ملخص: تشير دراسة منشورة بدورية فرونتيرز في علم الأعصاب السلوكي إلى معاناة نحو 15% من السكان من كرب ما بعد الصدمة (PTSD) بعد وقوع كارثة طبيعية مثل الزلزال. كذلك، قد يعاني الذين لم يتم تشخيصهم بهذا الاضطراب من اضطرابات نفسية أخرى، مثل القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى تغيُّر في التعرف إلى المشاعر. يتناول هذا المقال الآثار النفسية التي تولّدها الكوارث الطبيعية بما فيها الزلازل لدى الأطفال وسبل توعيتهم بمثل هذه الأحداث وكيفية مساعدتهم على تجاوز حالة الرعب التي يعيشونها خلالها.
استيقظ العالم صباح أمس الاثنين 6 فبراير/شباط على خبر زلزال مدمر بلغت قوته 7.8 درجة ضرب كل من تركيا وسوريا، تبعه سلسلة من توابع الزلزال التي تردد صداها على مدار اليوم مخلّفة الدمار والحطام على جانبي الحدود وآلاف القتلى والجرحى- وفقاً لشبكة سي إن إن الإخبارية.
لا تقتصر الآثار السلبية للزلازل -كغيرها من الكوارث الطبيعية- على الخسائر المادية؛ حيث تخلّف آثاراً نفسية قوية في نفوس المتضررين منها مباشرة وكذلك من شاهدوا هذه الأحداث. وبينما يستطيع البالغون فهم الأحداث والنتائج المحتملة لها، يكون الأطفال غير مدركين لطبيعة ما يحدث وعواقبه. لذلك يكون للوالدين والبالغين دور مهم في توعية أطفالهم بما يحدث وكيف يمكنهم التعامل معه وتجاوزه.
اقرأ ايضاً: تعرف إلى اضطراب ما بعد الصدمة عند الأطفال
آثار الكوارث الطبيعية على نفسية الطفل
تختلف قوة هذه الآثار النفسية من شخص لآخر؛ إلا أن الكوارث الطبيعية تترك آثاراً قوية في نفوس الأطفال لتجعلهم أكثر خوفاً وقلقاً. ووفقاً لباحثين من جامعة كانتربري في نيوزيلندا، قد يكون الطفل بعد التعرض لصدمة نفسية:
- أكثر خوفاً أو قلقاً من المعتاد سواء عبّر عن ذلك شفهياً أو ظهرت عليه علامات الخوف، مثل الإفراط في اليقظة أو الخوف عند دخوله أو خروجه من المنزل.
- أكثر تعلقاً أو يبدو أقل استقلالية أو يظهر قلقاً أكثر عند الانفصال عن الوالدين أو عن أفراد الأسرة الآخرين. كذلك، قد يبدو حزيناً أو يبكي كثيراً.
- لديه كوابيس حول الزلزال أو كوابيس أكثر من المعتاد عموماً. وقد يشعر بالخوف من الظلام أو الذهاب إلى الفراش بمفرده.
- سريع الانفعال أو يعاني من نوبات غضب متكررة وبخاصة إذا كان نومه مضطرباً بسبب الصدمات أو الكوابيس.
- أقل تركيزاً أو يبدو مرتبكاً أو مشوشاً.
- لديه اضطرابات في الشهية أو النوم.
- قلقاً أكثر من اللازم بشأن اقتراب الناس منه.
- منسحباً من التجمعات ويفضّل العزلة.
اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن رهاب الزلازل وطرق علاجه
نصائح للوالدين لمساعدة أطفالهم بعد الزلازل
تُعد السمات المذكورة سابقاً -على الرغم من قسوتها- تجارب طبيعية للأطفال الصغار الذين يتعرضون لكارثة طبيعية كبرى. لذلك عليك ألا تشعر بالقلق إذا أظهر طفلك بعضاً منها، وفيما يلي بعض النصائح حول كيفية مساعدة طفلك على إدارة أو تقليل هذه الاستجابات العاطفية للتوتر:
- اجعل طفلك يشعر بالأمان: يستفيد طفلك من عناقه عموماً وفي هذه الأوقات خصوصاً حيث يمنحه هذا العناق أو اللمسة الحانية شعوراً بالأمان وهو أمر شديد الأهمية في أعقاب حدث مخيف أو مزعج.
