ملخص: خلال اطلاعك على محفوظات الإنترنت، اكتشفتَ أن ابنك المراهق يشاهد مواقع إباحية، وكحال الكثير من الآباء شعرتَ بالعجز أمام هذا الموقف. بعد الغداء، هرب ابن لبنى، سامر الذي يبلغ من العمر 11 عاماً، بهاتف والدته المحمول إلى إحدى الغرف وعزل نفسه فيها رفقة ابن عمه. دفعت الأم باب الغرفة فشعر الطفلان بإحراج شديد، وحينما أخذت الهاتف المحمول ونظرت إلى سجل المحفوظات اكتشفت أنهما كانا يشاهدان إحدى المواد الإباحية، ودون انتظار حاولت أن تتكلم معه حول الموضوع فأنكر الطفل واغرورقت عيناه بالدموع، فكيف تعاملت لبنى مع هذا الموقف الشائك؟ وما نصائح المختصين في هذا الخصوص؟
خلال اطلاعك على محفوظات الإنترنت، اكتشفتَ أن ابنك المراهق يشاهد مواقع إباحية، وكحال الكثير من الآباء شعرتَ بالعجز أمام هذا الموقف. ما عواقب مشاهدة المواد الإباحية على نمو المراهق الجنسي؟ وهل يجب أن تصارحه بما اكتشفته؟ وإذا كانت الإجابة نعم، فبأي طريقة؟ نقدم لك في المقال التالي مجموعة من النصائح للتعامل مع هذا الموقف إضافة إلى تجربة إحدى الأمهات مع ابنها المراهق.
بعد الغداء، هرب ابن لبنى، سامر الذي يبلغ من العمر 11 عاماً، بهاتف والدته المحمول إلى إحدى الغرف وعزل نفسه فيها رفقة ابن عمه. دفعت الأم باب الغرفة فشعر الطفلان بإحراج شديد، وحينما أخذت الهاتف المحمول ونظرت إلى سجل المحفوظات اكتشفت أنهما كانا يشاهدان مقطع فيديو إباحياً، ودون انتظار حاولت أن تتكلم معه حول الموضوع فأنكر الطفل واغرورقت عيناه بالدموع. تقول لبنى: "خشيتُ أن يسبب له ما شاهده صدمة أو أزمة نفسية". وتتابع: "إن سنَّه غير مناسبة مطلقاً لمشاهدة مواد كهذه فهي نوع من العنف والانتهاك العاطفي".
لم يكن الوصول إلى المواد الإباحية سهلاً فيما مضى كما هي الحال اليوم، ووفقاً لاستطلاع أجرته المؤسسة الفرنسية للرأي العام (IFOP) في مارس/آذار 2017، فإن 14% من الأطفال بين سنَّي 11 و12 عاماً، وأكثر من نصف مَن هم بين سنَّي 15 و17 عاماً شاهدوا مقاطع فيديو إباحية، إضافة إلى أن مستخدم الإنترنت يتعرض إلى هذا النوع من المحتوى بسبب النوافذ المنبثقة التي تفتح تلقائياً في أثناء تصفح مواقع البث المباشر التي تحظى بشعبية كبيرة بين المراهقين. من ناحية أخرى، سهلّت الهواتف المحمولة على المراهقين الوصول إلى المحتوى الإباحي وهم لا يترددون في مشاهدته ومشاركته مع زملائهم في باحة المدرسة، ولذلك فإن التعرض لهذا المحتوى بات شبه حتمي.
عواقب مشاهدة المواد الإباحية على المراهقين
ما مخاطر سهولة الوصول إلى المحتوى الإباحي على المراهقين؟ ترى مختصة العلاج النفسي إيمانويل بيكيه (Emmanuelle Piquet) أن الخطر يتمثل في اعتقاد المراهق بأن "ثقافة الاغتصاب" التي تقوم عليها المواد الإباحية هي أساس العلاقة الحميمة الطبيعية، ومن ثم قد تترسخ هذه الثقافة في ذهنه ويتخذها أسلوباً في التعامل مع زوجته مستقبلاً، أما الفتاة المراهقة التي تطَّلع على هذا المحتوى فستظن بأن ما تشاهده يمثل السلوكيات الطبيعية للمرأة خلال العلاقة. تنقل هذه الأفلام صورة مشوهة وحتى عنيفة في بعض الأحيان عن العلاقة الحميمة وتحط من قدر المرأة؛ ولكن أستاذ علم النفس المرضي السريري فنسنت إستيلون (Vincent Estellon) يقول: "الأمر مختلف في الحياة الواقعية، فالمراهق حين يبلغ سن الرشد ويتزوج لن يتعامل مع زوجته بالطريقة ذاتها، ومجرد مشاهدته هذه المواد الآن لا يعني أنه سيحط من قدر المرأة مستقبلاً". في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إجراءات تدخلية لمكافحة المواد الإباحية في المدارس كجزء من خطته لمكافحة العنف الجنسي، وعلى الرغم من ذلك فإنه لا وجود لرابط علمي بين استهلاك المواد الإباحية وازدياد الاعتداءات الجنسية وذلك وفقاً لما جاء في موقع سلات (Slate) الإخباري. من جهة أخرى فإن التعرض لهذا المحتوى يمكن أن يخيف المراهقين غير المستعدين له ويشوشهم، وتعبر إيمانويل بيكيه عن استيائها إذ تقول: "تثير هذه المواد رعب الفتيات المراهقات أحياناً إذ يتولد لديهن انطباع بأن هذا الاغتصاب جزء ضروري من حياتهن الجنسية مستقبلاً".
