ما الذي يمكنك فعله لمواجهة قلقك من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظيفتك؟

4 دقائق
الذكاء الاصطناعي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: "هل وظيفتك مهددة من الذكاء الاصطناعي؟"، "هذه الوظائف ستندثر في المستقبل"، ربما تثير العناوين السابقة الشائعة في وسائل الإعلام قلقك من أن يأتي اليوم الذي تبلغك فيه شركتك بالاستغناء عن خدماتك لصالح روبوت تكلفة تشغيله أقل من راتبك، لكن الصورة في الحقيقة ليست مظلمة إلى هذا الحد المثير للذعر، لذا نقدم لك هذا المقال من نفسيتي الذي يساعدك على مواجهة قلقك من سيطرة الذكاء الاصطناعي على سوق العمل.

تطلعنا وسائل الإعلام بين الحين والآخر على أخبار مفاجئة عن التقدم الهائل الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي، فمن مطعم استغنى عن النُّدُل لتحل محلهم الروبوتات المتطورة التي تجوب أنحاءَه، إلى متجر سرّح الكثير من البائعين واضعاً بدلاً منهم آلات تتيح للمشتري أن يتسوق ويدفع دون الحاجة إلى التعامل مع البشر، أو توفير شركات توصيل الركاب سيارات ذاتية القيادة يهدد ظهورها لقمة عيش الآلاف من السائقين.

بكل تأكيد، تثير الأخبار السابقة في ذهنك تساؤلاً بديهياً ألا وهو: متى سيأتي الدور عليّ؟ ويترافق ذلك التساؤل حتماً مع قدر ليس بالهين من القلق والخوف، لذلك نقدم في مقالنا تحليلاً لدوافع قلقك وكيفية التغلب عليه بخطوات عملية.

كيف عبّر الموظفون عن قلقهم من الذكاء الاصطناعي؟

تعبّر كلير (Claire)؛ وهي موظفة علاقات عامة في شركة استشارية بريطانية كبرى في العاصمة لندن، عن القلق الذي أصابها مؤخراً نتيجة اجتياح الذكاء الاصطناعي، وتحديداً "تشات جي بي تي"، لمجالات عمل كثيرة، فتؤكد إنها مندهشة من سرعة التغير، وأصبح لديها تصور واضح لليوم الذي سيأتي يوم يحل فيه الذكاء الاصطناعي محلها.

ويشاركها القلق كاتب الإعلانات أليس مارشال (Alys Marshall) الذي على الرغم من أن وظيفته ذات جانب إبداعي واضح؛ لكنه يشير إلى أن الكثير من المبدعين قلقون من الذكاء الاصطناعي، ويأملون أن تظل الشركات تفضل الإبداع الأصيل الذي يمكن للإنسان تقديمه، وألا يدفعها السعر الزهيد وسرعة الإنجاز التي توفرها أدوات الذكاء الاصطناعي إلى الاستغناء عنهم.

وفيما يبدو أن قلق الموظفين في محله بعض الشيء، فقد نشر بنك "غولدمان ساكس" الأميركي (Goldman Sachs) تقريراً أوضح فيه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل مستقبلاً محل 300 مليون وظيفة، بينما أظهر استطلاع أجرته شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PricewaterhouseCoopers) أن ثلث الموظفين الذين شملهم الاستطلاع يعانون من القلق تجاه احتمالية الاستغناء عنهم وقيام التكنولوجيا بأدوراهم خلال السنوات الثلاث المقبلة.

الذكاء الاصطناعي يضرب الصحة النفسية في مقتل!

يمكننا تشريح جذور الخوف والقلق من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظائف البشر بالعودة إلى دراسة علمية أجرتها جامعة قوانغشي الصينية (Guangxi University) لرصد تأثير صعود الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية للعمال.

واستنتجت الدراسة أن الوظيفة بالنسبة إلى الكثيرين منهم ليست مجرد وسيلة تدر عليهم دخلاً مادياً؛ إنما هي جزء لا يتجزأ من هوياتهم وشعور كلٍ منهم بذاته، وأنهم قادرون على التأثير وتحقيق الأهداف التي يطمحون إليها.

وهذا ما يجعل الأخبار الرائجة عن سيطرة الذكاء الاصطناعي في سوق العمل مستقبلاً بمثابة ضربة مدمرة في صميم تقدير الشخص لذاته وما يستطيع تقديمه في الحياة بصفةٍ عامة، ومن هنا يمكن أن يتسلل إليه الشعور بأنه ليس كفؤاً؛ ما يجعله يعيش محبَطاً ويائساً من واقعه.

