ملخص: في حلقة مفرغة، تؤثر الاضطرابات النفسية والجلدية بعضهما في بعض فيما يُعرف بـ "الحكة النفسية". فما أسباب حكة القلق؟ وكيف يمكن علاجها؟ إليك هذا المقال لمعرفة التفاصيل.
محتويات المقال
قد يُشار إلى الجلد على أنه "مرآة الروح" لقدرته على تمثيل العواطف بلغته الخاصة، فالخوف يصيبنا بالقشعريرة، والخجل يصبغ خدودنا باللون الأحمر. وكذلك؛ يمكن للقلق أن يثير شعوراً ورغبة في الحكة، ويُطلق على الشعور بالحكة بسبب القلق اسم "الحكة النفسية"؛ وهي حالة نادرة نسبياً لكنها تؤثر في حياة من يعانونها. فماذا تعرف عن الحكة النفسية المرافقة للقلق؟ وكيف يمكن علاجها؟ يستعرض لك هذا المقال التفاصيل التي تحتاج إليها.
ما هي الحكة النفسية؟
الحكة النفسية كما ورد في الدراسة المنشورة في دورية الطب النفسي المتعدي (Translational Psychiatry)، هي اضطراب تتمحور أعراضه حول شعور متفاقم بالحكة، يُحفَّز ويتفاقم بسبب عوامل نفسية، وليس لسبب جسدي أو جلدي.
وقد تصاحب الحكة النفسية اضطرابات أخرى مثل الاكتئاب والقلق واضطرابات الوسواس القهري والذهان. على وجه العموم، لم يتوفر تعريف أكثر تحديداً للحكة النفسية بسبب تفاوت آراء الباحثين حول تصنيفها؛ لكن يمكن تصنيفها وفقاً لباحثين في جامعة تكساس الأميركية (University of Texas)، في دراسة نُشرت في دورية عيادات الجلدية (Dermatologic Clinics)، إلى:
- حالة جلدية أولية مصحوبة بحكة؛ مثل الإكزيما أو الشرى (الأرتيكاريا)؛ ما يؤدي إلى ظهور مضاعفات نفسية مثل الاكتئاب أو الوسواس القهري.
- تفاقم شدة الحالة الجلدية؛ صدفية أو إكزيما أو غيرها، عند التوتر.
- اضطراب نفسي معين يؤدي إلى الشعور بالحكة.
اقرأ أيضاً: كيف تسبب الإكزيما الاكتئاب والتوتر؟
كيف يرتبط القلق بالحكة النفسية؟
يتأثر الجلد والنفس بعضهما ببعض في حلقة مفرغة. تشرح طبيبة الجلدية علياء أحمد كيف أن المصابين بالأمراض الجلدية يواجهون صعوبات نفسية بسبب أشكالهم، فيشعرون بالحياء والقلق من ردود فعل الآخرين، وينعزلون عن المجتمع ويُصابون بالاكتئاب؛ بينما تنعكس هذه المشاعر السلبية على الجلد، وتزيد حدة الأمراض الجلدية بما فيها الحكة.
أي يمكن القول إن العناية بالجلد والمظهر الخارجي تؤثر في الشعور بالثقة والراحة النفسية. وفي الوقت ذاته، تحفز العوامل النفسية مثل التوتر والإجهاد النفسي بعض الأمراض الجلدية مثل الحكة والإكزيما والصدفية، وفقاً لما أشار إليه الطبيب النفسي محمد آل مداوي.
اقرأ أيضاً: ما هي الإكزيما العصبية؟ وكيف يمكن علاجها؟
ما أسباب الحكة النفسية؟
أفادت الدراسة المنشور في دورية علم الأعصاب والمراجعات السلوكية البيولوجية (Neuroscience & Biobehavioral Reviews) بأن الجهاز العصبي المركزي، المسؤول عن تنظيم القلق يشارك في الإحساس بالحكة، ويؤدي دوراً مهماً في العلاقة بين الحكة والقلق.
على الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا بعد من تحديد الآليات وراء ارتباط القلق والحكة معاً، فإن ما هو واضح حتى الآن هو أنه لدى الشعور بالقلق والتوتر، ينشّط الدماغ استجابة الكر أو الفر، فيُطلق هرمون التوتر (الكورتيزول).
ثم يحفز الكورتيزول الجهاز المناعي لإطلاق الهيستامين؛ وهو مركب مسؤول عن الإشارة إلى الدماغ بالإحساس بالحكة (استجابة الحساسية)؛ حيث تُحدث الحساسية خللاً في الدفاعات الطبيعية لبشرتك، وتؤدي إلى حدوث بعض التغيرات مثل احمرار الجلد وجفافه وتقشره.
ذلك كله قد يجعلك تشعر بالحكة، وبطبيعة الحال، فإن العكس صحيح أيضاً. كل طفح، أو بقعة جافة وداكنة تظهر على بشرتنا، لديها القدرة على التأثير في صحتنا النفسية.
علاج الحكة النفسية: كيف يمكننا كسر هذه الحلقة المفرغة؟
يمكن للحد من القلق أن يقلل الحكة، ففي الواقع، بينت الدراسة السابقة أنه يمكن للأدوية المضادة للقلق، والعلاجات النفسية الاجتماعية؛ بما فيها العلاج المعرفي السلوكي، أن تخفف حكة القلق، وتمنح الشعور بمزيد من الثقة والراحة النفسية في الوقت ذاته.
العلاج المعرفي السلوكي
تقدم لك طبيبة الجلدية علياء أحمد بعض النصائح السلوكية للحد من حكة القلق:
- إدارة بيئتك الخاصة: حافظ على مزاج مرتفع بخلق بيئة إيجابية من حولك، باستخدام الشموع والروائح والأغاني والألوان المفضلة لك، للشعور بمزيد من الراحة النفسية.
- الانخراط في الحوار الذاتي: تحدَّث إلى نفسك بلطف عندما تشعر بالإحباط لتعزيز احترامك لذاتك وإدارة مشاعرك السلبية. يمكنك تكرار عبارات محفزة مثل " أنا أحترم نفسي، أنا أستحق، أنا فريد، لن أستسلم".
- المزيد من النوم: ينبغي لك النوم مدة 8 ساعات على الأقل في الليلة لمنح بشرتك الوقت الكافي للشفاء من تلقاء نفسها.
- الابتعاد عن المؤثرات السلبية: أياً كان ما يستنزفك نفسياً، أو يهاجم احترامك لذاتك، عليك بإقصائه تدريجياً من حياتك.
- شرب كمية كافية من الماء: حاول شرب ما لا يقل عن 2.5 لتر من السوائل يومياً لمنع جفاف الجلد.
- تدليك الوجه: يمكن لبعض أدوات تدليك الوجه تحسين الدورة الدموية وتنشيط الغدد الليمفاوية وتحفيز إنتاج الكولاجين، علاوة على تعزيز الاسترخاء.
اقرأ أيضاً: تعرف إلى كيفية الحد من قلقك باستخدام تقنية التحرر العاطفي
العلاج الدوائي
يمكن لبعض الأدوية النفسية التي يصفها مقدم الرعاية الصحية، أن تكون مفيدة لحكة القلق؛ مثل:
- الأدوية الموضعية التي لا تستلزم وصفة طبية: مثل المنثول أو الكمادات الباردة، ومضادات الهيستامين.
- الأدوية النفسية: يصفها مقدم الرعاية الصحية؛ مثل:
- مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات.
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs).
- مضادات الذهان.
- مضادات الصرع.
اقرأ أيضاً: هل يمكن علاج الاضطرابات النفسية بالأدوية فقط؟ الخبراء يجيبون
أخيراً، ما تزال حكة القلق غير مفهومة جيداً، وبحكم التعريف الواسع، فهي تتأثر وتؤثر بمجموعة كبيرة من العوامل؛ لكن عندما تعرقل قدرتك على أداء مهامك اليومية، أو تسبب تلفاً وأذية لجلدك، فحينها تنبغي لك استشارة الطبيب المختص.