دليلك للنجاة بصحتك النفسية من الأزمات المالية

5 دقائق
الضغوط المالية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: تؤثر الضغوط المالية فينا بعدة طرائق، فالبعض يكافح من أجل دفع الفواتير أو إطعام أسرته أو الحفاظ على المكان الذي يعيش فيه، والبعض الآخر قلق للغاية بشأن التغيرات المالية العالمية وعدم اليقين الاقتصادي الذي نعيش فيه، ويعاني القلق والتوتر بسبب ذلك. ومن خلال هذا المقال، سنتعرف معاً إلى كيفية الصمود نفسياً أمام الضغوط المالية.

إذا كنت قلقاً بشأن الضغوط المالية فأنت لست وحدك؛ حيث أضحى يتعين على الكثيرين التعامل مع الضغوط المالية وحالة عدم اليقين الاقتصادي في هذا الوقت العصيب، وسواءٌ كانت مشكلتك نابعة من الخوف من فقدان العمل أو تصاعد الديون أو النفقات غير المتوقعة، فلا خلاف على أن الضغط المالي أصبح أحد أكثر الضغوط شيوعاً في الحياة الحديثة.

ويمكن أن تؤثر المشكلات المالية بشدة في صحتك النفسية والجسدية وعلاقاتك وجودة حياتك بصفة عامة، فالشعور بالهزيمة الناتج من الضغوط المالية، يمكن أن يسبب تراجع جودة نومك واحترامك لذاتك؛ لكن اطمئن، فإذا كنت تشعر بالقلق والتوتر بسبب الضغوط المالية، ثمة طرائق فعالة لتجاوز تلك الأوقات الصعبة، وسنتعرف إليها في هذا المقال.

ما هي الضغوط المالية؟

الضغط المالي هو حالة من القلق والتوتر ترتبط بالمال والديون والنفقات المستقبلية أو الجارية، ويُعد المال أكثر مصادر التوتر شيوعاً، فوققاً للتقرير الذي أصدرته جمعية علم النفس الأميركية (APA) خلال عام 2015؛ فإن نحو 72% من الأميركيين يشعرون بالتوتر بشأن المال.

إذا كنت تجد صعوبة في تغطية نفقاتك الحالية أو كنت قلقاً بشأن أموالك الحالية أو المستقبلية، فأنت تحت ضغط مالي، وكما هي الحال مع أنواع الضغط الأخرى؛ فللضغط المالي مكونان:

  1. صعوبة مالية واقعية: حين لا تكون لديك أموال كافية لتغطية النفقات أو الديون الضرورية.
  2. تصوراتك الذاتية حول أموالك الحالية أو المستقبلية: ما يُشعرك بالتوتر والقلق.

ما سبب الشعور بالضغوط المالية؟

تؤكد أستاذة علم النفس في كلية العلوم النفسية بجامعة غرب أستراليا (The University of Western Australia)، كريستين ناراغون غيني (Kristin Naragon-Gainey) إن ثمة مجموعة من العوامل التي يمكن أن تؤثر في مستواك الحالي من الضغوط المالية:

  1. العوامل الخارجية: ويُقصد بها المشهد المالي الحالي مثل معدلات النمو الاقتصادي، وأداء السوق، والسياسة الحكومية والسياسية، وتوزيع الثروة، وقد تختلف هذه العوامل بين الثقافات والبلدان.
  2. العوامل الشخصية: والمقصود بها مستوى المعرفة والممارسات المالية والسمات الشخصية التي تؤثر في السلوك والتصرفات، وتشمل كذلك أحداث الحياة الكبرى مثل الزواج أو إنجاب الأطفال أو التقاعد.

6 أعراض للشعور بالضغوط المالية

تغير الضغوط المالية أفكارنا ومشاعرنا وسلوكياتنا فيما يتعلق بالمال؛ لهذا إن كنت تعاني الأعراض التالية، فالمشكلات المالية تؤثر في حياتك:

