ما الفرق بين الأمراض العقلية والنفسية؟

المرض العقلي والمرض النفسي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تؤثر الاضطرابات النفسية سلباً في الصحة العاطفية؛ لكن ما الحد الفاصل بين المرض العقلي والمرض النفسي؟ يقدم لك هذا المقال الإجابة الوافية.

تعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية الجيدة بأنها: “حالة من السلامة النفسية تمكِّن الأشخاص من التغلب على ضغوط الحياة، وإدراك قدراتهم، والتعلم والعمل على نحو جيد، والإسهام في مجتمعاتهم، وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاهية التي تدعم القدرات الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات وبناء العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه”.

وفيما يخص الصحة النفسية، فإن ثمة العديد من المصطلحات التي قد تصادفنا هنا وهناك دون إدراك تام لما تعنيه، وأشهرها ربما “الاضطرابات النفسية” و”الأمراض العقلية”، فما الفرق بين هذين المصطلحين؟

اقرأ أيضاً: الأمراض العقلية بين الأعراض والأسباب وطرق العلاج

ما المقصود بالمرض العقلي والمرض النفسي؟

في الواقع، غالباً ما يُستخدم مصطلح الاضطرابات النفسية للإشارة إلى مجموعة من الحالات التي تخص الصحة النفسية بما فيها الأمراض النفسية والعقلية. ويمكن تعريف الاضطرابات النفسية عموماً بأنها حالات قابلة للتشخيص، تؤثر في تفكير الشخص أو عواطفه أو مزاجه أو سلوكه، ويمكن أن تؤثر في قدرته على التعامل مع الآخرين أو كيفية أدائه بعض الأنشطة اليومية.

ويُفضل غالباً استخدام مصطلح “حالات الصحة النفسية” لوصف الاضطرابات أو الأمراض النفسية أو العقلية، بغية الابتعاد عن بعض المصطلحات التي توصم المرضى؛ مثل “معاق عقلياً”، أو “مجنون”، أو “فاقد العقل”، وما شابه. فبدلاً من القول إن شخصاً ما مريض نفسياً أو عقلياً، يفضل القول إنه يعاني حالة في الصحة النفسية.

وعلى الرغم من أن الفرق بين المرض النفسي والمرض العقلي ليس واضحاً تماماً، فإن بعض المختصين النفسيين قد يوضحون بعض الفروق ما بين الاثنين؛ إذ يقول الطبيب النفسي، عمرو يسري، إن المرض العقلي ناتج من خلل عضوي في الجهاز العصبي، ويتميز بأعراض حادة تتضمن أوهاماً، أو هلوسة، أو اضطراباً في التفكير، أو خللاً في الحكم. ويُظهِر الأشخاص المصابون بالأمراض العقلية اضطراباً عاطفياً أو عدم تنظيم عميق فيما يتعلق بالتفكير والعاطفة والسلوك، إلى درجة أنهم غالباً ما يكونون غير قادرين على أداء وظائفهم في الحياة اليومية أو عاجزين عن ذلك فعلياً.

في المقابل، فإن الأمراض النفسية التي قد تُدعى بـ “الأمراض النفسية العصابية”، هي اضطرابات أقل خطورة من الأمراض العقلية، يعاني فيها الأشخاص مشاعر سلبية؛ مثل القلق والتوتر والخوف والحزن والوسواس، وقد تؤثر في أداء الأشخاص على نحو كبير إلا أن شخصياتهم تبقى سليمة نسبياً.

من ناحية أخرى، ثمة ما يسمَّى بـ “الإعاقة العقلية” التي كانت تُسمَّى سابقاً بـ “التخلف العقلي”؛ وهي اضطرابات عصبية نمائية تبدأ في مرحلة الطفولة وتتميز بصعوبات فكرية بالإضافة إلى صعوبات في مجالات الحياة اليومية والاجتماعية والعملية.

