يُعد القلق واحداً من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً في العالم، فوفقاً لقسم الصحة النفسية التابع لمدينة الملك سعود الطبية بالسعودية؛ وصلت نسبة الإصابة به في المملكة العربية السعودية إلى 23.2% ليتصدّر بذلك قائمة الأمراض النفسية هناك.
ويمكن أن يسبب القلق وفقاً للاختصاصي النفسي ميخا أبراهام (Micah Abraham) مجموعة من الأعراض الجسدية من ضمنها الشعور بالألم تحت الإبط؛ لكن نظراً لأن الآلام الجسدية قد تكون لها أسباب أخرى إلى جانب السبب النفسي، فمن المهم التعرف إلى العلاقة بين القلق والألم تحت الإبط أكثر حتى تستطيع فهم ما تعاني منه وكيفية التعامل معه.
ما أسباب الألم تحت الإبط؟
تتشارك العديد من الأسباب في ظهور الألم تحت الإبط وبحسب الطبيبة ديبورا ويذرسبون (Deborah Weatherspoon) أهمها:
- الشد العضلي: ينتج من تمدد الألياف الموجودة في العضلات والأوتار أكثر من اللازم أو تمزقها أحياناً، وتكثر الإصابة به بين الرياضين والأشخاص الذين يمارسون أنشطة تتضمن الشد أو الرمي أو الرفع.
- تضخُّم الغدد الليمفاوية: تُعد هذه الغدد جزءاً من جهاز المناعة في الجسم، ودورها الوقوف كحائط سدّ أمام الأجسام الغريبة بما فيها البكتيريا عن طريق تحفيز إطلاق الخلايا المناعية. لذلك عند العدوى، تمتلئ الغدد الليمفاوية بالخلايا الضارة ما يسبب الالتهاب والألم تحت الإبط، وعادة ما يختفي تورم الغدد الليمفاوية خلال عدة أسابيع، لذلك في حال استمراره لأكثر من 4 أسابيع فتجب حينها زيارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسبَين.
- استخدام مواد تهيج الجلد وتسبب الحساسية: مثل بعض أنواع مزيلات العرَق والصابون وغسول الجسم التي تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الجلد التماسي التحسسي، وهي حالة ينتج منها ظهور بثور صغيرة إلى جانب الشعور بالحرقان والحكة.
- الالتهابات البكتيرية والفطرية: بما أن الفطريات تتكاثر في البيئات الدافئة والرطبة فالإبط مكان مثالي للعدوى، وأبرزها عدوى السعفة الجسدية وهي عدوى فطرية شائعة تضرب الطبقة العلوية من الجلد وتؤدي إلى ظهور طفح جلدي أحمر على شكل حلقات.
- الإصابة ببعض أمراض المناعة: وأبرزها التهاب المفاصل الروماتويدي الذي يؤدي إلى التورم والتهاب الأنسجة الداخلية للمفاصل؛ ما يسبب الألم تحت الإبط أحياناً، إلى جانب الإصابة بمرض الصدفية الذي يمكن أن ينتشر في مناطق مختلفة من الجسد بما فيها الإبط مسبباً الشعور بالألم والحكة.
- وجود أورام شحمية في منطقة الإبط: تمكن معرفة هذا النوع من الأورام غير السرطانية بكونها لا تسبب الألم في بدايتها؛ لكن عندما تنمو فيمكن أن تسبب الألم بضغطها على الأعصاب والأوعية الدموية.
- ظهور خراجات في منطقة الإبط: وهي عبارة عن كتل مؤلمة تتراكم بداخلها سوائل من الجسم مسببة الألم في المنطقة التي تظهر بها.
كيف يسبب القلق الألم تحت الإبط؟
يفك لنا الاختصاصي النفس ميخا أبراهام خيوط العلاقة بين القلق والألم تحت الإبط بتأكيده أن الأعراض المصاحبة للقلق هي المتسببة بشكل كبير في تلك الآلام، وأولها زيادة معدل ضربات القلب وسرعة التنفس؛ إذ يتطلب ذلك مضاعفة عمل عضلات الصدر لاستيعاب الحركة السريعة للرئتين والقلب.
يصاحب ذلك تحفّز جميع عضلات الجسم التي تتأهّب لمواجهة المواقف العصيبة، حتى وإن لم يكن هناك مصدر خطر حقيقي، مع إفراز الكثير من الأدرينالين الذي يوتّر العضلات ويُشعر الشخص بالألم.
وهناك عامل آخر مؤثر ومهم للغاية هو أن التعرق الناتج من القلق؛ لكنه لا يُحدث الألم تحت الإبط بشكل مباشر إنما يسبب رغبة شديدة في الحكة تؤدي إلى الشعور بذلك الألم وعدم الارتياح.
لماذا يزيد القلق التعرق؟
ربما لاحظت يوماً ما أنه بمجرد قلقك يبدأ جسمك في التعرق بشكل واضح، وبالفعل تلك ظاهرة مثبَتة علمياً تشير إليها الاختصاصية النفسية لوري لورنز (Lori Lawrenz) بتأكيدها أن ظهور العرق على اليدين أو الوجه أو تحت الإبط أو أجزاء الجسم الأخرى يعد رد فعل شائعاً للقلق.
وذلك نتيجة أن القلق يضع الجسم في حالة تأهب لمواجهة المواقف الصعبة؛ ما يثير الجهاز العصبي اللاإرادي فتحدث ردود فعل جسدية مختلفة منها إفراز هرمون الكورتيزول وتسارع ضربات القلب وزيادة ضخ الدم وارتفاع درجة الحرارة، وجميعها عوامل تساهم في التعرق.
ما الذي يمكن فعله لتقليل الألم تحت الإبط بسبب القلق؟
توجد عدة نصائح يمكنك باتباعها تخفيف الألم تحت الإبط الناتج من القلق؛ وأهمها:
- تنفّس بعمق: فبحسب دراسة أجرتها جامعة بيزا الإيطالية (University of Pisa)؛ يساعد التنفس العميق على إرسال إشارات لجسمك من خلال الجهاز العصبي السمبثاوي تفيد بأنك في أمان ما يخفف من حالة التأهب للخطر التي يعيشها.
- جرّب أن تحصل على جلسات تدليك: فهي تخفف من قلقك وتقلل التوتر العضلي الذي تعاني منه.
- مارِس اليوغا من وقت لآخر: لدورها في جعل عضلاتك مرنة وقوية؛ ما يعني تقليل الألم فيها عند قلقك.
- راقب نظامك الغذائي: اجعله صحياً قدر الإمكان بدمج أنواع مختلفة من الخضروات والفواكه.
- لا تنسَ ممارسة الرياضة: ذلك لدورها في تحريك عضلاتك ورفع مرونتها، إلى جانب زيادة إفراز هرمون الإندروفين الذي يخفف من حِدّة قلقك.
- خذ استراحة من مزيلات العرق: وذلك لإتاحة فرصة التنفس الطبيعي لمنطقة تحت الإبط، وتقليل التهيج الذي يمكن أن تسببه.
يمكن أن يتسبب شعورك بالقلق في معاناتك من الألم تحت الإبط لكن غالباً ما يكون ذلك مؤقتاً ومرتبطاً بزوال القلق، لذلك في حال استمر الألم لفترة طويلة تجب عليك استشارة الطبيب حتى يشخص حالتك ويصف لك العلاج المناسب.