  1. ضيق التنفس وتسارع دقات القلب عند التفكير في الأمور المالية.
  2. تجنُّب المكالمات الهاتفية والبريد الإلكتروني والتواصل مع الدائنين.
  3. إلغاء خطط الأنشطة الاجتماعية وتجنُّب الأصدقاء.
  4. القلق واليأس من المستقبل.
  5. الشعور بالخجل والإحراج.
  6. الإحساس بالغضب أو الانزعاج من الأشخاص الذين يشاركونك شؤونك المالية؛ مثل أحد أفراد العائلة الذي تشارك معه تفاصيل الفواتير أو مدير العمل الذي يحدد زيادة راتبك.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر ضغوطك المالية في علاقتك الزوجية؟ وماذا تفعل للحد منها؟

كيف يمكن أن تؤثر الضغوط المالية في الصحة النفسية والجسدية؟

يعلم الكثيرون أن هناك أشياء كثيرة في الحياة أكثر أهمية من المال؛ لكن عندما تعاني الضغوط المالية، يمكن أن يسيطر الخوف والتوتر على عالمك. وبمرور الوقت، يتأثر احترامك لذاتك ويملؤك الشعور باليأس، فحين تصبح الضغوط المالية ساحقة، يمكن أن تدفع صحتك النفسية والجسدية وحياتك الاجتماعية ثمناً باهظاً؛ حيث تؤدي الضغوط المالية إلى:

  1. الإصابة بالاكتئاب: إن العيش تحت سحابة المشكلات المالية يمكن أن يجعل أي شخص يشعر بالإحباط واليأس والاكتئاب ويكافح من أجل التركيز أو اتخاذ القرارات، فوفقاً لدراسة علمية أجرتها جامعة برمنغهام (University of Birmingham)؛ يكون الأشخاص الذين يعانون الضغوط المالية  والديون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
  2. الشعور بالقلق: يمكن أن يكون المال شبكة أمان، ومن دونه قد تشعر بالضعف والقلق؛ مثل القلق بشأن الفواتير غير المدفوعة أو الأقساط المستحَقّة أو فقدان الدخل. ويمكن أن يؤدي القلق إلى ظهور أعراض جسدية مختلفة مثل تسارع ضربات القلب، أو التعرق، أو الارتعاش، أو حتى الإصابة بنوبات الهلع.
  3. اضطراب العلاقات الأسرية: تعتقد أستاذة علم النفس السريري في جامعة يوتا (The University of Utah)، ليندا غالو (Linda Gallo) إن الأسرة يمكن أن تكون مصدراً مهماً للدعم؛ لكنها أيضاً يمكن أن تتحول إلى مصدر للتوتر إذا واجه أحد أفرادها ضغوطاً مالية، ففي هذه الحالة، يصبح رب الأسرة غاضباً وسريع الانفعال؛ ما يؤثر بشدة في العلاقات داخل الأسرة.
  4. اللجوء إلى أساليب التكيف غير الصحية: مثل الإفراط في شرب الخمر، أو إساءة استخدام الوصفات الطبية أو المخدرات غير المشروعة، أو المقامرة، أو الإفراط في تناول الطعام، ويمكن أن تؤدي المخاوف المالية إلى إيذاء النفس أو التفكير في الانتحار.
  5. الإصابة باضطرابات النوم: لا شيء يمكن أن يؤدي إلى إصابتك بالأرق في أثناء الليل أكثر من القلق بشأن الفواتير غير المدفوعة أو فقدان مصدر الدخل.
  6. زيادة الوزن أو خسارته: يمكن أن يؤثر التوتر والقلق في شهيتك؛ إما بالتوقف عن تناول الطعام ومن ثمَّ خسارة الوزن، وإما بالإسراف في الأكل فيما يُعرف باسم "الأكل العاطفي" ومن ثَمّ زيادة الوزن.
  7. الإصابة ببعض الأمراض الجسدية: مثل الصداع ومشكلات الجهاز الهضمي والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. وفي البلدان التي لا تتوفر فيها رعاية صحية مجانية، قد تؤدي المخاوف المالية أيضاً إلى تأخير زيارة الطبيب أو تخطيها خوفاً من تكبُّد نفقات إضافية. وفي هذا السياق، تؤكد الاستشارية النفسية، ريما بجاني إن القلق والتوتر وعدم القدرة على الاستقرار المالي يؤدّون إلى مجموعة من الأمراض الجسدية التي يمكن أن تكون طويلة المدى مثل التأثير في المناعة والغدد الصماء العصبية.

