ملخص: يثير بعض الاضطرابات النفسية الحيرة حول الفروق بينها وكيفية تمييزها؛ ومنها اضطراب الشخصية السيكوباتية والشخصية المضادة للمجتمع اللذين نتيجة تشابه الكثير من الأعراض بينهما قد يختلط فهم المصابين لكل منهما؛ لذا نستعرض في هذا المقال الفروق الدقيقة بينهما إلى جانب طرائق علاجهما.
محتويات المقال
يحتار البعض أحياناً في التفرقة بين أنواع الاضطرابات النفسية، ومن أشهر الاضطرابات المتداخلة الشخصية السيكوباتية والشخصية المضادة للمجتمع، فنتيجة التشابهات بين هذين النوعين من اضطرابات الشخصيات؛ تظهر صعوبة في معرفة الفرق بينهما. لذا؛ يتناول هذا المقال الفروق الدقيقة التي تساعد على معرفة كل نوع منهما بالإضافة إلى طرائق العلاج الممكنة.
ما هو اضطراب الشخصية السيكوباتية؟
يُعرف استشاري العلاج النفسي محمد سالم القرني اضطراب الشخصية السيكوباتية بأنه مصطلح يعبر عن اضطراب شخصية تتسم بالسلوك غير الأخلاقي المعادي للمجتمع والأنانية وعدم الصدق، وعدم المسؤولية ونقص القدرة في الحب أو إقامة علاقات شخصية هادفة، إلى جانب الإشباع الفوري للرغبات دون النظر إلى العواقب وعدم الشعور بالذنب أو الندم.
والشخصية السيكوباتية لديها سمات تتداخل مع سمات اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وللتوضيح أكثر، فبعض الباحثين يرون أنها نسخة أكثر عنفاً من اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، فالسيكوباتيين يُظهرون نقصاً ملحوظاً في الشعور بالذنب والتعاطف عن المعاديين للمجتمع.
ما هو اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع؟
يُصنف اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع باعتباره أحد اضطرابات الشخصية، ويظهر في تأثيره على طريقة تفكير الشخص ومشاعره وتصرفاته. وتشير الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين (American Psychiatric Association) إلى أنه يمكن أن يتسبب في ممارسة سلوكيات ينتج منها تجاهل حقوق الآخرين أو انتهاكها، فالمصابون به غالباً ما يُظهرون سلوكيات متهورة وعدوانية وهم في الوقت نفسه لا يتمتعون بالتعاطف الكافي تجاه من حولهم ويواجهون صعوبة في الحفاظ على علاقاتهم بهم. كما تزيد احتمالية نشاطهم الإجرامي وتعاطيهم المخدرات؛ لكن من المهم لفت الانتباه إلى أنه ليس الأشخاص الذين يعانون اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع كلهم منخرطين في أنشطة إجرامية.
أعراض اضطراب الشخصية السيكوباتية
تشمل الأعراض:
- سرعة الملل.
- الكذب القهري.
- التلاعب بالآخرين.
- عدم الشعور بالذنب.
- صعوبة التعاطف.
- ممارسة القسوة دون ظهور أي تبعات نفسية.
- استغلال الآخرين.
- عدم تحمل المسؤولية.
- تعدد العلاقات.
أعراض اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع
تشمل الأعراض:
- خداع الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية.
- ارتكاب الجرائم.
- تجاهل القواعد أو اللوائح التي تضمن سلامة الآخرين.
- التصرف بتهور أو عدوانية.
- تبلد المشاعر تجاه الآخرين.
- الكذب المستمر.
- عدم وجود علاقات اجتماعية وثيقة.
- مواجهة صعوبة في الاستقرار بوظيفة أو إكمال شهادة تعليمية.
- الإقدام على المخاطرة دون وجود أي سبب منطقي.
