ملخص: يُعدّ القلق الاجتماعي خوفاً من الآخرين؛ لأنه اضطراب ناتج عن التفاعل معهم. ويعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب قلقاً من نظرة الآخرين واحتمال الحكم عليهم وانتقادهم. وفي إحدى الدراسات التي نشرتها دورية "العلاج النفسي السلوكي والمعرفي" (Behavioral and Cognitive Psychotherapy) في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اهتم باحثون من جامعة ماكماستر الكندية (McMaster) بالطريقة التي تؤثر فيها "سلوكات الأمان" هذه على نظرة "شركاء التفاعل الاجتماعي" إلى الأشخاص المصابين بهذا القلق.
يدفع القلق الاجتماعي المصابين به إلى تطوير أساليب لتجنّب بعض الوضعيات غير المريحة أو التكيّف معها. ويترك ذلك انطباعاً خاطئاً عنهم لدى الآخرين.
يُعدّ القلق الاجتماعي خوفاً من الآخرين؛ لأنه اضطراب ناتج عن التفاعل معهم. ويعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب قلقاً من نظرة الآخرين واحتمال الحكم عليهم وانتقادهم. ويدفع هذا النوع من الاضطرابات المصابين به إلى تطوير سلوكات تجنُّب الآخرين، فيعملون على تفادي كل الوضعيات التي تثير لديهم حالة القلق. وتبدأ هذه السلوكات من التوقف عن الحديث على الملأ إلى عدم التواصل أبداً مع الناس، والقيام بكل ما يلزم من أجل الظهور بمظهر مثالي في نظر الآخرين، وتجنب أي تواصل بصري معهم، والتحدث بسرعة من أجل اختصار المحادثات، وربما بلغ ذلك حد الامتناع عن الخروج من البيت.
وفي إحدى الدراسات التي نشرتها دورية "العلاج النفسي السلوكي والمعرفي" (Behavioral and Cognitive Psychotherapy) في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اهتم باحثون من جامعة ماكماستر الكندية (McMaster) بالطريقة التي تؤثر بها "سلوكات الأمان" هذه على نظرة "شركاء التفاعل الاجتماعي" إلى الأشخاص المصابين بهذا القلق.
تأثير سلوكات الأمان على نظرة الآخرين
من أجل التوصل إلى نتائج مفيدة جمع الباحثون 70 مشاركاً، 29 منهم يعانون القلق الاجتماعي، ثم عمل المشاركون على إجراء تقييم ذاتي لرُهابهم الاجتماعي ومستوى قلقهم في الغرفة نفسها التي يظهر فيها شخص آخر وكأنه يقوم بالشيء نفسه. بعد ذلك أجرى المشاركون حواراً شبه منظم مع الشخص الآخر الموجود في الغرفة، الذي خضع لتدريب خاص دون علمهم بذلك. وبعد انتهاء هذا الحوار، قيّم المحاوِر مستوى الودّ والعفوية لدى المشارك الذي أجاب بعد ذلك عن أسئلة استجواب حول توظيفه لسلوكات الأمان ومدى شعوره بالعفوية.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الآخرين ينظرون إلى المصابين بالقلق الاجتماعي كأشخاص أقل ودّاً وعفويةً، بالمقارنة مع أولئك الذين لا يعانون هذا الاضطراب. وأعلن المشاركون المصابون بهذا الاضطراب أنفسهم أنهم كانوا أقل عفويةً من المشاركين الآخرين. وتوصل الباحثون إلى وجود علاقة بين إعلان هؤلاء عن توظيف سلوكات الأمان واعتبار أنفسهم أقل عفويةً وبين نظرة الآخرين إليهم على أنهم أقل ودّاً.
وتخلُص الدراسة إلى أن "هذه النتائج تُضاف إلى أدبيات متزايدة تعتبر أن بعض سلوكات الأمان يمكن أن تلعب دوراً مهماً في التداعيات السلبية للتفاعلات الاجتماعية، والتي يعيشها المصابون بالقلق الاجتماعي".
التأثير العابر لسلوكات الأمان
في نوفمبر 2013 نشر المركز الوطني للقلق الاجتماعي في الولايات المتحدة الأميركية مقالاً يحذر من الآثار السلبية لهذا النوع من السلوكات.
فإذا كانت تسمح على المدى القريب للأشخاص القلقين بخوض بعض التفاعلات الاجتماعية بشكل مريح، فإنها بالمقابل تقوّي لديهم الفكرة القائلة إن: "الوضعيات الاجتماعية التي يتجنبونها ويتهربون منها خطيرةٌ فعلاً". وأوضح الموقع الرسمي للمركز المذكور أن: "سلوكات الأمان تفرض على المدى البعيد العديد من الاحترازات على الأفراد، وتصبح مثل فخ يمنعهم من الاستمتاع بحياتهم". كما لا يسمح لهم ذلك بالانتباه إلى كل ما يمكن أن يحدث في أثناء التفاعلات الاجتماعية، ولا يتيح لهم التخلص من نظرتهم إلى هذه التفاعلات باعتبارها مصدر خطر.
ويضيف المقال: "إن المصابين بهذا القلق الذين يوظفون سلوكات الأمان لا يتعلمون أبداً أن باستطاعتهم مقاومة الأحكام والانتقادات غير المنصفة، وأن الأحكام والانتقادات البناءة يمكن أن تكون مفيدة لهم".
اقرأ أيضاً: أفضل 5 كتب عن القلق