العلم يتقدم ويصل إلى الكشف عن الاضطراب الثنائي القطب باستخدام تحليل دم: تعرَّف إلى التفاصيل

2 دقائق
الاضطراب الثنائي القطب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: ترتبط الأمراض النفسية في الثقافة الصحية العامة بأسباب غير عضوية أو غير بيولوجية؛ لكن اكتشافا علمياً جديداً يُظهر إمكانية تشخيص الاضطراب الثنائي القطب من خلال اختبار دم يخضع إليه المريض. هذا المقال يعرّفك إلى مسار هذا الاكتشاف وفوائده المحتملة لكشف مرض صعب التشخيص مثل الاضطراب الثنائي القطب.

الاضطراب الثنائي القطب اضطراب يصعب تشخيصه، لكن ثمة تقدماً علمياً تحقّق في هذا الإطار، فما هذا الإنجاز الذي حقّقه الطب لتسهيل اكتشاف المرض؟

ما هو الاضطراب الثنائي القطب؟

غالباً ما يخطئ المختصون في تشخيص الاضطراب الثنائي القطب الذي كان يسمَّى سابقاً "هوس الاكتئاب"، أو يخلطون بينه وبين اضطراب الاكتئاب الحاد.

إنه مرض نفسي يتميز باضطرابات مزاجية متكررة، تتخللها في بعض الأحيان نوبات هوس مع هياج قوي وإثارة عاطفية ونوبات اكتئاب. وغالبا ما يحدث الخلط بين هذا الاضطراب والاكتئاب لأن المرضى يستشيرون المختصين خلال فترات يشعرون فيها ببعض أعراض الاكتئاب؛ وهو الأمر الذي يعقّد عملية التشخيص.

وتنجم عن صعوبة التشخيص نتائج وخيمة مثل عدم خضوع المرضى إلى العلاج؛ ما يؤدي إلى تفاقم حالاتهم مع مرور الوقت أو خضوعهم إلى علاجات غير مناسبة لهم. فأخذ أدوية مضادة للاكتئاب دون إضافة أدوية تساعد على ضبط المزاج يمكن أن يفاقم الحالة النفسية لمريض الاضطراب الثنائي القطب على المدى البعيد.

تقدم هائل في تشخيص المرض

طوّر باحثون بريطانيون من جامعة كمبريدج اختبار دم يسمح بتحديد المؤشرات البيولوجية لهذا الاضطراب المعقّد. وسعى هؤلاء الباحثون إلى تحقيق تقدم حقيقي في تشخيص هذا المرض. ويُشخَّص هذا الاضطراب إلى يومنا هذا من خلال اختبار نفسي كامل يتطلب مدة انتظار طويلة جداً للحصول على التشخيص الصحيح.

ويتمثل التقدم الهائل الذي حقّقه اختبار الدم في إمكانية كشف هذا الاضطراب بسرعة وتجنّب أخطاء عدة في عملية التشخيص. وقد نشرت مجلة جاما سايكاتري (JAMA Psychiatry) في أكتوبر/تشرين الأول نتائج الدراسة التي أنجزها فريق الباحثين البريطانيين. ودرس الباحثون عينات دراسة أخرى معروفة باسم "دلتا"(Delta) أُجريت في المملكة المتحدة بين أبريل/ نيسان 2018 وفبراير/شباط 2020.

وأجاب 3,000 مشارك في هذه الدراسة عن أسئلة اختبار تقييمي عبر الإنترنت يتضمن 600 سؤال حول حالاتهم الصحية النفسية وتاريخهم الصحي. وأرسل 1,000 مشارك منهم عينة مجففة من الدماء.

واكتشف الباحثون مؤشراً بيولوجياً دالاً إلى الاضطراب الثنائي القطب حتّى بعد أخذهم بعين الاعتبار عوامل أخرى تزيد خطر الإصابة مثل تناول بعض الأدوية.  وأظهرت النتائج أن اختبار الدم يسمح بتشخيص ما يقرب من 30% من المرضى المصابين بالاضطراب الثنائي القطب.

ويمثل هذا الاختبار المرفق باستبانة صحية شاملة مساراً جديداً لتشخيص المرض لدى البالغين وتحسين حالاتهم الصحية النفسية.

كيف يمكن توظيف هذا الاكتشاف لخدمة المرضى؟

تكمن أهمية هذا الاختبار أيضاً في تقديم دليل علمي للمرضى حول هذا الاضطراب الذي يرهقهم في الغالب.

وأوضح الباحثان جاكوب توماسيك (Jakub Tomasik) وسابين بان (Sabine Bahn) ذلك في بلاغ لهما جاء فيه: "لاحظنا أن بعض المرضى يفضل اختبار المؤشرات البيولوجية لأنه يقدم نتائج موضوعية وملموسة، المرض النفسي له أساس بيولوجي ومن المهم أن يعرف المرضى أنه لا يدور في عقولهم فقط؛ بل هو مرض يؤثر في الجسم أيضاً مثل أيّ مرض آخر.

وعلاوة على القدرات التشخيصية التي تتمتع بها هذه المؤشرات البيولوجية، فمن الممكن استخدامها أيضاً في تحديد أدوية محتملة لاضطرابات المزاج؛ وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى توفير علاجات أفضل" .

المحتوى محمي