- تصرف بهدوء: يتطلع الأطفال إلى البالغين من أجل الطمأنينة بعد وقوع الأحداث الصادمة. لذلك حاول ألا تناقش مخاوفك مع أطفالك أو عندما يكونوا في الجوار، وكن على دراية بنبرة صوتك حيث يلتقط الأطفال القلق بسرعة من طريقة ونبرة الحديث.
- حافظ على الروتين قدر الإمكان: يساعد ذلك على طمئنة الطفل وسط الفوضى والتغيير ويُشعره أن الأمور ستكون على ما يرام مرة أخرى. لذلك حاول أن يكون لديك أوقات منتظمة للوجبات والنوم والأنشطة التي اعتاد الطفل على ممارستها.
- ساعد الأطفال على الاستمتاع بأنفسهم: يساعد إلهاء الطفل في هذه الأوقات على تخفيف حدة شعورهم بالصدمة. لذلك شجع طفلك على ممارسة الأنشطة المفضلة لديه قدر الإمكان لمنحه الإحساس بالعودة للحياة الطبيعية.
- شارك المعلومات حول ما حدث: حاول أن تكون موجزاً وصادقاً واسمح لطفلك بطرح الأسئلة، فمصادر قلق الأطفال تختلف عن مصادر قلق البالغين في كثير من الأحيان. كذلك، اختر الأوقات الجيدة للتحدث حول هذا الأمر وما يقلقهم.
- امنع أو حد من التعرض للتغطية الإخبارية: يعد ذلك أمراً بالغ الأهمية مع الأطفال الصغار والأطفال في سن المدرسة، لأن مشاهدة الأحداث المزعجة يمكن أن تجعلها تبدو مستمرة ولن تنتهي؛ ما يصعِّب فرص التعافي.
- افهم أن الأطفال يتأقلمون بطرائق مختلفة: قد يرغب البعض في قضاء وقت إضافي مع الأصدقاء والأقارب وقد يرغب البعض في قضاء المزيد من الوقت بمفرده؛ فلكل طفل طرائق تأقلم مختلفة.
- استمع جيداً: من المهم أن تفهم كيف ينظر طفلك إلى الموقف، وما الذي يربكه أو يزعجه. لا تسعى إلى تلقينه محاضرة؛ فقط كن متفهماً ودعه يعرف أنه من الجيد إخبارك بما يشعر به في أي وقت.
- ساعد طفلك على الاسترخاء بممارسة تمارين التنفس: يصبح التنفس ضحلاً عندما يبدأ القلق، لذلك يمكن أن يساعد التنفس العميق من البطن الأطفال على الهدوء. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "دعنا نتنفس ببطء بينما أعد إلى ثلاثة، ثم ازفر بينما أعد إلى ثلاثة." أو ضع حيواناً محشواً أو وسادة على بطن طفلك وهو مستلقٍ واطلب منه التنفس والزفير ببطء ومشاهدة الحيوان المحشو أو الوسادة وهي ترتفع وتنخفض.
- اعترف بما يشعر به طفلك: إذا اعترف الطفل بمخاوفه لا ترد بـ "لا تقلق" لأنه قد يشعر بالحرج أو الانتقاد. ما عليك سوى تأكيد ما تسمعه: "نعم، يمكنني أن أرى أنك قلق وسنعمل على تجاوز ذلك معاً".
- لا تكلِّف الطفل بالكثير من المسؤولية في هذا الوقت: من المهم عدم إثقال كاهل الأطفال بالمهام لأن ذلك قد يكون مرهقاً للغاية بالنسبة لهم. بدلاً عن ذلك، يجب أن تقلل من التوقعات المتعلقة بالواجبات المنزلية والمتطلبات المدرسية في المستقبل القريب.
- وأخيراً، اعرف متى تطلب المساعدة: على الرغم من أن القلق والمشكلات الأخرى قد تستمر لأشهر، اطلب المساعدة الفورية من طبيب الأسرة أو مختص الصحة النفسية إذا لم يهدأ واستمرت لديه الأعراض ذاتها بنفس الحدة. كذلك، عليك الاعتناء بنفسك جيداً، فلن تتمكن من مساعدة طفلك إذا لم تعتن بنفسك أولاً.