ملخص: أنا ناشط في الحركة النسوية منذ سنوات؛ بل منذ الأزل. صحيح أنني أكتب مقالات وكتباً من بينها كتابي "كُوني رجلاً يا ابنتي" (Sois un homme ma fille) الذي يروي قصة امرأة تتنكر في هيئة رجل لـ 10 سنوات من أجل النجاح في مشوارها المهني؛ لكنني في هذا المقال أردت أن أتناول مسألة المساواة بين المرأة والرجل من زاوية أخرى.
يصادف الثامن من مارس/ آذار من كل عام اليوم العالمي لحقوق النساء، وفي هذه المناسبة، يكتشف بعض الناس أحياناً أن النساء يتقاضَين رواتب أقل من الرجال في مناصب وخبرات مماثلة، وأن التحرش المعنوي والجنسي ما يزال واقعاً قائماً، وأن النساء يحصلن على عقود عمل غير مستقرة، وأن المولود الذكر في الولايات المتحدة الأميركية يتمتع بحظوظ أكبر من المولودة الأنثى في أن يصبح مديراً تنفيذياً. هذه أمثلة كافية لتجعلني أشعر بالذنب لأنني رجل!
أنا ناشط في الحركة النسوية منذ سنوات؛ بل منذ الأزل. وأعرف أن ادعاء هذا الانتماء لا يحظى دائماً بنظرة إيجابية من طرف بعض النسوة اللواتي لا يمنحنني أي شرعية بخصوص هذا الموضوع. وهنّ محقّات، فللأسف لن أعرف أبداً ما معنى أن أكون امرأة؛ لكنني بصفتي إنساناً أحاول أن أحقق تقدماً في هذه القضية العزيزة على قلبي.
صحيح أنني أكتب مقالات وكتباً من بينها كتابي "كُوني رجلاً يا ابنتي" (Sois un homme ma fille) الذي يروي قصة امرأة تتنكر في هيئة رجل لـ 10 سنوات من أجل النجاح في مشوارها المهني؛ لكنني في هذا المقال أردت أن أتناول مسألة المساواة بين الرجل والمرأة من زاوية أخرى.
لِننسَ للحظة المسائل الأخلاقية وشعور الرجل بالذنب، ولْننس الفوارق، ولنحاول أن نرى كيف لرجل في مثل حالتي ألا يخسر شيئاً من المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة؛ بل كيف يمكنه أن يستفيد منها!
ماذا لو كانت زوجتي تجني من المال مثل زملائها؟
لا مجال للخلاف بخصوص هذه النقطة، فحصول النساء على مزيد من المال لا يعني تراجع مداخيل الرجال بل يعني فقط موارد إضافية للأسرة.
ومَن يمكنه أن يعارض حصول زوجته أو ابنته أو والدته على راتب جيد؟ إنهم يحدثوننا دون توقف عن مشكلات القدرة الشرائية للأسر، فها هو إذاً حل رائع: المساواة الكاملة في الرواتب، فوراً وليس بعد ثلاثين عاماً.
نعم، يبدو هذا الحل تبسيطياً للمشكلة لكن التبسيط هو الذي يمكن أن يدفع أصحاب القرار أيضاً إلى الانخراط في هذه القضية.
المزيد من الحقوق للرجال
سنجني نحن الرجال أيضاً بعض الحقوق. لكن، يا سيداتي، لا تتسرعن في مهاجمتي فوراً بالقول: "نعم، لا بأس، فلديكم أصلاً ما يكفي منها".
