف يمكنك حساب جودة نومك؟
في مقالهما حول أهمية جودة النوم وكيفية حسابها، يحدد المؤلفان "دانييل باتشيكو" (Danielle Pacheco)، و"أنيس رحمن" (Anis Rehman)، بعض الأسئلة التي بالإجابة عنها يمكن حساب جودة النوم؛ وهي:
1. كم تستغرق من الوقت لتغفو؟
في حين أن مقدار الوقت الذي يستغرقه شخص ما للنوم يمكن أن يختلف، فإن الاستغراق لأكثر من 30 دقيقة للنوم لعدة أيام هو مؤشر على الإصابة بالأرق.
2. كم مرة تستيقظ خلال النوم؟ وإلى متى؟
للحصول على نوم جيد؛ يجب أن تستغرق العودة للنوم مرة أخرى بعد الاستيقاظ أقل من 20 دقيقة. كذلك يجب التفكير في أسئلة حول عادات الاستيقاظ ومدى النشاط خلال فترة النهار؛ بما في ذلك:
- هل تجد صعوبة في الاستيقاظ في الصباح؟
- هل تجد صعوبة في البقاء مستيقظاً أو التركيز خلال فترة النهار؟
- هل تغفو أو تشعر بالنعاس كثيراً خلال فترة استيقاظك؟
يوضح المؤلفان أيضاً أنه للوقوف على أسباب انخفاض جودة النوم ومحاولة علاجها، غالباً ما يكون من المفيد الاحتفاظ بيوميات حول عادات النوم للإجابة على هذه الأسئلة، وتدوين ملاحظات عن نومك بعد الاستيقاظ كل صباح وكذلك عاداتك وأنشطتك في اليوم السابق لليالي المؤرَّقة.
يمكن أن تساعدك مفكرة النوم على تحديد العوامل التي تؤثر بشكل شخصي على نومك؛ ما يمكِّنك بعد ذلك من إجراء تعديلات على عاداتك إن أمكن أو مشاركة ملاحظاتك مع طبيبك للحصول على إرشادات مهنية.
وأخيراً؛ لم يعد الحصول على نوم جيد متوقفاً على عادات النوم المعروفة كالنوم في غرفة ذات درجة حرارة معتدلة وعدم تناول وجبات دسمة أو ممارسة التمارين الرياضية قبل النوم مباشرةً، فقد أصبح نوم الشخص بمفرده أو بجانب شخص آخر يؤثر أيضاً في جودة نومه، وكذلك صحته النفسية والعقلية.