اقرأ أيضاً: الضغوط الصغيرة: كيف تؤثر في صحتك النفسية؟وكيف تواجهها؟

كيف يمكن الصمود نفسياً أمام الضغوط المالية؟

إن تعلُّم كيفية التعامل مع الضغوط المالية وإدارة وضعك المالي بفعالية يمكن أن يساعدك على الشعور بمزيد من التحكم في حياتك؛ ومن ثَمّ تقليل التوتر والقلق وبناء مستقبل أكثر أماناً، وتُمكنك تجربة الإرشادات التالية للبدء:

  1. حاول تهدئة نفسك: لن تغير وضعك المالي في دقيقة أو دقيقتين؛ لكن يمكنك بالتأكيد تغيير نظرتك إلى ذلك الوضع ومحاولة السيطرة على مستوى التوتر لديك. لهذا؛ حاول البحث عن أنشطة للاسترخاء تخفف عنك الضغط الزائد، وتُمكنك أيضاً مشاركة مخاوفك مع أصدقائك لتقلل حدتها.
  2. ضع ميزانية مالية: على الرغم من أنها تبدو نصيحة شائعة فإنها مهمة للغاية، فإعداد الميزانية هو أبسط طريقة لفهم أين تذهب أموالك، ويمكنك وضع ميزانيتك على إحدى تطبيقات الهاتف أو استخدام دفتر ملاحظات من أجل تسجيل المصروفات كلها.
  3. تقليل النفقات الخاصة بك: بعد خطوة وضع الميزانية، تأتي مباشرة خطوة تقليل النفقات، فمن خلال هذه الخطوة، يُستغنى عن المصروفات الكمالية كلها لتوفير بعض المال.
  4. ابحث عن طرائق من أجل كسب أموال إضافية: ثمة طريقتان فقط لتوفير المال؛ إما عن طريق خفض النفقات وإما بزيادة الإيرادات، فإذا قمت بالفعل بتخفيض النفقات غير الضرورية من ميزانيتك، فالشيء الوحيد الذي يمكنك فعله هو كسب المزيد من المال. ويمكن تحقيق ذلك بأكثر من طريقة مثل العمل لساعات إضافية في العمل، أو العمل بدوام جزئي، أو العمل بالقطعة؛ لكن كن واقعياً بشأن وقتك ولا تقم إلا بالعمل الإضافي الذي تعلم أنه يمكنك إكماله مع توفير الوقت للعناية بنفسك.
  5. ضع خطة للطوارئ: قم بفتح حساب توفير في البنك وخصصه للنفقات غير المتوقعة فقط،  وإذا لم يكن لديك هدف مالي، فالخبراء معظمهم ينصحون بتوفير مبلغ مالي يغطي 3 إلى 6 أشهر من النفقات، وبهذه الطريقة لن يكون عدم اليقين بشأن قدرتك على التصرف في حالة الطوارئ مصدراً دائماً للتوتر.
  6. لا تقسُ على نفسك: لا تعكس حالتك المالية قيمتك الشخصية، والإفراط في التفكير بالضغوط المالية يمكن أن يؤدي إلى مزيد من التوتر؛ لهذا تذكر دائماً أن الصعوبات المالية هي نتيجة لعوامل كثيرة وبعضها فقط تحت سيطرتك، وأن أموالك لا تحدد هويتك الشخصية، فهذا يمكن أن يقلل مشاعر الحزن أو العار أو الذنب.
  7. غيّر طريقة تفكيرك: تشدد الاستشارية النفسية ريما بجاني على فكرة إن طريقة تعاملنا مع الضغوط المالية هي التي تسبب لنا المشكلات وليس الضغوط نفسها؛ لهذا تنصح بضرورة إعادة صياغة الأفكار الخاصة بالمشكلات المالية من أجل تجنب الأمراض النفسية والجسدية.

في النهاية، يمكن أن تكون الضغوط المالية ساحقة على مستويات متعددة، ومع ذلك، فإن إدارة الضغوط المالية تكون أسهل عندما تتمكن من محاولة إخراج المشاعر السلبية من المعادلة، فحتى لو كان وضعك المالي يبدو حرجاً في الوقت الحالي، ذكّر نفسك أن قيمتك الفعلية لا علاقة لها بالرقم الموجود في حسابك المصرفي، وحاول جاهداً البحث عن تغييرات فعالة تسهّل عليك الخروج من أزمتك المالية في أقرب وقت.