سأروي لكنّ قصة حقيقية. عندما كان أبنائي صغاراً قبل بضع سنوات، كنت أحب الذهاب لإحضارهم من المدرسة من وقت لآخر، ولأجل ذلك كان يتعين علي أن أغادر مكتبي مبكراً. وذات يوم، سألني زميل وأنا أغادر العمل عن سبب مغادرتي مبكراً بانتظام فشرحت له الأمر، فقال لي عبارة ظلت راسخة في ذهني: "لكنني لا أفهم، أليست لديك زوجة مطيعة لتفعل ذلك"؟
نعم، ما تزال الطريق طويلة أمام اعتبار ذهاب الرجل لإحضار أبنائه من المدرسة أو أن يأخذ إجازة أبوية طويلة مثلما يحدث في بعض البلدان، سلوكاً عادياً. بعد قدوم مولود جديد إلى الأسرة في السويد مثلاً، يمكن للوالدَين الحصول على إجازة طويلة لمدة 16 شهراً مناصفةً بين الأب والأم، وبشكل غير متزامن حسب رغبتهما (باستثناء 3 أشهر مخصصة للأم و3 أشهر مخصصة للأب). واليوم فإن 70% من أيام إجازة الأمومة تحصل عليها النساء، بينما يحصل الرجال على 30%. عندما ازداد عدد أولادي لم يكن هذا النوع من الإجازات موجوداً، وحالياً تبلغ مدة هذه الإجازة في فرنسا 28 يوماً؛ لكن بعض الرجال لا يتجرأ على أخذها خوفاً من نظرة الآخرين.
توزيع أفضل للشحنة الذهنية
ابتكرت مونيك هيكو (Monique Haicault) مبدأ الشحنة الذهنية المنزلية عام 1984، وتشرح من خلاله كيف تظل المرأة المتزوجة والعاملة منشغلة ذهنياً بالأعمال المنزلية وتدبير البيت، لتخلق بذلك يوم عمل مضاعف بشحنة ذهنية كبيرة.
فهل يمكنكم أن تقولوا لي ما مصلحة الرجال في إعادة توزيع هذه الشحنة بشكل عادل؟ هل تعرفون عبارة السلام المنزلي؟ إن الزوجين يشكلان فريقاً، وإذا كان أحد أعضاء الفريق مرهقاً دائماً فمن الصعب أن يظل الفريق متماسكاً.
لذلك فإن الحديث بين الزوجين عن الشحنة الذهنية وتوزيعها يمكن؛ بل يجب، أن يكون هادفاً وهادئاً. وبدلاً من أن تقول الزوجة لزوجها: "لقد سئمت هذه الحال، أنت لا تفعل شيئاً في البيت أيها الكسول"، فيمكنها أن تقول له: "إذا بذلت جهداً إضافياً لمساعدتي في المطبخ أو تنظيف البيت بالمكنسة الكهربائية، صدقني ستكون علاقتنا أفضل حالاً". أتفق معكم أن ذلك يبدو تافهاً؛ لكن الكثير من الرجال لا يفهمون بأن من مصلحتهم الشخصية أن يتغيروا، وأن الشعور بالذنب ليس هو الذي سيؤدي إلى التقدم في هذه القضايا.
إن اليوم العالمي لحقوق المرأة مفيد حقاً، إذ بفضله على الأقل ينكشف الواقع أمام الجميع. ومع أن القضية النسائية تحرز التقدم عاماً بعد عاماً؛ لكن مجرد الاستمرار في اعتبارها "قضية" يُظهر إلى أي حد ما تزال الطريق طويلةً أمامها، فبينما نتحدث في أوروبا عن المساواة في الرواتب، ما يزال النقاش في بلدان أخرى يدور حول حق النساء في الوجود كنساء!
إن معركة النساء ليست ضد الرجال كما يروج البعض وإنما هي معركة مساواة للجميع، ذكوراً وإناثاً، أيّاً كان نوعهم الاجتماعي أو معتقدَهم. وإذا كنا نريد تسريع حركة هذه المعركة، فقد حان الوقت كي نعمل معاً، رجالاً ونساءً، لبلوغ عيش مشترك أفضل.
ولن أجد لختام هذا المقال أفضل من مقولة رائعة للكاتبة فرانسواز جيرو (Françoise Giroud): "ستكون المرأة مساوية للرجل عندما نعين في منصب مهم، امرأة غير كفؤ"!