يمكن تصنيف العوامل السببية المرتبطة بالإعاقة العقلية إلى عوامل جينية أو وراثية أو مكتسبة أو بيئية. ومن أنواع الإعاقة العقلية نذكر: التوحد، والشلل الدماغي، واضطرابات اللغة والنطق، واضطرابات التعلم، ومتلازمة داون، ومتلازمة توريت، واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

اقرأ أيضاً: التأخر العقلي البسيط عند الأطفال: الأعراض وخيارات العلاج

ما الفرق بين المرض العقلي والمرض النفسي؟

الفرق الأساسي بين الاثنين يكمن في منظور الشخص تجاه حالته؛ إذ غالباً ما يكون الأشخاص المصابون بالأمراض العقلية غير قادرين على إدراك أن تصوراتهم الذاتية ومشاعرهم غير مترابطة مع الواقع، وقد لا يدركون أنهم مرضى أو لا يصدقون أنهم كذلك، على الرغم من الضيق الذي يشعرون به. ومن أمثلة الأمراض العقلية نذكر: اضطراب الفصام، الاضطراب الوهامي، الاضطراب الثنائي القطب.

في المقابل، فالأشخاص المصابون بالأمراض النفسية العصابية قادرون على التعرف إلى الواقع وتقييمه على نحو موضوعي، وقادرون على أداء المهمات الأساسية في الحياة اليومية. بالإضافة إلى كونهم يدركون أنهم مرضى، أو يمكن جعلهم يدركون ذلك، ويمكنهم التعرف إلى الأفكار المقلقة التي تنتابهم وكيف تؤثر في حيواتهم وعلاقتهم، وعادة ما يرغبون في الشفاء والعودة إلى حالاتهم الطبيعية.

بالاضافة إلى ذلك، فإن فرص شفائهم تكون أعلى من فرص الأشخاص المصابين بالأمراض العقلية الذهانية. ومن الأمراض النفسية: اضطراب الوسواس القهري، اضطراب القلق العام، اضطرابات الطعام، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطراب الشخصية النرجسية. جدير بالذكر إن مرض الاكتئاب يمكن اعتباره مرضاً عقلياً ونفسياً في الآن نفسه.

اقرأ أيضاً: ما الاضطرابات النفسية التي تصيب الأذكياء؟ ولماذا تزيد إصابتهم بها؟

اختلافات أخرى ما بين المرض العقلي والمرض النفسي

علاوة على ذلك، قد يختلف المرض العقلي عن النفسي في سبب النشوء، فالعوامل المسببة للمرض العقلي تتضمن عوامل وراثية، أو بعض التغيرات الهيكلية أو الكيميائية الحيوية في الدماغ، أو عوامل بيئية. في حين أن العوامل المسببة للأمراض النفسية تشمل العوامل البيولوجية، أو الاجتماعية، أو النفسية، أو التربوية، أو الاقتصادية.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن نرث الأمراض النفسية من آبائنا؟ إليك الإجابة العلمية

قد يختلفان أيضاً في الأعراض، فالمرض العقلي، مثلما ذُكر سابقاً، قد يتضمن أوهاماً أو هلوسة؛ مثل سماع أصوات أو رؤية أشياء لا يسمعها ولا يراها الآخرون، وصعوبة تمييز ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي، وقد يتضمن حالات عاطفية مضطربة، أو كلاماً غير منظم، أو شكّاً في العائلة والأصدقاء، أو اعتقاد المريض أن شخصاً يتعمد إيذاءه. في حين أن الأمراض النفسية العصابية تتضمن سلوكيات وسواسية، أو وسواس مرضية، أو مشاعر سلبية مثل التوتر والقلق واليأس.

ومن الفروق أيضاً أن علاج المرض العقلي غالباً ما يتم عن طريق الأدوية والعلاج النفسي، وقد لا يشفي الدواء الاضطرابات العقلية تماماً؛ وإنما يساعد على إدارة الأعراض، في حين أن علاج الأمراض النفسية قد يكون عبر تغيير نمط الحياة، أو العلاج النفسي، أو الأدوية، أو مزيج منها.

اقرأ أيضاً: هل يمكن علاج الاضطرابات النفسية بالأدوية فقط؟ الخبراء يجيبون

ختاماً، لا بد من توضيح نقطة مهمة هنا، فالصحة النفسية الجيدة لا تعني غياب حالات الصحة النفسية، فمن الممكن أن تتمتع بصحة نفسية رديئة دون معاناة حالة صحية نفسية، وقد تكون مصاباً بحالة نفسية مشخَّصة لكنك تبدي مع ذلك أداء جيداً جسدياً وعاطفياً واجتماعياً.