أسباب الإصابة باضطراب الشخصية السيكوباتية
يسهم العديد من العوامل الوراثية والبيولوجية والبيئية في الإصابة باضطراب الشخصية السيكوباتية؛ لكن الأسباب الواضحة لهذا الاضطراب ما زالت غير مفهومة، وما يمكن تأكيده هو أن بيئة الشخص التي تشمل تجاربه في الطفولة وأسلوب تربيته تُعد من أهم المؤثرات المؤدية إلى ظهور هذا الاضطراب لاحقاً.
للتوضيح أكثر، فالأطفال الذين يتعرضون إلى الإيذاء الجسدي أو الجنسي أو العاطفي سيكونون أكثر عرضة إلى الإصابة باضطراب الشخصية السيكوباتية من غيرهم؛ كما أن الأطفال الذين كانت صلتهم بوالديهم هشة هم أيضاً أكثر عرضة إلى أن يصبحوا سيكوباتيين.
أسباب الإصابة باضطراب الشخصية المضادة للمجتمع
من المثير للاهتمام أن اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع يرتبط بخلل واضح في عمل اللوزة الدماغية التي تساعد الأشخاص على التفاعل مع الأحداث الخطِرة وتنظيم عواطفهم على نحو مناسب.
وقد لوحظ بعض التغيرات في بنية أجزاء معينة من أدمغة الأشخاص المضادين للمجتمع ووظيفتها؛ مثل قشرة الفص الجبهي والقشرة الصدغية، وعلى الرغم من قوة ذلك السبب، فأيضاً يمكن أن تؤثر البيئة التي يعيش فيها الشخص في ظهور اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع.
علاج اضطراب الشخصية السيكوباتية
غالباً لا يقتنع الأشخاص السيكوباتيون بوجود مشكلة لديهم تحتاج إلى العلاج؛ لذا فهم لا يفكرون إطلاقاً في الحصول على دعم المتخصص النفسي، وغالباً ما يلجؤون إلى ذلك بالضغط عندما يقعون في مشكلة قضائية أو مهنية على سبيل المثال.
ويحاول بعض المصابين باضطراب الشخصية السيكوباتية أحياناً الحصول على الدعم المتخصص لمواجهة الأعراض النفسية التي قد تترافق مع اضطرابهم مثل الاكتئاب أو التوتر أو تعاطي المخدرات؛ لكن في المجمل، نظراً إلى أن معظم السيكوباتيين لا يذهبون لتلقي العلاج النفسي بمحض إرادتهم؛ فلا توجد سوى أبحاث علمية قليلة حول طرائق العلاج المفيدة.
وهذا لا يعني أن العلاج النفسي لا يساعدهم؛ لكن المؤكد أنه لن ينجح إلا عندما يبذل الشخص جهده فيه عن طيب خاطر، ومن الجدير بالذكر إن فعالية العلاج النفسي تزيد إذا تم قبل الوصول إلى مرحلة البلوغ، فحينها ستكون الفرصة أكبر لتغيير السلوكيات السيكوباتية.
علاج اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع
كان يُعتقد قديماً أن اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع يستمر طوال حياة المصاب به؛ لكن مع تقدم أساليب العلاج النفسي، لم يعد هذا صحيحاً تماماً؛ إذ تشير الأدلة إلى أن السلوكيات المضادة للمجتمع يمكن تحسينها بالتوازي مع تناول الأدوية اللازمة، وفي الوقت نفسه، هذا لا ينفي صعوبة علاج هذا النوع من اضطراب الشخصية، فالمصاب به غالباً ما يتردد في طلب المساعدة.
وحين يبدأ رحلة العلاج، يلجأ الطبيب النفسي معه إلى عدة أساليب أهمها العلاج المعرفي السلوكي أو العلاج الكلامي الذي يهدف إلى مساعدته على إدارة مشكلاته عن طريق تغيير طريقة تفكيره وتصرفاته، إلى جانب وصف بعض الأدوية له في حالات محددة مثل مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان، لتحسين الأعراض التي يعانيها مثل العدوانية والتهور.