وثمة عامل آخر يسهم في زيادة المشاعر السلبية الناتجة من تطور الذكاء الاصطناعي؛ ألا وهو حالة عدم اليقين السائدة، فمعظم العاملين يشعرون بوجود خطر محتمل لكنه ليس مؤكداً بنسبة 100%؛ ما يجعلهم قلقين طوال الوقت ولديهم عجز حتى عن حسم موقفهم المتروك لدرجة التطور التي سيصل إليها الذكاء الاصطناعي، ومدى قدرته على السيطرة على صناعات سوق العمل المختلفة.

وفيما يبدو أن وسائل الإعلام تلعب دوراً سلبياً، فهي غالباً ما تصدر عناوين مثيرة للجدل تسلط من خلالها الضوء على اكتساح الذكاء الاصطناعي لدور الإنسان، وتسير في سياق أنه مع الوقت لن تكون ثمة حاجة للكثير من البشر لأن أدوارهم ستكون قد انتهت.

5 خطوات عملية لمواجهة قلقك من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظيفتك

مبدئياً، يطمئننا رائد الأعمال المصري عمرو عوض الله بأننا كبشر لدينا قدرة كافية على التأقلم مع الذكاء الاصطناعي والتغير بما يكفي لإيجاد وظائف في ظل توسع مجالاته. وحتى نحول ذلك التفاؤل إلى رؤية عملية؛ نقدم لك من نفسيتي 5 خطوات إرشادية لإدارة قلقك بشأن الذكاء الاصطناعي:

  1. تعرف إلى الذكاء الاصطناعي أكثر: يقولون إن الإنسان عدو ما يجهل، لذا تتمثل الخطوة الأولى لمواجهة قلقك من سيطرة الذكاء الاصطناعي في التعرف إليه واكتشافه جيداً حتى تكون أقدر على مواجهته.
  2. تأقلم مع الشعور بعدم اليقين: الحياة متغيرة، لذا حتى نتكيف معها علينا تقبُّل حالة عدم اليقين التي قد نعيشها من وقت إلى آخر. وبدلاً من محاربتها، فلنلحظ تأثيرها فينا ونبحث عن أساليب للتعايش مع محدوديتنا ونبذل ما في وسعنا لمجاراة الواقع.
  3. كن واعياً بدور وسائل الإعلام: تهدف وسائل الإعلام بمعظمها إلى تقديم الأخبار المثيرة وتناولها على نحوٍ يجلب إليها انتباه الجمهور؛ وهذا ما قد يجعلها أحياناً غير دقيقة أو متزنة. لذا؛ ابحث عن مصادر موثوقة لمعلوماتك عن الذكاء الاصطناعي، وربما تحتاج أحياناً إلى تقليل متابعتك للأخبار بهدف خفض قلقك.
  4. حدّث مهاراتك: حتى لو تقدَّم الذكاء الاصطناعي ووصل إلى مجالك المهني، فما زالت ثمة مساحة لأن تظل موجوداً في سوق العمل من خلال تطوير مهاراتك في مساحات لم يصل إليها الذكاء الاصطناعي بعد، وهو أمر يحتاج إلى الإيمان بفكرة أن التعلُّم لا نهاية له.
  5. وظف الذكاء الاصطناعي لصالحك: حتى نكون صريحين؛ يجب أن نعترف بأنه مهما بذلنا من جهد لن نستطيع وقف تقدم الذكاء الاصطناعي، لذا سيكون الأجدى توظيفه لخدمتنا على نحوٍ يجعلنا نتماشى مع تطوره؛ وهذا سيحد بدرجة كبيرة من تسبُّبه في فقداننا لوظائفنا.

أخيراً، دعني أنير لك شمعة تساعدك على التخفيف من عتمة خوفك وقلقك من الذكاء الاصطناعي، وأخبرك إن هذه ليست المرة الأولى التي يخاف فيها الإنسان من سيطرة الآلة. فعلى سبيل المثال؛ عند ظهور ماكينات الخياطة ظن الخياطون أنهم سيفقدون وظائفهم إلى الأبد لكن هذا لم يحدث. لذا؛ أنصحك ببذل قصارى جهدك للتأقلم مع الذكاء الاصطناعي، وستكتشف حينها أنك ربما بالغت في مخاوفك.

المحتوى محمي