إدمان المواد الإباحية
يقول ماجد: "في سن 15-16 سنة صرت مدمناً على استهلاك المواد الإباحية وبدأت أفقد السيطرة على نفسي". هل الوصول المجاني والسهل إلى المواد الإباحية يزيد خطر الإدمان عليها في سن المراهقة؟ الإجابة ليست سهلة، يقول فنسنت إستيلون: "بخلاف العلاقة الطبيعية، يمكن الحصول على هذه المواد بسهولة وعلى نحو فوري وهذا قد يقود إلى سلوك إدماني لدى المراهق أحياناً". ويتابع: "عند الشعور بالقلق أو الرغبة التي يصعب كبتها، يلجأ بعض المراهقين إلى المواد الإباحية لأنها تتيح له التنفيس الفوري". ولكنه يستدرك قائلاً: "قد يستخدم المراهق هذه المواقع على نحو عَرَضيّ وهذه حال الكثير من المراهقين ولا داعي لأن يثير ذلك هلع الوالدين".
كيفية التحدث إلى المراهق حول الموضوع
مهما حاولت منعه فإن المراهق لا بد أن يصادف محتوى إباحياً في وقت من الأوقات، لذا عليك كوالد ألا تهلع وأن تعرف كيف تتصرف. قبل كل شيء، لا تتدخل في حياته الجنسية وتحاول منعه كلياً من استخدام هذه المواقع لأن ذلك قد يجعلها تثير اهتمامه أكثر من باب أن كل ممنوع مرغوب. وتؤكد مختصة علم النفس ضرورة تفسير هذا المحتوى للطفل وتنصح الوالد بطرح الموضوع دون تأخير بمجرد أن يبدأ الطفل باستخدام الإنترنت، وإفهامه أنه سيصادف هذه الصور حتماً، وتقول: "المهم هو أن توضح له أن الحقيقة مغايرة تماماً لما يراه".
المقاطع الإباحية هي مجرد خيال وغالباً ما تثير انزعاج المراهقين الذين يشاهدونها، واعترف سامر ابن لبنى لها أن ما شاهده أثار خوفه. تقول المعالجة النفسية: "من المهم أن نخلّص الطفل من شعوره بالذنب ونوضح له أن كل شخص يمكن أن يشعر بالرغبة حينما يشاهد هذه المواد، وأنه لا داعي لأن يشعر بالخجل من شعوره بالاشمئزاز والرغبة والخوف في آن معاً فهذه المشاعر يمكن أن تختلط. يمثل العنف والوحشية المتأصلان في مقاطع الفيديو هذه أيضاً فرصة لنوضح للطفل أن العلاقات الجسدية بين الرجال والنساء ليست كذلك وأنها تنطوي غالباً على المشاعر والحنان والعواطف السامية، وحتى الأخطاء والهفوات، وفوق كل شيء أن احترام الطرفين لبعضهما وموافقة كل منهما من الضرورات القاطعة في أي علاقة حميمة.
ومع ذلك، فإن مناقشة موضوع العلاقة الحميمة مع طفلك أمر صعب للغاية دائماً ويزداد صعوبة عندما تكتشف محفوظات الإنترنت الخاصة به؛ إذ يكون لديك انطباع بأنك دخلت إلى مساحته الحميمة، لذا تنصح إيمانويل بيكيه باستخدام أسلوب التواصل غير المباشر، فيمكنك أن تقول لابنك مثلاً: "قد يثير هذا الموضوع الذي أود طرحه انزعاجك لكن من الضروري أن نتحدث عنه"، فالتمهيد للموضوع على هذا النحو يمكن أن يخفف الحرج ولو جزئياً، وإذا بدا الكلام المباشر مستحيلاً تماماً فإن ثمة حلاً آخر وهو كتابة رسالة إلى طفلك. استجمعت لبنى شجاعتها، وفي طريق العودة إلى المنزل قالت لابنها: "ما رأيته ليس حقيقة بل صورة مبالغ فيها ومشوهة، فالحب ليس كذلك". وحينما شعر سامر بالاطمئنان نظر إلى أقفال الحب التي وضعها العشاق على جسر الفنون وأشار إليها وصاح: "في الحقيقة، هذا هو الحب"!
* تم تغيير الأسماء.